قصر يوسف بك.. بناه في ثلاثين عاما.. وأطاح بعقل الملك
حلم يوسف وهبي (1898-1983) طيلة شبابه بالسكن فى قصر فخم. سافر للخارج وجاب بلدان عديدة، أعجب بالطراز الأمريكي المودرن، والإنجليزي القديم، الفرنسي والأوروبي الحديث، وأراد أن يؤسس لنفسه قصرا يحمل الطرز الأربعة، فأسس 4 قصور متجاورة كل منهم يعبر عن شئ أعجب به البك ويربط بينهم حمام سباحة كبير.
اختار يوسف وهبي–تمر ذكرى ميلاده هذه الأيام- البقاء في القصر ذو الطراز الإنجليزي القديم، كان عبارة عن قصر ضخم، أنشأه على ذوقه الخاص، منذ كان أرضا حتى شيده بمنظره الجذاب على الطراز الإنجليزي الحديث في ذلك الوقت، هذا القصر كان حلم يوسف وهبي الذي لم يفارق ذهنه يوما، ولبنائه قصة غريبة.
قصر يوسف وهبي
رغم حياته الفارهة إلا أنه عندما فكر في بناء هذا القصر لم يمتلك ما يكفي من المال، ولكن كل ما كان يفكر فيه هو تحقيق رغبته في اقتناء قطعة أرض بشارع الهرم برغم معاناته مع الإفلاس الذي عانى منه.
اشترى عميد المسرح العربي قطعة الأرض وبلغت مساحتها 500 متر، ولكن تمت عملية الشراء بالتقسيط، بل «التقسيط المريح»، وظل يدفع في أقساط قطعة الأرض لفترة طويلة، فعلى حد وصفه في حوار قديم له نشر في مجلة آخر ساعة عام 1971، كان يجمع قيمة القسط بصعوبة بعد صرف مرتبات الممثلين ونفقاته المنزلية.
تحسنت الأحوال بنهضة الأفلام ودفع للدائنين كل أموالهم وألغى إفلاسه، واقتنى يوسف وهبي 500 متر أخرى مجاورة لقطعة الأرض الأولى، ولم يكتف بذلك، بل ظل يشترى في قطع الأرض المجاورة حتى أصبح يمتلك ثلاثة أرباع الشارع المؤدي إلى منزله.
وكان قد استعاد يوسف وهبي ثروته التي أنفقها من قبل على مسرح رمسيس من إنتاج الأفلام السينمائية، وكانت قد نشرت مجلة «الشرق» خبر شراء يوسف وهبي لثلاثين فدانا في طريق الهرم ليبني عليها قصرا، في عام 1932.
تحقيق الحلم
بدأت مرحلة جديدة في تحقيق الحلم وهي تحويل الأرض إلى القصر الذي يحلم به، وبدأ ببناء غرفتين على الطراز الحديث، ثم فكر في أن يصبح البيت على الطراز الإنجليزي القديم، وكان يتمنى أن يكون مريحا وبه مساحات واسعة.
فتوقف عن البناء قليلا حتى جمع باقي المال المطلوب لتنفيذه كما يتمنى، وخلال هذه الفترة أعد تصميم مبدئي للمنزل، كالقصور الإنجليزية الذي كان يشاهدها خلال سفره إلى الخارج.
ووفقا لما ذكر في كتاب «يوسف وهبي: سنوات المجد والدموع»، فقد اشترى بعض الأسهم والسندات التي باعها فيما بعد واشترى بثمنها قطعة أرض في شارع الهرم بنى عليها استديو لتصوير الأفلام.
وذكر فتوح نشاطي في كتابه «خمسون عاما من خدمة المسرح»، أن يوسف وهبي حقق ثراءا هائلا لم يستطع أي فنان آخر تحقيقه في الثلاثينيات، وكانت فرقة رمسيس تدر عليه أموالا طائلة، وكان يوسف وهبي يتسلم كل أسبوع إيراد ضخم من شباك التذاكر.
امتلك ما يكفي من المال لبناء القصر الذي يليق بعميد المسرح العربي، وأعد المال المطلوب ثم لجأ إلى كبار المهندسين في مصر في لك الوقت، ولكنهم اعترضوا على الرسم الذي يريد تنفيذه “دي أحلام نظرية مش هتتحقق”.
وفي النهاية استطاع إقناعهم بتنفيذ ما يريد، وبدأ البناء سنة 1945 واستغرق تجهيزه 15 عاما كاملا، فلم يستكمله بالأثاث والديكور إلا في عام 1960، نظرا للتكلفة الباهظة الذي دفعها في بنائه.
ويقول يوسف وهبي: “كلفني بناء القصر الكثير من المال، وكان يبتلع معظم ما أربحه من المال عن الأفلام، ولكنني سعيد بتحقيق صورة البيت المريح الذي تمنيته”، ويضم القصر ثلاثة من الخدم، واثنين من السفرجية وجنايني، وكانت تتكلف إضاءة المنزل 40 جنيه شهريا.
الملك فاروق
زار الملك فاروق هذا القصر مرتين، بشكل رسمي بعد الانتهاء من بنائه في أواخر الأربعينيات، وبعدها فوجئ وهبي بأن الملك فاروق يرسل إليه من يخبره بأن الملك على استعداد لمنحه رتبة الباشاوية إذا تنازل له عن هذا القصر، ولكن يوسف وهبي رفض.
«سكن فاخر في أوج جماله» كان هذا وصف د.لوتس عبدالكريم، الصديقة المقربة من يوسف وهبي، في كتابها «السيرة الأخرى لأسطورة المسرح يوسف وهبي»، لقصر يوسف وهبي في شارع الهرم، وتابعت وصفها بأنه منزل أسطوري، وثرائه تاريخي، وكان من يدخل القصر ينسى الزحام والتلوث بالخارج وكأنه في زيارة إلى النعيم.
وتابعت في كتابها: “كنت أزورهما لأنعم بالجمال في الذوق والحديث والتصرفات، كقصور الملوك”، وكان القصر فوق أرض واسعة محاطة بالأشجار والبوابات الضخمة، حيث بنى يوسف وهبي أربع فيلات، إحداهما حديثة (مودرن) على الطراز الأمريكي المريح. والثانية أنيقة (روستيك) علي الطراز الفرنسي، كل ما بها أثري (أنتيك) وكانت تخص يوسف وهبي وحده بها لوحات مسرحياته وأركان تذكارية لفنه ثمينة كان يقضي بها سهراته وأمسياته الفنية الحافلة إبَّان شهرته، والثالثة كانت علي النظام الإنجليزي القديم، وهي تخص الأسرة وكل من زارهم، أما الرابعة الكبري فكانت لإقامة أصحاب المنزل مؤثثة في ذوق رفيع المستوي لا تقل عراقة عن قصور الملوك ترفًا. يمتد بين الفيلات الأربع حمام سباحة عريض في ظل الورود والأشجار”.
تعليق واحد