ملك البهجة والسرور.. الشربات مشروب الأفراح الرسمي بدشنا
الشربات مشروب شعبي عُرف في دشنا منذ القرن الماضي، وارتبط تحضيره بالأفراح والمناسبات السعيدة في وقت كانت الجملة التقليدية التي تسمعها بعد انطلاق عاصفة الزغاريد “بلّوا الشربات”، ولا تمر لحظات حتى تدور الصواني محملة بكؤوس حمراء براقة حلوة المذاق على خلفية من الزغاريد والأغاني.
وظل المشروب الرسمي للأفراح حتى أوائل الثمانينات، لكنه تراجع بسبب انتشار مشروبات المياه الغازية كبديل عملي للشربات، وبرغم اندثاره كمشروب معبر عن البهجة والسرور، إلا أنه ما زال جزءا من الموروث الشعبي اللغوي لأهالي دشنا، فتختفي عبارة “بلوا الشربات” وتحل مكانها عبارة “فلان دمه شربات”، كتعبير عن خفة الظل والروح.
الشربات
تقول أم وجيه، 83 عاما، ربة منزل، إن الفتيات كن يعرفن إذا جاءت امرأة لتخطب إحدانا لابنها، فحين كانت تأمر والدتي بإعداد الشاي كانت تقاطعها وتقول “خليها شربات”، فكنا نعرف أن في الأمر خطبة وكنا – طبعا- نحاول جاهدات أن نتسمع من وراء الباب المغلق لنعرف من هي المقصودة.
وتردف أم وجيه، وحين كانت تتم الخطبة كان والدي يسارع بشراء لفافات شربات الورد الأحمر والتي كانت عبارة عن لفافة بها 6 زجاجات مبرشمة ومغلفة بالبلاستيك، وكان ثمن اللفة وقتها لا يزيد عن قرشين، وكما كنا نتلقى عشرات اللفافات من الأهالي والجيران تعبيرا عن سعادتهم لسعادتنا، وكانت أمي على مدار أيام وأسابيع توزع الشربات ليل نهار على جيرانها وأحبابها.
شربات ورد
يلفت إكرام مصري، 67 عاما، تاجر، إلى أن مشروب الشربات في الأساس كان يستخرج من براعم الورد البلدي والذي كان يتميز بحلاوة الطعم وكان يسمى شربات ورد، ومع تراجع زراعة الورد البلدي ظهرت أنواع مصنوعة من الفواكه وخصوصا الفراولة والتوت، كما صنعت شربات المانجو والجوافة وشربات اللوز، ولكن ظلت الحمراء المصنوعة من الفراولة أو التوت الأكثر طلبا لارتباطها بالمناسبات السعيدة مثل الخطبة، والزواج، والحج، ونجاح الأبناء، لافتا إلى أن أبرز المصنوعات كانتا مصرية خالصة من إنتاج شركتي “قها وإدفينا” واللتان تخصصتا في صناعة جميع أنواع المشروبات والعصائر.
ويؤكد مصري، أنه حتى أوائل الثمانينات كان شربات الورد أو الفراولة علامة الأفراح في دشنا، ولكنه تراجع بظهور مشروب “الكازوزة” وهو مشروب غازي كان يحضر في معمل بدشنا عبارة عن الليمونادة ومضاف إليها الكربونات، ومع انتشار الكوكاكولا كمشروب غازي ذو طعم مقبول وذو خواص هاضمة اندثر الشربات تماما كمشروب أفراح شعبي، وإن ظلت بعض الشركات تصنعه في زجاجة ذات شكل جذاب، لافتا إلى أنه تستخدم حاليا في محلات الحلويات لتزيينها أو في محلات العصائر.
مشروب صيفي
يروي محمود عبدالهادي، 55 عاما، موجه، أن الشربات كان يتواجد بشكل مستمر في المنازل خصوصا في فصل الصيف، فكانت الأمهات تعده لنا كمشروب منعش ذو طعم حلو وكان تحضيره عبارة وضع الماء المثلج والسكر، وكنا نستمتع به كثيرا، وفي الأفراح كنا نتبارى من يشرب أكبر عدد من الأكواب.
ويلمح عبدالهادي، أنه بالرغم من ظهور مشروبات كثيرة في الأفراح، مثل المشروبات الغازية والعصائر وغيرها، إلا أن شربات الورد الأحمر سيظل ملك البهجة بسبب لونه المحبب والمعبر عن الفرح وطعمه اللذيذ والمنعش.
هاتي الطشت
أم علي، 70 عاما، ربة منزل، تذكر أن جدتها كانت تصر دائما في المناسبات السعيدة أن تقوم هي بإعداد الشربات، وكانت تقول “هاتي الطشت أما أبل الشربات يا بت”، وكانت تجلس على كرسي منخفض وتضع الطشت أمامها وتفرغ الماء ثم تضع السكر وتستمر في التحريك ثم تسكب بعض زجاجات الشربات وتحركها قليلا، ثم تضع قطع الثلج وبعد لحظات تستخدم المغرفة في ملئ أكواب الشربات، وتوضح أن فرحة جدتها بخطبة إحداهن أو نجاح أحد من أخوتها كانت تتمثل في إعدادها الشربات بيدها.
2 تعليقات