في ذكرى رحيل صلاح ذو الفقار.. 37 سنة فن والبداية بـ"بدلة ضابط"
“أنا في أول مشهد ليا في فيلم عيون سهرانة كنت برتعش، كنت وقتها ضابط ومكنش عندي أي فكرة أنا ازاي أسيب عملي فالبوليس واتجه للعمل السينمائي”.. هذه الكلمات قالها الراحل صلاح ذو الفقار في حوار نادر له مع برنامج ليالي الشوق، متذكرًا أولى خطواته في عالم السينما، حينما كان غير مدرك أنه تفصله بضع سنوات عن حفر خطً من بلور في مصنع السينما العربية.
يأتي يوم 22 ديسمبر حاملًا ذكرى النفس الأخير لحياة الفنان صلاح ذو الفقار في هذه الدنيا، مؤكدًا أن ما يبنيه الإنسان في سنوات، يخلد ذكراه لعقود.
فتح ذو الفقار عينيه للمرة الأولى مساء 18 يناير 1926 كالأخ الأصغر لخمس أخوات، في محافظة المحلة الكبرى، وتطلعًا لأبيه الضابط، التحق ذو الفقار بكلية الشرطة، وتخرج من دفعة سميت فيما بعد بـ”دفعة الوزراء” لما عمل أصحابها من مناصب شهيرة في مختلف الوزارات المصرية.
عام 1949 كان صلاح ذو الفقار ظابط ومعلم في كلية الشرطة، وكان محبوب جدا لقدرته على التواصل مع الطلبة، كما كان بطلًا في رياضة “البوكس”، وفى عام 1951 كان من ضمن الظباط المصريين الذين تم محاصراتهم في الإسماعيلية من قبل الجيش الإنجليزي، وحصل على نوط الشجاعة لبسالته في هذه الواقعة، والتي اتخذت منها الشرطة المصرية عيدها القومي، هو يوم 25 يناير.
جاء دخول صلاح ذو الفقار لعالم السينما بالصدفة كما ذكر، وأطل على جمهوره للمرة من خلال كاميرا فيلم “عيون سهرانة”، والذي وقفت أمامه فيه الفنانة شادية عام 1956، وأخرجه أخيه عزالدين ذوالفقار. ذكر صلاح في حواره أن البداية جاءت بإغرائه كالكثير من الشباب أمثاله، ولكنه لم يتخيل على الإطلاق أن يتملكه شغف للمهنة يجعله يترك عمله كاستاذ في كلية الشرطة.
كانت الانطلاقة الفعلية للفنان إلى قلوب الجماهير، وعالم الفن بصورة محترفة، فيلم “رد قلبي” في عام 1957، وما تلاه من سلسلة أفلام جمعته مع فنانات العصر الذهبي للسينما المصرية.
“علي يا ويكا” في رد قلبي، و”عيسى العوام” في الناصر صلاح الدين، “الأستاذ حمودة” في الأيدي الناعمة و “خي أكرم” في الرجل التاني، شخصيات ثرية قام بتمثيلها صلاح ذو الفقار، ولا زالت تعيش في ذاكرة عشاق السينما المصرية حتى اليوم.
انضم صلاح إلى عالم الفن ليشارك كل من إخوته المخرجين، عز الدين ومحمود شغفهم، ولكن من منظور آخر، إذ عمل في مجال السينما ممثلًا ومنتجًا، وحقق من النجاح على الصعيدين، مما كان مبهرًا للجمهور، والمشهد السينمائي في مصر والعالم العربي.
وعلى جانب الاعتراف الجماهيري بطغيان جاذبيته، كممثل خفيف الظل وسمح الجبهة، حصل كذلك على جائزة أفضل منتج عن فيلم “أريد حلا”، والذي قدم صورة مختلفة عن قانون الطلاق في مصر، وقامت ببطولته فاتن حمامة ورشدي أباظة.
صلاح ذو الفقار أنتج أيضًا فيلم “شىء من الخوف” 1969، وفيلم “مراتى مدير عام” 1966.
وعلًق على ذلك ذو الفقار في برنامج ليالي الشوق، مبررًا أنه يرى في نفسه فضائل المنتج الجيد، قائلًا، “بحس إيه الصح، وإيه اللي يجب يتعمل بجانب طبيعتي كإنسان منظم جدًا، بالتالي ممكن أقدم عمل طريقته أقرب للنجاح”.
أما بالنسبة للشاشة الفضية، قدم ذو الفقار حوالي 70 مسلسلًا وعملًا فنيًا مختلفًا، بالإضافة لأعماله المسرحية العديدة، والتي “أثقلت منه كممثل وزادت من أحاسيسه ورابطته مع الناس” – على حد قوله.
كان “الدويتو” الذي جمعه مع الفنانة الراحلة شادية، الأكثر قربًا إلى الجمهور على الإطلاق، فسلسلة الأفلام التي تشاركاها سجلت قصة حب “أحمد ومنى”، التي لا زالت مضرب للأمثال العامية حتى الآن.
غادر “حضرة الظابط” عالمنا عام 1993، إثر تعرضه لأزمة قلبية وهو يمثل المشهد الأخير من فيلم الإرهابي، الذي شاركه بطولته الفنان عادل إمام.
تعليق واحد