عرض كتاب| «بيضة النعامة».. لـ«رؤوف مسعد»

كتب – مارك أمجد
تعتبر رواية بيضة النعامة لرؤوف مسعد عملا في غاية الأهمية لأي شخص له اهتمامات أدبية. وذلك لعدة أسباب؛ أولا إذا اعتبرنا أن الكُتّاب الأقباط الذين كتبوا بالعربية يمكن تقسيمهم لأجيال وفقا للسن والزمن، فمسعد يأتي في قمة الهرم. وهذا لا يؤكد مسيحيته التي تنصل منها في كتابته، وإنما يساعدنا على التصنيف. خاصة أنه بالفعل يتطرق في صفحات كثيرة من الرواية لتشريح مشاكل وبنية أقباط مصر والسودان والمهجر. السبب الثاني أن رؤوف مسعد واحد من هؤلاء المخضرمين الذين رأوا مصر في كل حالاتها، في شيوعيتها وأيام الناصرية التي أودعته سجن الواحات، ثم الانفتاح الاقتصادي في عهد السادات وخروج الجماعات الإسلامية من معاقلها، لدولة مبارك في التسعينيات. السبب الثالث أنه ينتمي لشلة من الكتاب الذين قدموا أدبا حقيقيا ولم يرغبوا أن يصيروا نجوما، وينضم لهذه الشلة الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم وكمال القلش، وقد اشترك ثلاثتهم في تحرير كتاب أسموه إنسان السد العالي.
مقطع من الرواية
“والعيال في مدني يقفون أمام الكنيسة ويرسمون على الأرض علامة الصليب بأقدامهم الحافية وبابا يقول معلش وحتى جماعتك ينبذونك لأنك بروتستانتي وأنت في السودان مش أسمر بما فيه الكفاية، وأنت في أوروبا مش أبيض بما فيه الكفاية، وأنت يساري أكثر من اللزوم، وبعدين أنت منحل زيادة عن اللزوم. تتجوز وتطلق على كيفك ومفيش حد مالي عينك”.
ولعل هذا المقطع مثلا يعكس كثيرا من أجواء التيه الذي يعيشه الراوي دائما، وهوية الكاتب التي يحاول أن يعيد تفكيكها وغرزها في عقول من يعرفهم، لكنهم لا يقبلون منه سوى صورة واحدة. خاصة أبيه الذي كان قسيسا ملتزما.
“ويجندني واحد منهم وأقرأ البيان الشيوعي وأنتمي وأوزع المناشير وأكتب على الحيطان شعارات اعترفوا بالصين الشعبية وحينما يضعون أول سلسلة حديدية في رسغي أكتشف أنها مصنوعة في الصين الشعبية”.
في روايته بيضة النعامة يطيح رؤوف مسعد بكل المؤسسات كالنظام والبيت والكنيسة والزواج والأسرة، كما أنه ينسف كل العقائد بما فيها تلك التي آمن بها لدرجة أنه دخل السجن بسببها. كل ذلك عبر سرد ذاتي مسترسل ينقلك من السودان للأقصر لإمبابة والفجالة للإسكندرية لبولندا، من زمن الاشتراكية لزمن الرأسمالية. ولا يتحرج الكاتب عبر كل هذه المراحل من تعداد مغامراته والحديث عن سمات كل فتاة قابلها حسب بيئتها وجنسيتها. فيذكر التحرر النسائي في السودان وبيوت البنات هناك كما يسمونها والتخبط عند الفتاة المصرية والالتزام بشريعة الدولة أثناء وجود الروسيات في مصر وامتناعهن عن الخروج مع شبان مصريين بغير غرض العمل.  
بعض مما كُتب عن الرواية
“تنتهك الحدود المرسومة في الكتابة”.
إبراهيم فتحي في الأهرام
“آفاق جديدة للكتابة العربية”.
صباح الخير… علاء الديب
“أفق جديد في أدب السيرة الذاتية”.
الوسط… عبد الفتاح خليل
“كتابة نادرة في الأدب العربي الحديث وكاتبها مجنون… مجنون بالنساء والحياة”.
صحيفة لوموند
الرواية صدرت منها الطبعة الأولى عام 1994 عن دار رياض الريس لندن، ثم الطبعة الثانية منها عام 2000 عن مكتبة مدبولي في 325 صفحة من القطع المتوسط، كما تُرجمت للفرنسية، بدأ المؤلف كتابتها عام 1982 في مدينة هابو غرب الأقصر وانتهى منها عام 1993 في أمستردام.

مشاركة

تعليق واحد

  1. تنبيه: my profile

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر