من الأدب الفرعوني| «لقد ربيتني صغيرًا».. من رسائل تلميذ لـ«معلمه»
الصورة المستخدمة في المقالة تحمل رخصة المشاع الإبداعي
حظيت مدارس الكتابة في مصر القديمة بمكانة هامة وكانت تسمى “بيوت الحياة”، وفيها كان الطلاب يتعلمون الحروف الهجائية والحساب والإملاء، بحسب الدكتور سليم حسن في كتابه “الأدب المصري القديم”، مشيرا إلى أن المدرسين العاملين بتلك المدارس كانوا من كبار الكتبة المتمرسين، وكان عليهم أن يخرجوا جيلا جديدا من الكتبة ليعملوا في الدواوين الحكومية، ملمحا إلى أن المعلم المصري القديم عومل باحترام كبير من قبل تلاميذه، ما جعل بعضهم يكتب رسائل أدبية عبروا فيها عن امتنانهم العظيم وتقديرهم لدور المعلم في جعلهم كتابا ناجحين.
لقد ربيتني صغيرًا
“لقد ربيتني صغيرًا حينما كنت معك، وقد ضربت ظهري ولذلك دخل تعليمك أذني، وإني كالجواد الشارد فلا يأتي النوم نهارًا إلى قلبي، ولا يأخذني ليلًا لأني أريد أن أكون مفيدا لسيدي” يورد الدكتور سليم حسن في كتابه “الأدب المصري القديم” فقرات مجتزأة من (بردية أنستازي) والمحفوظة حاليا بالمتحف البريطاني، وهي عبارة عن رسائل شكر كتبها بعض تلاميذ مدارس الكتابة يعبرون فيها عن شكرهم وتقديرهم لمعلمهم، ويوضح حسن أن الفقرة السابقة تشير بوضوح إلى أن عنصر التربية كان له الأولوية قبل التعليم، لافتا إلى أن أغلب النصائح التي خلفها كبار الكتاب أكدت على القيم الأخلاقية الواجب توافرها في طلاب العلم.
اعتراف بالجميل
ويشير حسن إلى أن الرسالة تحتوي اعترافا صريحا من الطالب بفضل أستاذه عليه وكيف أنه بفضله أصبح مهموما بالتعلم ليل نهار، ويمضي الطالب في الثناء على معلمه متمنيا له كل جميل في الحياة فيقول: “وأني أحب أن أقيم لك قصرا جديدا على أرض مدينتك مغروسا بالأشجار على كل جانب من جوانبه، سأزرع لك خمسة أفدنة حديقة خضراء في جنوبي مدينتك” ثم يدعو له بطول العمر والصحة قائلا: “ليت آمون يمنحك السرور في قلبك وليته يهبك عمرا طويلا حسنا حتى تعيش عيشة سعيدة، وحتى تبلغ العلا، وتكون شفتك في صحة، أعضاؤك نامية وعينك تبصر على بعد”.
خلود المعلم
ويسوق حسن مثالا آخر لطالب يؤكد أن معلمه سيكون خالدا مثل الآلهة بفضل دوره في تعليم الطلاب، فيورد الطالب: “سيدي الطيب، أنك ستبقى وسيكون لديك طعام كل يوم بجانبك وستكون فرحا سعيدا كل يوم وممدوحا مرات يخطئها العد، وكل يوم تزداد شبابا، وسيأتي عام يذكر الإنسان جمالك، ولن يوجد مثيلك، عيناك براقتان كل يوم، وأذنك مرهفة وشهورك تمضيها في فلاح، أنت تُقصى عنك الغرب الجميل (بمعنى أنك تؤخر يوم الموت) ولن تصبح مسنا، ولن تكون مريضا وستعمر مائة بعد العاشرة على الأرض”.
هوامش
الأدب المصري القديم – دكتور سليم حسن – الهيئة العامة للكتاب “مهرجان القراءة للجميع 2000” – من ص 373 إلى 375.
اقرأ أيضًَا:
من الأدب الفرعوني| “لا تمثل دور الرئيس مع زوجك في بيتها”.. نصائح “آني”
من الأدب الفرعوني| “سحتب رع” لأبنائه: احترموا الملك “أمنمحات”
من الأدب الفرعوني| “لا شيء يفوق الكتب”.. تعاليم خيتي بن داووف
13 تعليقات