في ذكرى رحيله.. عبدالباسط عبدالصمد جوهرة القرآن
في أربعاء خريف 1988 الموافق 30 نوفمبر ميلاديا، و20 ربيع الثاني 1409 هجريا، رحل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد.
كان خبر وفاته بمثابة صاعقة على أبناء قريته، إذ سادت حالة من الوجوم على الوجوه، ناظرين إلى مئذنة المسجد، الذي شيده الشيخ عبدالباسط لتعليم أبناء بلدته، وتولى أبناؤه بتجديده على أن يفتتح في ذكرى وفاته نهاية نوفمبر الحالي.
اعتاد عبدالباسط الجلوس تحت شجرتين مغروستين أمام منزله، يلتف حوله الأطفال، ليقرأ أحدهم الفاتحة وآخر الإخلاص أو المعوذتين، ويكافئهم بالحلوى والسكاكر.
عرف بسخائه، ورعايته المحتاجين، ومن دارت عليهم الأيام بعد أن كانوا ميسورين الحال، كما كان يرعى بعض الطلاب المتعثرين في نفقات التعليم، له في كل مدرسة بالبلدة ملف خاص بالطلاب والتلاميذ غير القادرين، وكان لا يتميز عن أهل قريته في الملابس بل كان يرتدي الجلباب البلدي ويتعمم مثلهم.
كان يدير أعماله بالنيابة عنه في بلدته أخيه الحاج عبدالحميد، الذي كان يعطيه كشوف بأسماء المحتاجين، يحكي ابن أخيه محمد عبدالحميد، أن الشيخ تعرض لحادثة بالسيارة أثناء ذهابه لأداء واجب عزاء بالأقصر، وأصيبت عينه إصابة بالغة تم نقله فورًا إلى القاهرة للعلاج، وفي أول ليلة له في المستشفى وبعد العملية التي أجريت له مباشرة سمع صوت أنين بجواره بالغرفة طول الليل فقام الشيخ في الصباح بزيارة المريض في الغرفة المجاورة، رغم تنبيه الأطباء عليه بعدم الحركة، ولكنه أجابهم أن زيارة المريض تخفف عنه، وقد سعد الرجل بزيارة الشيخ له سعادة بالغة، حيث أن المريض كان من الصعيد أيضًا من نجع حمادي وكانت الزيارات قليلة له لبعد المسافة بين بلدته وبين القاهرة.
كما أنه متكفل بطلبة الأزهر الشريف من محافظة قنا وقتها، خاصة أبناء مركز أرمنت والذين يدرسون بجامعة الأزهر بالقاهرة وكانت لهم مساعدات شهرية.
أما على الجانب الأسري فقد كان مخصص مبلغا شهريا لجميع إخوته والبالغ عددهم أربعة، كما كان في حال وجوده بالمنزل يشارك الأطفال من أبنائه وأبناء إخوته في لعبهم ويلهو معهم بالألعاب البسيطة بسعادة بالغة، ويسألهم في أحكام القرآن، وكان لجميع المحفظين بالبلدة اهتمام خاص لديه، وعندما يلاحظ تفوق أحد الأبناء بالقرآن كان يكافئه مكافأة خاصة، ومن المعروف بأنه هو صاحب الفضل في تقديم الشيخ أحمد الرزيقي للإذاعة وكان يصحبه معه في المحافل والسهرات داخل مصر وخارجها.
يشار إلى أن آخر ما كتب على لسان الشيخ ونشر بعد وفاته كان عن “الفراغ الديني.. أساس التطرف”، تحدث فيه عن الفراغ والثقافة الدينية السيئة، وكيف تدفع بالشباب إلى التطرف والإرهاب.
3 تعليقات