مسلسل «الحشاشين».. وأزمة ازدراء التاريخ
رسالة المسلسل المهمة ضاعت مع عدم انضباط الدراما
كيف تصنع عملا دراميا يزدري التاريخ ويحتقر وقائعه؟
الإجابة في مسلسل «الحشاشين»، الذي تلاعب بالوقائع التاريخية بلا أي ضرورة درامية، إلا التعبير الحقيقي عن كراهية عميقة للتاريخ تصل إلى مرحلة الازدراء والاحتقار الكامل. وهذه الرسالة طغت على رسالة المسلسل الأصلية، والذي أريد منه عمل مضاهاة تاريخية مع التنظيمات الإرهابية المعاصرة. لكن الأخطاء التاريخية الفجة والمتعمدة في رأيي، أضرت العمل وأفقدته البوصلة، وأضعفت من قدرته على توصيل أي رسالة تربط بين الماضي والحاضر.
متابعة أول خمس حلقات من العمل المصنف دراما تاريخية، كاشفة جدا عن التعمد في الخطأ التاريخي، لا مجرد ارتكاب أخطاء تاريخية. وهو أمر مؤسف يكشف عن عدم فهم لمعنى الدراما التاريخية، وحتى القول بأن العمل فانتازيا تاريخية يخصم منه ولا يضيف إليه.
هنا نقول إن الدراما التاريخية لها معايير أساسية تتعلق باحترام الوقائع الرئيسية والثابتة التي لا يمكن تخطيها. وإلا فقد العمل صلته بالتاريخ الذي يريد صناع العمل محاكاته، وإعادة تمثيله بشكل مبدع. ومستقل فالمبدع الحقيقي له الحق في استخدام المادة التاريخية في خلق منتج إبداعي وهذا لا يتعارض مع الحفاظ على دقة المعلوماتية. وهي مشكلة راسخة في التعاطي المصري مع الدراما التاريخية. الأمر الثاني أن لا يخالف العمل الدرامي منطق الشخصيات التاريخية، كأن يصور العمل هانبيال العبقرية الحربية، كشخص غبي. أو عنترة بن شداد كشخص لا يعرف كيفية استخدام السيف أو كشخصية جبانة يفر من أرض المعركة. هذا ممكن في عمل فانتازي يكون ساخرا عادة، ويريد توصيل رسالة في هذا الإطار.
***
في رأيي أن القائمين على مسلسل «الحشاشين»، وقعوا في الخطأ بسبب تجاهل المعيارين اللذين حددتهما. ففي الأول نجد أخطاء تاريخية فجة ومتكررة وبلا أي داعي ولا ضرورة درامية تتعلق بتواريخ ثابتة. فوجدنا الأحداث التاريخية تتداخل في المسلسل بين تقديم وتأخير بلا أي ضابط ولا رابط. فالإيقاع التاريخي للمسلسل مرتبك، مثلا نجد كريم عبدالعزيز بنفس الهيئة تقريبا في مشاهده في مصر وفي أصفهان وفي قلعة ألموت. كأن هذه الأحداث تقع في الزمن صفر، وليس في سنوات متفرقة تترك علامة على ملامح بطل المسلسل!
ووجدنا في الناحية الأخرى أفعال تخالف منطق الشخصيات التاريخية الأمر الذي شوش على تلقي المشاهد لهذه الشخصيات. فعلى الرغم من أن المسلسل تبنى المباشرة في تحديد أهل الشر والخير. إلا أن المعالجة تصيب المشاهد بالحيرة عندما لا يفهم من هم أهل الخير ليشجعهم، ومن هم أهل الشر ليكرههم. وهنا واحدة من النقاط الفوضوية في المسلسل الذي يحرص أكثر من مرة على التأكيد أن الحسن بن صباح رمز الشر المطلق. لكن هل وصلت هذه الرسالة إلى المشاهد؟ أشك. من أجل كل هذا نستعرض في السطور التالية الأخطاء التاريخية الفجة التي وقع فيها المسلسل ثم نعرض لبعض القضايا الأساسية في العمل ككل.
أخطاء بالجملة
منذ المشهد الأول في المسلسل نواجه الأخطاء التاريخية بسبب التعامل الاستعلائي مع الوقائع التاريخية. فنحن نشاهد اهتمام ملك فرنسا بقلعة ألموت الواقعة في قلب العالم الإيراني، وهو أمر غير صحيح، لأن الاتصال المباشر بين الفرنجة وبين الإسماعيلية تم في الشام وفي فترة تالية على وفاة الحسن بن صباح نفسه. والمشهد كله مرتبط بشخصية رشيد الدين سنان، الملقب بشيخ الجبل، وهو زعيم الإسماعيلية النزارية في الشام، والرجل الذي سينخرط في خضم الحروب الصليبية. الأمر الذي سينتج عنه أساطير بين صفوف الصليبيين فيتولد عنها مسمى الحشاشين الذي سينتقل إلى أوروبا، وينتج بدوره خيالا استشراقيا من المؤسف أن يعود مسلسل (الحشاشين) لتبنيه مجددا عبر وسيط الروايات الأدبية مثل (سمرقند) لأمين معلوف.
يقدم المسلسل صورة ساذجة ومليئة بالتناقضات لشخصية الحسن بن صباح، فهو صاحب قدرات خارقة تجعله يحكي للأطفال تفاصيل حياتهم بما يتجاوز حدود الفراسة إلى حدود النبوة. ثم مشهد إنقاذه على يد امرأة تبدو كجنية وتعرض عليه النور أو “الضلمة”، فيختار الأخيرة. هكذا حسم مصير الطفل -غير المكلف بحسب الشريعة الإسلامية- إلى الأبد، أما الوصول إلى عبد الملك بن عطاش الداعي الإسماعيلي الرئيس في البلاد الإيرانية. فجاء بشكل أقرب للسذاجة ولا يعكس تعقيدات الإجراءات التي اتخذتها دعوة شديدة التنظيم مثل الدعوة الإسماعيلية. كما أن حشر المصطلحات الصوفية مثل الحروف النورانية والأرقام الروحانية، يبدو غير دقيقا في التعرض لأفكار الإسماعيلية.
***
في الحلقة الثانية التي حملت عنوان (الشدة المستنصرية)، تنتقل الأحداث إلى القاهرة الفاطمية. حيث نجد الأخطاء هنا بالجملة، بداية من تصوير المدينة بمآذن مملوكية تنتمي لحقبة تاريخية أخرى. ثم نجد أن حسن بن صباح وأسرته يدخلون المدينة من باب الفتوح الذي بني في 480 هـ/ 1087م، بينما زار الحسن بن صباح القاهرة بين عامي 471 و473 هجريا/ 1078 و1081م، أي قبل بناء باب الفتوح الحالي بحوالي سبع سنوات. ولا يظهر الجامع الأنور والذي يفترض أن يتواجد خارج باب الفتوح في تلك الفترة.
عندما دخل الحسن بن صباح القاهرة وجد مظاهر الشدة المستنصرية متفشية. في الحقيقة أجاد القائمون على العمل في تصوير أثر الفوضى السياسية التي أدت لانهيار الحكم المركزي في مصر الفاطمية. لكن للأسف هذا كله حدث قبل وصول الحسن بن صباح للقاهرة بسنوات، فالشدة المستنصرية وقعت نتيجة الحرب الأهلية (450- 466هـ/ 1058- 1074م). وانتهت بوصول بدر الجمالي إلى مصر. أي قبل أن يدخل ابن صباح القاهرة بنحو خمس سنوات كاملة. ومن جملة الأخطاء أن المسلسل يقدم اسم بدر الجمالي بطريقة خاطئة، أي بدر الدين الجمالي. ومعروف أن هذه التركيبة تعني لقب الشخص وليس اسمه. في حين أن اسم الشخصية هو بدر، وللأسف هذا نتيجة اعتماد صناع العمل ويكيبيديا كمصدر معلوماتي!
التضارب الأكبر وقع في تناول الفترة القاهرية من قصة الحسن بن صباح. ومن أسف أن هذا جرى بلا أي ضرورة درامية، فالفترة التي قضاها في القاهرة لم تتجاوز الثلاث سنوات، وغادر مصر كلها والخليفة المستنصر حي يرزق والوزير الحاكم هو بدر الجمالي الذي أشرك معه في الحكم ابنه الأفضل شاهنشاه. وهي شخصية لا نجدها في المسلسل مع أن شاهنشاه هو السبب الرئيسي في عدم وصول نزار بن المستنصر إلى عرش الخلافة. وهو من وقعت له واقعة وصفه بـ”الكلب الأرمني” من قبل نزار، لا كما جرى في المسلسل بين نزار وبدر الجمالي.
***
حذف شخصية الأفضل شاهنشاه بلا أي مبرر درامي، أنتج سلسلة من الأخطاء التاريخية الفجة. فالحسن بن صباح غادر مصر العام 473هـ/ 1081م، ودخل قلعة ألموت سنة 483هـ/ 1090م، وبدأ الدعوة للخليفة المستنصر. وبعد ذلك بأربع سنوات أي في 487هـ/ 1094م، توفي بدر الجمالي أولا ثم توفي الخليفة المستنصر، أي بعد خروج ابن صباح من مصر بـ 15 عاما. ناهيك أن نزار بن المستنصر لم يقتل بالطريقة الساذجة التي قدمها المسلسل. بل قاد ثورة مسلحة من الإسكندرية وهاجم القاهرة، قبل أن يهزم ويبنى عليه حائط داخل قصر الخلافة الفاطمية. وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه صناع المسلسل عندما جعلوا وفاة السلطان السلجوقي ألب أرسلان إثر قتال بالسيوف، وهو ما لم يحدث تاريخيا.
من الأمور التي تستوقف المرء، هو التصوير الفقير لحاضرة الخلافة الفاطمية، يمكن مقارنة ما تم تقديمه في المسلسل من مجلس الخليفة الفاطمي الذي تم التمهيد له بالتأكيد على أن الوصول إليه من الصعوبة بمكان. لنفاجأ بمشهد فقير إنتاجيا، ويمكن مقارنة مشهد العرش الفاطمي بما ذكره المؤرخ الصليبي وليم الصوري عن تقاليد الدخول على الخلفاء الفاطميين، التي كانت تتناسب مع مكانتهم كأئمة مقدسين للإسماعيلية.
أمر آخر أن المسلسل أظهر الحسن بن صباح هائما على غير هدى في القاهرة. في حين أن المدينة بها مركز الدعوة الإسماعيلية في المحول المجاور لقصر الخلافة الفاطمية، والمهتم باستقبال الدعاة وتدريبهم. وهو الأمر الذي تم مع ابن صباح، فالأخير لم يكن يحتاج إلى مساعدة نسائية لكي يقابل الإمام الإسماعيلي. بقدر حاجته للمرور بتقاليد تعليمية شديدة الدقة والصعوبة ليرتقي لمكانة في سلم الدعوة الإسماعيلية تتيح له لقاء الإمام. وفي ظني أن هذا اللقاء المزعوم لم يحدث، لأن هدف ابن صباح من زيارة القاهرة هو الدراسة في مركز الدعوة الإسماعيلية التي كان يطلق عليها بشكل رسمي اسم “الدعوة الهادية”.
***
في مشهد آخر، نجد ألب أرسلان يتحدث عن هزيمته للصليبيين. لكن المدهش أن الرجل مات قبل الهجوم الأوروبي على بلاد الشام بنحو 30 عاما. ولم يحدث أن مؤرخا مسلما أطلق على الحركة الصليبية هذا الاسم، بل هذه تسمية أوروبية بالأساس. ولم تدخل معجم المصطلحات العربية إلا في العصر الحديث. وعلى كل حال هزم السلطان ألب أرسلان إمبراطور الدولة البيزنطية (دولة الروم الشرقية)، في معركة ملاذكرد لعام 463هـ/ 1071م. وهو المقصود من إشارة المسلسل إلى “الصليبيين”. لكن مرة أخرى نجد صناع العمل يقتبسون من أجواء استشراقية غربية لبناء عمل جرى بالكامل في أوساط إسلامية.
هذه نماذج للأخطاء التاريخية الفجة، لكن هناك الكثير من الأخطاء الأخرى، فمثلا قصة الخليفة العباسي وخروجه إلى أصفهان ومحاولة اغتياله لم تحدث من الأساس. الجامع الذي ظهر فيه أبو حامد الغزالي هو جامع الناصر محمد بن قلاوون في قلعة الجبل بالقاهرة. وبني بعد أحداث المسلسل بثلاثمائة عام. كما ظهر جامع سارية الجبل (سليمان باشا الخادم) باعتباره قصرا يستضيف صاحبه عمر الخيام. وهو نموذج آخر لعدم الدقة التاريخية في المسلسل، لأن الجامع من العصر العثماني في مصر. بينما مدينة أصفهان تم تقديمها في صورة مدينة هندية تعود إلى عصر سلاطين مغول الهند أي بعد أحداث المسلسل بنحو 500 عام. سؤال أخير هل سيقع صناع المسلسل في خطأ تبني أسطورة جنة الحشاشين؟ الحلقات القادمة ستجيب. وإذ حدث ذلك فنحن أمام عمل استشراقي تماما.
خرافة الأصدقاء الثلاثة
من الأساطير المرتبطة بالحسن بن صباح علاقته بنظام الملك الوزير السلجوقي الأشهر، وعمر الخيام الشاعر والرياضي والفيلسوف، ونمت أسطورة على غير هدى باسم الأصدقاء الثلاثة. إذ ترددت أسطورة أنهم أصدقاء ثلاثة تربوا معا ونشأوا معا واتفقوا معا على أن من يصل منهم إلى أعلى المراتب يأخذ بيد صاحبيه معه. ولما وصل نظام الملك إلى الوزارة في دولة السلاجقة تنكر للحسن بن صباح وعمر الخيام. فما كان من ابن صباح إلا أن انضم إلى الإسماعيلية، وبدأ في تخريب الدولة السلجوقية من الداخل، حتى نجح رجاله في اغتيال نظام الملك بعد ذلك، بحسب تفسير الأسطورة. أي أن ما يحرك ابن صباح هنا هو مجرد الانتقام الشخصي، لا الاعتقاد المذهبي.
ورغم طرافة تلك القصة إلا أنها محض خيال، فالحقائق التاريخية تثبت أن نظام الملك ولد قبل الحسن بن صباح بـ19 عاما ميلاديا. بينما يكبر نظام الملك عمر الخيام بـ 30عاما، ففكرة أنهم أصدقاء نشأوا معا فكرة بعيدة عن الواقع ولا أساس لها، ولم تثبت في أي مصدر معاصر. لكنها أسطورة كغيرها من الأساطير التي نصدقها لجمالها الأدبي لا لأنها حقيقة تاريخية!
فنظام الملك ولد في العام 408 هـ/ 1018م، والحسن بن صباح ولد في العام 430 هـ/ 1037م، بينما ولد عمر الخيام في 439هـ/ 1048م. وهي فوارق عمرية تنفي تماما الأسطورة التي اعتمد عليها مسلسل (الحشاشين) كنقطة انطلاق أساسية لبناء العمل كله. لذا فكان عليهم أن يدققوا أكثر في الجملة الإضافية التي تأتي تحت اسم المسلسل. ويجعلوها “من وحي الخيال” بدلا من “من وحي التاريخ”، فالأخير نحر من الحلقة الأولى بدماء باردة.
أزمة اللهجة
لا اعتراض عندي من حيث المبدأ على قرار القائمين على العمل باختيار العامية المصرية كلغة حوار المسلسل. بداية من عنوانه الذي تعمدوا أن يُكتب بالعامية دون التزام بضوابط نحوية للتأكيد على خيار العامية. لكن المشكلة دائما تكمن في التفاصيل. فاللغة العامية المستخدمة في المسلسل جاءت مبتذلة وركيكة جدا. وأشبه ما تكون بلغة “الشحبنة” لأبناء الطبقات الشعبية كما تقدمها أعمال درامية ساذجة في الآونة الأخيرة. فتحول الأمر إلى محض مسخرة، فمنطق الشخصيات التاريخية مفارق للغة الحوار الذي نسمعه على الشاشة. الأمر الذي جعله مادة للسخرية على مواقع التواصل، خصوصا ما يتعلق بلغة عمر الخيام الذي يفترض أنه شاعر مُفلق. وكذلك حوارات المجندين في الجيش السلجوقي، التي وصلت فيها معدلات الركاكة إلى الذروة.
لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فالقائمون على المسلسل خرجوا عن قاعدة استخدام العامية التي ألزموا بها أنفسهم، باستخدام اللغة الفرنسية في مشاهد ملك الفرنجة. ووضعوا الترجمة بالعربية الفصيحة وليس العامية أسفل الشاشة. وكان يمكن لهم التزاما بخيارهم أن يجعلوا الفرنجة يتحدثون العامية مثل الفرس والأتراك وغيرهم من أجناس في «الحشاشين». بل أننا نصل إلى مرحلة نجد بعض الشخصيات تتحدث الفصحى وأخرى ترد عليها بالعامية. كما هو حاصل بين شخصيات الخليفة المستنصر وحسن بن الصباح في الحلقة الثالثة، بما يكشف عن ارتباك شديد في إدارة حوار المسلسل.
استخدام العامية الركيكة والمبتذلة دمر البناء الدرامي لشخصية بعمق عمر الخيام، فأصبح مادة للتندر على مواقع التواصل الاجتماعي. خصوصا أن القائمين على المسلسل اختاروا بعض رباعيات الخيام بالصيغة التي اختارتها أم كلثوم مع أحمد رامي. وهي بطبيعة الحال لا تلتزم بالنص الحرفي ولا المعنى الذي قصده الخيام بالضبط. فضلا عن استخدام مقطع من موشح ابن زهر الأندلسي، وهو شاعر عاش ومات بعد أحداث المسلسل، في سقطة إضافية بسبب تعمد عدم احترام المرجعية التاريخية من القائمين على العمل.
***
من الجيد أن يتوجه الإنتاج في مصر إلى الدراما التاريخية، وهي مساحة نقصر فيها بشدة، ومتفهم جدا أن يكون استدعاء التاريخ بهدف سياسي مثلما هو الحال مع الاستخدام الأمريكي والتركي والسوري للدراما التاريخية. لكن للأسف عندما يتم تقديم دراما تاريخية مع عدم الانضباط في ذكر الوقائع التاريخية ستكون النتيجة عكسية. ناهيك طبعا أن اختيار شخصية ملتبسة مثل الحسن بن صباح، سيؤدي إلى تشويه الرسالة المراد توصيلها، إذا وصلت أساسا. فالعمل قد ينتج عنه أثر سلبي لا يتوقعه القائمون عليه، وهو الإعجاب بشخصية ابن صباح لا كراهيته وكراهية كل ما يمثله من قيم تخريبية بحسب وجهة نظر صناع العمل.
هذا هو العمل التاريخي الثالث الذي تقدمه الدراما المصرية في السنوات الأخيرة. الأول كان الملك عن قصة الملك أحمس، والذي منع من العرض بسبب الكوارث المتعلقة بعدم دقة المعالجة التاريخية. ثم مسلسل (رسالة الإمام) الذي تعرض لهجوم كاسح بسبب حجم الأخطاء التاريخية والمعالجة الساذجة لشخصية بعمق وثقل الشافعي الذي فضلا عن كونه أحد أكبر فقهاء المسلمين فهو أحد أكثر أهل عصره بلاغة وفصاحة. ثم عمل «الحشاشين»، وتشترك الأعمال الثلاثة في إهانة التاريخ والتعامل معه باستخفاف ورعونة. نتمنى أن نخرج من هذه التجارب الثلاث بوعي ونضج أكبر في التعاطي مع الأعمال الدرامية التاريخية. أو نستمر في عبث العند الذي سينتج أعمالا تغرق رسالتها في يم الأخطاء التاريخية.
اقرأ أيضا:
عدسة أزهرية لرصد ليالي الأزبكية