قصة اللقاء الأول بين بهاء وروزاليوسف
في العدد رقم 1245 لمجلة روزاليوسف والصادر يوم 12 إبريل 1952، كان القارئ مع موعد مع مقال هام للسيدة فاطمة اليوسف صاحبة المجلة والمقال بعنوان “خطاب إلى رئيس الوزراء- إنك رجل لامع الذكاء”، وبطبيعة الحال كان مقال فاطمة اليوسف من أكثر المقالات قراءة في المجلة وفي نفس الصفحة وجد قراء روزاليوسف تنويها بخط بارز كبير ملفت عن مقال آخر في نفس العدد: 18 مليون جنيها تنفقها مصر في شراء المجوهرات!
ومعنى ذلك أننا أمام مقال هام لكاتب هام، ولذلك كان الإعلان في نفس صفحة المقال الأهم في المجلة ليتوجه قارئ المجلة لصفحة 10 ليجد مقال بعنوان “أموال مصر” على مساحة صفحة كاملة وموقع باسم “أحمد بهاء الدين” وكان ذلك أول مقال ينشر لبهاء في روزاليوسف. يشير بهاء في مقاله إلى أن أموال مصر قادرة على قيادة عجلة الاقتصاد دون الاستعانة برؤوس أموال أجنبية، وظل طيلة المقال يتحدث عن كمية الأموال المهولة الضائعة في كماليات يمكن الاستغناء عنها ومنها 18 مليون جنيها شراء مجوهرات و3 ملايين شراء سيارات و3 ملايين شراء تحف.. وغيرها، وكل هذه الأموال كافية لإنشاء مصانع ومتاجر وفتح أبواب عمل أمام الكثيرين.
حاول أن تفهم
وقتها لم يكن بهاء قد دخل مبنى “مجلة روزاليوسف” من الأساس، فقد ترك المقال في استعلامات المجلة لتسليمه لرئيس التحرير ليفاجئ بهاء نفسه بهذا الاهتمام الكبير لمقال كاتب لم تتخط قدماه بوابة المجلة بعد، وكرر بهاء نفس التجربة وترك في الاستعلامات مقاله الثاني بعنوان “كيف تولد الأحزاب” لينشر في العدد التالي رقم 1246 بتاريخ 28 إبريل، وكان وقتها في المجلة نافذة مهمة بعنوان “حاول أن تفهم” كتب فيها العديد من الكتاب وكان مقاله الثاني في هذه النافذة قدّم المقال نقدا شديدا للأحزاب الموجودة في مصر التي لم تخرج من صفوف الناس ولكنها هبطت عليهم، وتساءل هل تلتفت الأحزاب حول فكرة راسخة أم حول سلطان؟، هل للأحزاب مذهب يمكن أن يكون عقيدة للملايين؟، هل لأصحاب الأحزاب رأي كامل واضح في تنظيم شامل للمجتمع أم أنه يحقق حاجة وقتية جزئية وحسب؟، وينهي المقال قائلا: إن حزبا بلا جذور تودي به أي ريح..” وبعد الثورة بثلاث أشهر يوم 6 أكتوبر 1952 وفي العدد رقم 1269 يكتب بهاء في نفس النافذة – حاول أن تفهم – مقالا بعنوان “الحزب الواحد” يهاجم فيه بشدة من ينادون بالحزب الواحد ومن يطالبون بإلغاء النظام الديمقراطي الدستوري ويطالبون بدكتاتورية تقوم على الحزب الواحد، ويستغرب بهاء من أن هذه الحملات تصدر من أقلام كرسها أصحابها سنوات للدفاع عن الديمقراطية ومهاجمة الحزب الواحد. “ومن المفارقات أنه في نفس العدد وعلى بعد صفحات من مقال بهاء كان يكتب “سيد قطب” مقالا بعنوان” شعب ورجل” ينادي فيه بإعلان وفاة الأحزاب وحكم البلد بيد من حديد.
فى ظل الدستور
كان أول مقال كتبه أحمد بهاء الدين بعد ثورة يوليو بعنوان “في ظل الدستور” في العدد 1259 يوم 28 يوليو 1952، ويؤكد فيه على أن الدستور هو الخط الذي يجب أن تجري عليه حياتنا السياسية، وفي العدد التالي يوم 4 أغسطس يكتب مقالا هاما بعنوان “خارق القانون” ثم في العدد الذي يليه بتاريخ 11 أغسطس يكتب مقالا بعنوان “الشعب والجيش” في هذا المقال الهام عقد بهاء مقارنة بما حدث في إيران ومصر والتوافق بين الحركتين في مصر وإيران بأن الحركة في إيران قام بها الشعب وفي مصر قام بها الجيش.. ولكن كلا القوتين في كل من البلدين لم تكن مستطيعة أن تعطي وحدها.. كان الجيش في مصر في حاجة إلى تأييد الشعب وكان الشعب في إيران في حاجة إلى قوة الجيش ولم يتحقق النصر هنا وهناك إلا بعد أن ظفر الجيش المصري بتأييد رائع من الشعب وظفر الشعب الإيراني بسلطة مطلقة على الجيش.
وفي العدد رقم 1263 الصادر يوم 25 أغسطس 1952، كان القارئ على موعد مع مقال هام على صفحتين لأحمد بهاء الدين بعنوان “لماذا لا نحطم الإقطاع” وفي نفس العدد كانت مفاجأة وهي الإعلان عن كتاب “فاروق ملكا 1936-1952” تأليف أحمد بهاء الدين بمقدمة لإحسان عبدالقدوس، وكان إحسان قد طلب من بهاء بعد الثورة بأيام أن يؤلف كتابا عن الملك فاروق بعيدا عن الفضائح التي ملأت الصحف والمجلات وقتها وأعطى لبهاء مهلة شهرا لكتابة الكتاب وبالفعل سلمه لإحسان في الوقت المحدد ليصبح أول كتاب له بعد الثورة وثاني كتبه بعد كتاب النقطة الرابعة، لتبدأ انطلاقة بهاء مع مجلة روزاليوسف وبعدها صباح الخير ثم الأخبار ودار الهلال والأهرام والعربي الكويتي، ثم كاتبا للمقال في عدد من الصحف العربية وعودته الأخيرة للأهرام حتى وفاته.
اقرأ أيضا
ملف| أحمد بهاء الدين.. جماليات الكتابة الديمقراطية
معارك بهاء: لم يحارب طواحين الهواء
عندما هدده كامل الشناوي بنشر قصائده: بهاء شاعرا
15 تعليقات