من الأدب الفرعوني| "السكين ترهف لم يحيد عن الصراط" هكذا قال "كاجمني" في تعاليمه
الصورة لأحد كتاب مصر القديمة – تحمل رخصة المشاع الإبداعي
يلفت العالم الأثري سليم حسن في كتابه الأدب المصري القديم إلى أن ورقة باريس التي احتوت تعاليم بتاح حتب، احتوت أيضا جزء صغيرا من تعاليم كاجمني مرجعا ذلك للتشابه الواضح بينهما، معتقدا أن الجزء المفقود من تعاليم كاجمني ربما أورد أن الملك حوني والذي حكم في عصر الأسرة الثالثة (2650-2575ق.م)، أمر عددا من وزراءه ورجال بلاطه بأن يدونوا خلاصة تجاربهم المهنية والحياتية في كتاب حتى تكون بمثابة مبادئ ونصائح للأجيال القادمة، ومن بين هؤلاء كان الوزير كاجمني.
ويتحفظ حسن على اسم الوزير، مشيرا إلى أن الوزير المعروف بهذا الاسم عاش في عصر الأسرة السادسة (2323-2150ق.م) أي بعد عصر حوني ببضع مئات من السنين.
وطبقا لحسن فقد اعتمد على ترجمة كل من أرمان وجريفيث للجزء المتبقي من التعاليم المكونة من ثلاث فقرات وخاتمة يظهر فيها أن كاجمني يوجه كلاما حازما لأبنائه في مسائل تتعلق بالسلوك الشخصي والآداب العامة ومعاملة الناس.
السكين ترهف لمن يحيد عن الصراط
يؤكد كاجمني على أهمية الاستقامة في الحياة وما تحققه من مكاسب للشخص فيورد قائلا:
“ومن يستقم في معاملته يمدح، وتفتح الخيمة للمتواضع، والحذر في كلامه يفسح له مكان رحب، ولكن السكين ترهف لمن يحيد عن الصراط”، وبحسب حسن يؤكد كاجمني على خطورة الكلمة التي تخرج دون تفكير وتبصر وعبر عن ذلك باستعارة مكنية حين قال “السكين ترهف لمن يحيد عن الصراط” بمعنى أن مخاطر عدم الاستقامة والقيل والقال قد تودى بحياة الشخص.
ضبط النفس
وفي هذه الفقرة يلفت حسن إلى أن كاجمني يتحدث عن فضيلة ضبط النفس خصوصا أمام الطعام والشراب، ويوصى أبنائه بالتعفف والاكتفاء بالقليل من كل شيء ويحذرهم من تبعات الشره على الإنسان جسمانيا وخلقيا، فينصح موردا: “أن ضبط النفس لا يكلف الإنسان أكثر من لحظة، وأنه لمن العار أن يكون ألإنسان شرها، فقدح من الماء يروي الغلة، أن الإنسان الشره تعس في جسمه، وإذا جلست مع إنسان شره فلا تأكلن حتى يفرغ من وجبته، وإذا جلست مع إنسان سكير فلا تشربن إلا بعد أن يشبع شهوته، ولا تتكالبن على اللحم”.
لا تكونن فخورا
وفي هذا الجزء ينتقل كاجمني للحديث عن رفضه لفكرة الفخر خصوصا بالقوة الجسدية والتي هي هبة من الله وليس للشخص أي فضل في وجودها، ويحذر من أن الفخر قد يؤدي إلى عقاب الإله، فيقول: “لا تكونن فخورا بقوتك بين من هم في مثل سنك، واحذر من أي فرد يغالبك، لأن الإنسان لا يعرف ماذا يكون حظه؟ وما يفعله الله حين ينزل العقاب”.
الخاتمة
وفي خاتمة التعاليم ينادي الحكيم كاجمني على أولاده ويقول لهم: “اصغوا إلى كل ما في هذا الكتاب كأني تكلمته، وعندئذ سجدوا وقرأوه كما هو مكتوب وقد كان محببا إلى قلوبهم أكثر من أي شيء آخر في الأرض قاطبة، وقد قاموا وقعدوا حسبما جاء فيه (أي أنهم ساروا حسب تعاليمه) وعلى أثر ذلك عين كاجمني مشرفا على العاصمة ووزيرا”.
هوامش
الأدب المصري القديم “بي دي أف” – تأليف دكتور سليم حسن – مهرجان القراءة للجميع 2000 – من ص 188 إلى ص 190.
تعليق واحد