ملف| كيف نحتفل بمرور أربعين عاما على رحيل يحيى الطاهر عبدالله؟
القلق.. ومحاولة ألا تكون سوى نفسك. هنا باختصار تكمن حكاية يحيى الطاهر عبدالله (1938-1981) فتى جنوبي مشحون بالعناد، والإحساس الضخم بالذات والخيال المحلق. الخيال هو النعمة الوحيدة التي اعتبر أنه حصل عليها من الحياة.. “الحمد لله الذي لم يسلبني كل نعمة فمنحني نعمة الخيال”، أو كما كتب فى أوراق غير منشورة: «كان المرحوم صاحب خيال، وكان ككل أصحاب الخيال يرى أنه وحيد عصره وفريد زمانه»!
يحيى الطاهر
في أوائل الستينيات جاء من قريته الصغيرة الكرنك في الأقصر إلى القاهرة، محاولا أن يخلق عالما خاصا به لا يشتبه مع أحد غيره. كان همه الكتابة، لا شيء سواها، يرفض العمل الحكومي ويفضل أن يلتقط رزقه كمصطفى بطل روايته الطوق والأسورة من الطرقات كالأنبياء والطير. فالكتابة مهنة شاقة، تحتاج من الكاتب أن يهبها كل وقته وكل حياته، مهنة لا ينبغي أن يكون هناك شيء آخر بجوارها. ومن هنا لم يكن يعاني ازدواجية «الفنان الموظف». بل يعيش في حالة كتابة دائمة ولم تكن حياته وأخلاقه سوى تجسيد لهذا المعني: «أنا أعيش لكي اكتب». كان قادرا أن يحول الكتابة إلى ممارسة حياتية تستغرق عليه كل وقته يحكي ويحكي ولا أحد يستطيع أن يوقفه «لماذا تحرمني من أن أكون فنانا فيما دونته وفنانا في حياتي. الكتابة بالنسبة لي متعة كما هو الأكل». كان يحيي هو نفسه حكاية، «مبدع يحب النار المشتعلة ويولع بالجمر الأحمر المتوقد» كما يقول صديقه خليل كلفت. وقد لخص حياته في كلمات قصيرة سجلها في إحدى أجنداته: «في الكرنك القديم مركز الأقصر.. ولدت ورقصت بالقدمين وسبحت في الترع واللجج التي كان يصنعها النيل لما يفيض أيام التحاريق وكنت أخرج عاريا كما ولدتني أمي: أسماء بنت عبدالسميع عبدالقادر، ألبس ثوبي أمام عيونكم يا أعمامي ويا أخوالي الأكثرين، وأطلع نخلة عبدالله التي لا يملكها أيكم، وآكل من ثمرها الملون الطيب. في ليلة مثل هذه شديدة البرد وفي أيام مثل تلك التي نحياها يتعذر علي فرد مثلي أن يغادر بيته ثم يعود سليم البدن سليم الروح». وحتى يعود يحيى سليم الروح كان لابد أن يكتب.
كيف نحتفل؟
في إبريل القادم، سيكون مر على رحيل يحيى أربعين عاما، مناسبة لكي تلتفت مؤسسات الثقافة المصرية إلى تجربة صاحب محبوب الشمس، هناك مؤتمر دولي للرواية سيعقد فى القاهرة في فبراير القادم، هل يمكن أن يخصص المؤتمر محورا كاملا عن روايات يحيى؟، أو أن يحمل المؤتمر اسمه أيضا أو تهدى إليه أعماله، ويمكن أن يحتفي معرض القاهرة الدولي للكتاب بتخصيص محور أيضا، أو علي الأقل هناك عشرات من الرسائل الجامعية التي تناولت تجربة يحيي ولم تنشر حتى الآن فى كتب، يمكن أن تتيحها الهيئة للقراء، بدلا من أن تبقى حبيسة مكتبات الجامعة. ستتبقى مهمة أخرى للأسرة جمع ما لم ينشر ليحيى سواء ما كتب للأطفال أو للكبار، وقد بدأت الأسرة بالفعل فى حصر هذه الأعمال، التي تحمل مفاجآت عديدة. المهمة الأخرى للأسرة أعلنتها منذ أيام، بتخصيص جائزة للقصة القصيرة للكتاب الشبان. وفق شروط أعلنت عنها أسماء يحيى الطاهر: ألا يتجاوز عمر المتقدم أربعين عاما، وألا يكون قد سبق له نشر مجموعة قصصية من قبل، أما عن قيمة الجائزة فليس هناك مقابل مادي لكن ستتولى الجائزة طباعة العمل الفائز بالمشاركة مع إحدى دور النشر الشهيرة، فضلا عن ميدالية تحمل صورة صاحب «الطوق والإسورة».
عن الجائزة
خصصت أسرة يحيى إميلا خاصا لتلقي الأعمال الراغبة فى التقدم من خلال البريد الإلكتروني:
yehiaeltaher.prize@gmail.com
كما يمكن تنزيل استمارة المشاركة من هنا
اقرأ أيضا
21 تعليقات