فيديو وصور| خزف “جراجوس قنا”.. إبداع بمعرض سان مارك الإسكندرية
تصوير: نيفين سراج
بصمات أصابعهم تترك لمستها الفنية على ما يشكلوه من أعمال خزفيه مصنوعة من الطين الأسواني الأحمر، تشكل كل منها لوحة فنية على معروضاتهم يميزها اللون الأزرق والأخضر بدرجاته والذي يدل على تمسكهم بالحفاظ على التراث وحضارتنا الفرعونية.
أشكال وأحجام خزفية متنوعة وسجاد يدوي تجده داخل معرض فناني قرية جراجوس بمحافظة قنا للأواني الفخارية والخزفية والذي ينظم سنويا بمدرسة سان مارك بمنطقة الشاطبي بالإسكندرية، والذي يستمر حتى يوم 18 من الشهر الجاري.
في هذا التقرير داخل معرضهم بكلية سان مارك بالإسكندرية، يوضح فواز سيدهم وإسحاق يوسف من فناني جراجوس، نبذة عن بداية هذه المهنة في قرية جراجوس ومدى عشقهم لها وتمسكهم الحفاظ عليها، والخمس مراحل التي يمر بها عملية تصنيع الفخار حتى يصل إلى الشكل النهائي.
البداية
تقع قرية “جراجوس” في مركز قوص بمحافظة قنا، وتبعد 25 كيلو مترا شمالي مدينة الأقصر، ويوضح فواز سيدهم سيفين، فنان تشكيلي من قرية جراجوس والمسؤول عن المعرض، لـ”ثقافة وتراث” أن البداية كانت في سنة 1940 عندما فكر الأب استيفان ديمونجلوفييه اليسوعي بعمل شيء للناس من أهل القرية الذين لم يحصلوا على قسطا من التعليم ويرغبون في العمل.
تابع سيدهم: هنا رأى أن مدينة طيبة الفرعونية “الأقصر حاليا” هي أصل صناعة الفخار في العصر الفرعوني وكانت فكرة الانطلاق بإنشاء مصنع للفخار في قرية جراجوس لوصل الحرف من الفراعنة القدماء إلى الشباب فراعنة اليوم وذلك لاستكمال مشروع الفخار الذي يعتبر صحي، لأننا خلقنا من الطين والفخار هو طين، ولقد أدرك الفراعنه أهميته واعتمدوا عليه في تصنيع أدواتهم المنزلية.
وجاء “لوبير” ابن أخ الأب استيفان من فرنسا خصيصا لتدريب شباب القرية على صناعة الخزف وتعليمهم أسرار الفخار، وتم تكليف المعماري المهندس حسن فتحي بتصميم مصنع الفخار في جراجوس بناء على طلبهم، والذي جاء تصميمه على طراز القباب وبها فتحات لعمل تكيف طبيعي داخل المصنع للتجفيف الفخار وحتى يظل المصنع رطب صيفا وشتاء للطبيعة الطقس شديد الحرارة في الصعيد.
مبادرة الحفاظ على الحرفة
حفاظا على المهنة من الانقراض، يشير إسحاق يوسف، فنان تشكيلي من قرية جراجوس ومن الجيل الثالث في هذه المهنة، إلى أنه مع الأسف مع بحث كثير من الشباب عن المكسب السريع والعمل في مهن مثل السياحة، جعل كثير منهم يحجمون عن تعلم والعمل بالحرف اليدوية لأنها تحتاج إلى صبر ومجهود.
ويضيف، أنه من هنا جاءت مبادرة مصنع جراجوس بالتعاون مع غرفة صناعة الحرف اليدوية وبنك مصر لعمل مشروع تدريب للشباب القرية الذين لديهم حب وشغف بهذه الحرفة من الذكور والإناث، وقمنا بتدريبهم 25 شابا مجانا بدون مقابل داخل المصنع ولقد أظهروا إبداعات فنية وسرعة في التعلم وبعض المعروضات هنا نتاج ورشة التدريب، هذا فيما يخص صناعة الخزف، لكن حتى الآن بالنسبة للسجاد اليدوي لا يوجد إقبال من الشباب على تعلمها ونتمنى أن يحدث ذلك حفاظا على هذه الحرفة خاصة أن من يقومون بهذه الحرفة الآن سيدات كبار السن.
مصطلحات وأدوات المهنة
يوضح الفنان التشكيلي، أن بعض من مصطلحات هذه المهنة خاصة داخل قرية جراجوس تعلموها من الفرنسين مثل “الطين السائل” نطلق عليه “برباتين”، إضافة إلى بعض المفردات الصعيدية التي يرجع بعضها إلى عصر الفراعنة، مثلا عندما نقول على تجفيف الفخار الناس العادية خارج الصعيد يقولون “يجف أو ينشف”، بينما نحن نقول “يلدح” وهي كلمة فرعونية الأصل، كما نطلق على الشيء “المدور” كلمة “إسطواني” ونطلق على أداة التشكيل اليدوية التي يطلق عليها عند أي فخاراني “العجلة” نحن نطلق عليها “الدولاب”.
يتابع يوسف حديثه: “من حيث المبدأ بالنسبة لأدوات الصناعة جميعها يدوية بحتة، لا يوجد لدينا أي آلات ميكانيكية وأول هذه الأدوات المستخدمة “الدولاب” وهو أداة تشكيل الفخار، وهو عبارة عن طارة كبيرة من الأسفل وبها سير متصل بطارة صغيرة وعمود من حديد فوقه قرص صغير نضع عليه الطين ويوجد بدال بالأسفل متصل به للتحكم الصانع في سرعة دوران القرص”.
ويذكر بفخر، حتى اليوم نحتفظ بهذه الأداة اليدوية ونعمل بها، برغم من أن هناك بعض صانعي الفخار استبدلوا هذه الأداة بأداة ميكانيكية بموتور، لكن نحن في المصنع نحتفظ بأدوات الحرفة اليدوية في التصنيع.
ولكن الشيء الوحيد الذي استبدلناه بالحديث هو الأفران الكهربائية بدلاً من الأفران التي توقد بالمازوت، وذلك حتى تكون صديقة للبيئة، ولكن مازلنا نحتفظ داخل المصنع بالأفران القديمة كتراث.
نصائح لاختيار أواني فخارية غير ضاره بالصحة
لاختيار الفخار الجيد للطهو يشير فواز سيدهم، فنان تشكيلي بقرية جراجوس محافظة قنا، إلى أن الفراعنة اعتمدوا على الفخار في أوانيهم وأدواتهم المنزلية ولايمكن أن يستخدم أجدادنا الفراعين خامات ضارة بالصحة، إضافة إلى أنهم اعتمدوا في صناعة الخزف على نفس الطمي الأسواني الأحمر الغني بعنصر الحديد والذي يتحمل درجات حرارة عالية وهو الذي نستخدمه اليوم في صناعة خزفنا في جراجوس.
ويمكن طهو كثير من الأطعمة داخل الخزف المعد لتحمل درجات حرارة عالية، والذي يتم تجفيفه في حرارة تبدأ من 980 إلى 1000درجة مئوية، من بين هذه الأطعمة الطواجن بأنواعها، وألأرز المدسوس واللحوم والملوخية وأم علي وغيرها.
ويضع سيدهم ثلاث نصائح لاختيار الفخار الجيد غير ضار بالصحة
- التأكد أن طلاء الفخار خالي من “مادة الرصاص” التي من الممكن أن تتفاعل مع الأطعمة وتكون غير صحية وفي خزف جراجوس نقوم باستخدام أكاسيد من الطبيعة وهي نفس الألوان التي استخدامها أجدادنا الفراعنة في طلاء أدواتهم وأوانيهم الأزرق والأخضر بدراجاته وهذه الألوان تميز شكل خزفنا عن باقي الخزف في الأسواق، وذلك على حد وصفه.
- يفضل ألا يكون الفخار “سميك” لأنه قد يكون مطلي بطلاء يحتوي على “مادة الرصاص”، في الماضي كان أجدادنا بدلاً من الطلاء كانوا يعتقوا الفخار بالسمنة والزيوت وهذه الطريقة كانت صحية لكن تستغرق وقت، لكن مع التطور أصبح يستخدم الطلاء كبديل للسمن والزيوت.
- يفضل التقليل من استخدام الأحماض والأملاح العالية داخل الفخار بشكل متكرر خصوصا في شغلنا نحن، لأن تكرار استخدام الأحماض والأملاح ممكن “ينطر اللون” مثل فكرة الأرض المالحة تجد الملح يترسب على سطحها.
تعليق واحد