قراءة لـ«روميو وليلى».. في عيون غالية بن علي

وصفت لنا نفسها خلال حوارنا معها بـ”العالم الماضي”، فهي “حكاءة”، ولكنها فاجأتنا بجزء آخر في شخصيتها الفنية حين حدثتنا عن قصتها التي أخذت جزء كبير من حياتها سواء في عدد السنين لتنفذها أو من روحها التي جسدتها في الرواية، فمن حكاية إلى فيلسوف هكذا تحولت غالية بن علي عند حديثها عن الأفكار التي يتضمنها “روميو وليلي”.
الحكاية
ما هي إلا رسومات من ضمن معرض قمت بتنظيمه لأعرض أعمالي، إلا أنه ظل في القلب عدة رسومات أبى تعلقي بهم أن أعرضهم للبيع، فذهبت بهم إلى المنزل، هكذا تبدأ غالية في تعرفينا بحكاية رواية روميو وليلى المرسومة وتقول: “أخذت أتطلع عليهم صورة تلو الأخرى قرأت فيهم حكاية لم أقصد أن أخرجها في الرسومات”، إلا أنه سرد من وحي خيالها الذي يسكنه الكثير من القصص والحكايات.
“أنا من هنا ولا من هناك” هذا السؤال الذي تعرضت له دائمًا، كان أساس فكرتها، والتي تتمثل في محو الاختلاف ليس فقط الموجود في العالم المحيط بها بل في حياتها نفسها، فهي من أم من شمال تونس وأب من جنوب تونس، إلا أنها كبرت في بلجيكا.
روميو وليلى أيضًا يجسد فكرة مقابلة الآخر دون خلق نوع من الحروب بسبب الاختلاف سواء كان في الحضارات والديانات أو اللون والعرق، والتعامل مع الثقافات الأخرى، وأن مهما كان الاختلاف فهناك شيء واحد يجمع ويوصل الأطراف ببعضها وهو الحب، كما أن روميو وليلى تغير المفهوم السائد عن الحب في العالم وهو أن الحب يجلب العذاب والموت “الناس بتموت من الحب، لا بالعكس الناس تحيا من الحب”.
عن الأفكار الموجودة  داخل روميو وليلى تكمل: فكرة اٌلإيمان بالنفس وبالطموح “لو عندك أفكار مؤمن بينها لازم تعيش ليها لا تموت على أفكارك، لابد أن تدافع عنها وتسعى لتحقيقها”، وأيضًا فكرة مقابلة الآخر بكل عيوبه وعدم السعي إلى تغيره، ردت لها الفكرة العامة للرواية.
توضح ليلى أن جميع الأفكار التي وردت في الرواية خضعت إلى أربعة شروط، الشرط الأول جاء مع فكرة بداية الموسيقى العالمية والتي كانت تطلب من الجميع التعامل مع الآخر لخلق نوع من الامتزاج والوحدة في الموسيقى، فكان الشرط الأول قبول النفس، وعدم الإحساس بأي نقص لأنك مثلا عربي وتعيش في أوربا أو العكس أو لأنك لون بشرتك غامق وتتمنى أن تكون أبيض أو أي نوع من الاختلاف، لابد أن تتقبله وعدم الخروج من الذات.
الشرط الثاني: احترام الآخر وعدم السعي في تغييره لكي يكون مشابه لنا، الشرط الثالث عدم التخلي عن أحلامك فهناك قصص حب تفرض على أبطالها التخلي عن أحلامهم، وهو غير صحيح لأنك لو تركت أحلامك هتخسر نفسك.
الشرط الرابع: العطاء وتسخير كل طاقتك للتجربة التي اخترت أن تخوضها، والتي لابد أن تخوضها للنهاية من خلال التحلي بالصدق في الحديث والمشاعر، بكل صدق، فالحب هو أنك تسلم حتى فكرة الإيمان هي أنك تسلم لله.
الشرط الخامس: الأفكار والأحكام المسبقة ستشكل حاجز بينك وبين أى تجربة تخوضها، فلابد ألا تحكم أو تسمع من الخارج فأنت الحاكم والحكم في روايتك.
من الأفكار الغربية التي شملتها الرواية تشير بن علي إلى أنه عكس جميع الحكايات والروايات الرومانسية كعبلة وعنتر أو الأميرة النائمة، وأن الرجل هو الذي يحرر المرأة من المشاكل أو القيود المحيطة بها، هنا ليلى هي التي تحرر روميو وتذهب به إلى عالمها، موضحة أنها كل فترة تكتشف أمر غريب في الرواية لم تكن تقصد أن تظهر، وعلى سبيل المثال هو أن ليلى هي غالية قبل أن تسافر تونس، وروميو هي غالية وهي تعيش في أوروبا، فالرواية تحمل أكثر من قراءة “كل واحد هيقراها هيلاقي نفسه فيها”.
لماذا روميو وليلى
ولأن فكرتها الاختلاف قررت أن تمزج بين ليلى الشرقية وروميو الغربي، وهو الذي عاشته في حياتها فبعد أن تركت تونس أخذت زوج عائلتها في بلجيكا وتلونت باللون الغربي وفي النهاية كلها أرض ربنا “السماء موصولة بلاش أحنا نفصل”.
عن تنفيذ الرؤية توضح أنها أبدت في الرسومات عام 2001 وفي عام 2003 كتبت بعض من النصوص وعملت على المزيكا من قبل أن تحدد القصة، وكانت المزيكا عبارة عن “اتشلو” غربي؛ والمتمثل في الرسومات بـ”ليلى” وعود شرقي وهو روميو.
القصة خلصت في 2008 وتم تحديد الخطوط العريضة، مؤكدة أن القصة انتهت تمامًا بالنسبة لها حين ترجمت هذا العام إلى الإنجليزية، وهنا ظهر اختلاف بعد الترجمة فقررت أن تنشيء دار نشر باسم “موصول” والقائمة على طبع الأعمال التي تجمع الاختلاف سواء كان بين أنواع مختلفة من الفن أو مزج الشرقي بالغربي أو أيا كان، المهم في الأمر أن يكون هناك وصول بين أمرين، موضحة أن فكرة دار النشرة أصحابهن 4 فتيات مصرية تونسية واثنين من المغرب.
عن حفلاتها
“أنا حكاءة” تحولت غالية إلى حكاءة عندما انتقلت إلى بلجيكا، ولأنها عربية ودرست بمدارس عبدالوهاب وأم كلثوم، إلا أنها وجدت نفسها فجأة تخضع للمزيكا الغربية فكان لابد أن تخلق نوع من الحوار، وقبول الآخر، وكأنها توصل بين المقامات الشرقية القوية وغير المفهومة عند الآخر وبين الموسيقى الغربية، وذلك لأنها ثروات لابد أن يحدث تبادل بينهم، مؤكدة أن النص مهم جدا والمزيكا مهمة في حالة أن تخدم النص.
أما عن الجمهور فتؤكد غالية بأنها جانب كبير من حفلاتها مرتبط بالجمهور، فمن خلال الجمهور وحالتها تبدع على المسرح.
وتوضح غالية الفرق بين أول حفلة في مصر والآن، “أول حفلات كانت زمان بحس إني ضيفة النهاردة حاسة إني بنت بلد، بين مصر وباقي العالم أن مصر حفلاتها بتقلب وكأنها حضرة من روعة الجمهور والتناغم بينها وبينهم”، وأيضًا في مصر تشعر وكأنها بين أهلها وكأنها موصولة بتونس.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر