عائلة حقي تسابق الزمن: 4 أيام تفصلنا عن الهدم ولا رد رسمي حتى الآن
تسابق عائلة الأديب الراحل يحيى حقي الزمن، من أجل الحفاظ على مقبرته بمدافن السيدة نفيسة. وذلك بعد وصول إنذار لـ”التربي” بهدم المقبرة، بتاريخ اليوم، ومنح عائلته مهلة حتى الخامس من ديسمبر الجاري، وإلا ستتواجد آلات الهدم في محيط المقبرة.
#انقذوا_مقبرة_يحيي_حقى
تخوض الكاتبة نهى يحيى حقي ابنة الكاتب والروائي الراحل، معركة مع الوقت لمحاولة إنقاذ مقبرته من الهدم، أو خروج عظامه من مُستقرها الأخير.
لا تعلم نهى يحيى حقي، من تناشد من المسؤولين خاصة أنها حتى الآن لم تتسلم إنذارا رسميا. وكل الإخطارات تمت بشكل شفهي من خلال التربي فقط.
كذلك لم تتلق ردا رسميا من أي مسؤول بمحافظة القاهرة أو مجلس التنسيق الحضاري. وتقول لـ”باب مصر”: “يحيى حقي كان عاشقا لآل البيت وصيته أن يُدفن في مقبرة العائلة بالسيدة نفيسة. وحققنا هذه الوصية في هدوء لنتفاجئ بعد مرور 30 عاما على وفاته أننا نسابق الزمن للبقاء عليه في مكانه”.
إنصاف كطه حسين!
تتمثل مطالبها خلال عمل التطوير الحضاري في البقاء على مقبرة عائلة حقي دون هدم وتجميلها بالأشجار. أو في أسوأ الحالات نقله بجوار السيدة نفيسة بالمنطقة نفسها.
وتتابع: “زرع الأشجار وتجميل المقبرة حتى تختفي عن الأنظار وسيلة مُتبعة عند فتح الميادين وتوسعة الشوارع، ومقبرة د. طه حسين تم تعديل المخطط للبعد عنه 4 أمتار وتجميلها”.
وأشارت إلى أن الحل المطروح بنقل رفات العائلة إلى مقابر في منطقة العاشر من رمضان أمرا مرفوضا. “كأننا نُقصي أديب مصر الكبير وهو أمر ترفضه عائلة حقي”.
تكريم وهدم في عام واحد
اختيار الأديب يحيى حقي شخصية العام لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في بداية العام. ثم إنذار بهدم مقبرته في نهاية العام، يشكل أزمة متضادة، تصفها ابنته بأنها ليست تجاهل لقيمته ولكن لعدم البحث على أرض الواقع.
وتوضح: “يحيى حقي ابن مصر ورمز من رموزها. لا أتصور إطلاقا أن الأمر متعمد، يبدو أن عملية الاختيار كانت بحثا عن الشكل فقط. أما التعريف بقيمته ودوره هذا دور المجتمع المدني والثقافي”.
اقرأ أيضا| إنذار بهدم مقبرة يحيى حقي في ذكرى رحيله الثلاثين
تم إدراك قيمة يحيى حقي الأدبية على مدار العقود الماضية. إذ تم تكريمه في مصر من الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس السادات والرئيس مبارك.
وتقول ابنته: “تكريم يحيى حقي في العهد الحالي ليس بوسام. ولكن بوضع مقبرته في المكان المطلوب كما هي”.
كذلك تم تكريمه خارج مصر بحصوله على جائزة الملك فيصل وتكريم من فرنسا. باعتباره أديبا شاملا تحدث في كل الفنون والفكر وله مدرسة خاصة في الأسلوب ورؤية في الشعر والنقد.
مقابر الخالدين
وصف البعض أن المناداة بعدم نقل يحيى حقي مطلبا للموتى البسطاء في المنطقة نفسها. وأن إثارة القضية باسمه تسلط الضوء على مقابر المنطقة بأكملها.
وتوضح: “لا يوجد شخص مُهمش كل إنسان له مكانته. وبالنسبة لمقابر الرموز فهي قضية عامة والرئيس بنفسه قال إنه لا مساس بالمقابر الأثرية والتاريخية ورموز مصر، وهذا حق لهم”.
وفي العالم بأكمله تتحول مقابر الشخصيات الهامة إلى مزارات. مثل مقبرة شكسبير، وفيكتور هوجو، وبيتهوفن وفي تجربة لبناء فندق في بلد ما على جبل كامل يضم مقابر لأشخاص معروفين ومغمورين. تم بناء الفندق ولم تهدم المقابر واستبدل الطريق ببناء تلفريك لعدم هدمها.
وأشادت بفكرة د. مصطفى الفقي لإنشاء “مقابر الخالدين”. وتقول: “الفكرة نالت إعجابي لضم مقابر المشاهير ورموز مصر في مكان واحد، لكن لحين تنفيذها لابد من إنقاذ الموقف وعدم نقله أو المساس به”.
حبر لم يجف!
كتابات يحيى حقي تتسم بالمعاصرة كأن حبر قلمه لم يجف بعد. وعند قراءة واحدة من كتاباته تشعر كأنه كتبها للعصر الحالي. رغم أنه نال شهرة واسعة كمترجم أو رائد للقصة القصيرة. إلا أن كتاباته جعلت تصنيفه أديبا شاملا. وتضيف ابنته: “لديه بصمة لكل ما كتب سواء قصة أو مقال أو وصف لنا بأعين ناقد”.
ومن كتاباته في الفنون، “تعالى معي إلى الكونسير” لوصف الموسيقى الكلاسيكية. و”حدوتة في الفن الشعبي” للسفر بالقارئ بدءا من أسوان ورصد لافنون الشعبية المختلفة.
وكتب “خطوات في النقد” وهو بمثابة مدرسة في أسلوب النقد. وهذا الكتاب غني بالرؤى للمدارس المختلفة في النقد الأدبي. كذلك يعد أول من كتب بالأسلوب العلمي في الكتابة كما وصفه، ويعتمد على أن تكون الكلمة في موضعها.
بالإضافة إلى ترجماته الرائدة التي كان أبرزها “1000 عام على مدينة القاهرة”. واتسم ترجمة أديب وليس ترجمة مترجم، والمقدمة لها دراسة كبيرة أشبه بكتاب ثاني.
وفي التاريخ كتب “صفحات من التاريخ” لسرد التاريخ بصورة قصص من نواحي مختلفة. بدءا من العصر الفرعوني مرورا بالقبطي والإسلامي والتقاليد والعادات. وسمى نفسه في هذا الكتاب “الجبرتي المعاصر”.
أما اعتزاله الكتابة على غير العادة للكُتاب، كان بسبب صدقه مع نفسه لأن كتب ما أحب أن يكتب كذلك بسبب ضعف العين والإرهاق بسبب الكتابة.
وعلى حد وصف ابنته أنه كتب ما يحب أن يكتبه، وكان موجودا على الساحة الأدبية حتى وفاته في ديسمبر 1992. وفي العام نفسه حل ضيفا في يناير في صالون الأوبرا.