قاضي وأديب.. قرطبي قنا في الوثائق الأهلية
تحوي الوثائق الأهلية بمحافظة قنا على ترجمة العديد من الشخصيات التي كان لها دور بارز في الحركة العلمية والأدبية والقضائية وغير معروفة لدي العامة، وذلك للبعد الزمني بين هؤلاء والعصر الحديث. ومن أبرز تلك الشخصيات القاضي الأديب ضياء الدين القرطبي القنائي، الملقب بـ«قرطبي قنا». وقد يختلط الأمر على كثير حول شخصيته وبين القرطبي صاحب كتاب “الجامع لأحكام القرآن”.
ضياء الدين القرطبي
هو أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ النجاري القنائي (ضِيَاء الدّين الْقُرْطُبِيّ القنائي الأديب). ولد عام 602هـ – 1206م، كان عالما فاضلا أديبا كاملا ناظما ناثرا له رئاسة ومكارم وعلو همة.
يقول المؤرخ الشاذلي عباس الجعفري، إن القرطبي كان من الشخصيات المهمة في تاريخ محافظة قنا، فهو شخصية جمعت بين القضاء والأدب، حيث إنه من عائلة توارثت القضاء والرئاسة لقنا عبر التاريخ.
ويضيف أنه سمع العلم والأدب من كل من:
زاهر بن رستم الأصبهاني
ومحمد بن إِسماعيل بن أبي الصيف اليمني
ويونس بن يحيى بن أبي الحسين الهاشمي
والقاضي أبي محمد بن عبدالله بن المجلي
وأبي عبدالله محمد بن عبدالله بن الْبناء
وأبي الْقاسم حمزة بن علي بن عثمان المخزومي
والحافظ أبي الحسن علي بن الْمفضل المقدسي
وأبي عبد الله الحسين بن المبارك بن الزبيدي.
وهؤلاء يصنفون من أكابر العلماء في ذلك التوقيت.
وعن علاقة القضاء بالأدب، يوضح الجعفري أنه من مواصفات ومقومات القاضي أن يكون أديبا عالما باللغة ومتفقها في العلوم الشرعية، مشيرا إلى أن الوثائق الأهلية لم تحدد المدة التي قضاها في رئاسة قنا، ولكن كتاب “الطالع السعيد في تاريخ وتراجم بلاد الصعيد” للأدفوي ذكره في عدة نسخ له برئاسته لقنا.
وتابع: القرطبي له حفيد أيضا لقب بالقنائي جاء ذكره في كتاب الوافي بالوفيات الجزء السادس. كان شيخا ثابتا ساكنا عدلا في قضاءه له رئاسة ببلده بقنا. وسمع الحديث أي تتلمذ على يد شرف الدين محمد بن عبدالله بن أبي الفضل المرسى وحدث وعلم العلوم في مدينة قوص وتوفي بقنا في عام 709هـ.
مراسلات
جمعت علاقة وثيقة بين الأديب القرطبي ابن قنا، والحافظ الفقيه المحدث البارع ابن دقيق العيد، حيث كانت هناك مراسلات جمعت الاثنين ومن مراسلاته كتاب كتبه جوابا للشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، وهو يخدم المجلس العالي العالمي “صفات يقف الفضل عندها ويقفو الشرف مجدها وتلتزم الْمعالي حمدها وسمات يبسم ثغر الرياسة مِنها وتروى أَحاديث السيدة عنها، فلها قمراها والنجوم الطوالع قاطعة أطماع الآمال عن إِدراك فضله وما زالت تقطع أعناق الرجال المطامع صارفة عن جلالته مكاره الأيام صرفا لا تعتوره القواطع ولا تعترضه الموانع وينهي ورود عذرائه التي لها الشمس خدن والنجوم ولائد وحسنائه التي لها اللفظ در والدراري قلائد ومشرفته التي لها من براهين الْبيان شواهد وكريمته التي لها الفضل ورد والمعالي موارد وبديعته التي لها بين أحشائي وقلبي معاهد”.
علم وسمع منه العديد ممن عرف عنهم العلم والأدب منهم عز الدين الشريف أبو القاسِم أحمد بن محمد بن عبدالرحمن الحسينِي النقيب، وقاضي القضاة سعد الدين مسعود بن أحمد الحارثي، وأبوالفتح محمد بن محمد بن أبي بكر الأبيوردي، وأبوالطّاهر أحْمد بن يونس بن أحمد الإربلي، وعبدالغفار بن محمد بن عبد الكافي السعدي وغيرهم.
من أشعاره المنظومة:
طبع تدفق رقة وسلاسة.. كالماء عن متن الصفاء يسيل
والمقلة الحسناء زان جفونها.. كحل وأخرى زانها التكحيل
والروضة الغناء يحسن عرفها.. وتزاد حسنا والنسيم عليل
والخاطر التقوى كمل ذاته.. علما وليس لكامل تكميل
وفاته
توفي القاضي الأديب ضياء الدين القرطبي القنائي عام 672هـ -1276م، ولكنه وترك إرثا ومنظومات شعرية يعرفها البعض ويجهلها الآخرون.
ورغم وفاته لكنه من الشخصيات التي عرفت بالعلم والعدل في أحكامه القضائية بقنا، وذلك عندما تولي رئاستها قاضيا شرعيا.
3 تعليقات