صيد الفلامنجو في بورسعيد.. خطر يهدد الطيور المهاجرة في مصر
بدأت طيور الفلامنجو بالظهور في محافظة بورسعيد خلال موسم هجرتها السنوية مع دخول فصل الشتاء، وعلى الرغم من مرورها بمصر ضمن رحلة الهجرة، إلا أنها أصبحت تواجه خطر الصيد الجائر، لبيعها حية، الأمر الذي يهدد الطيور المهاجرة ومنها الفلامنجو خلال مسارها المعتاد في مصر.
صيد جائر
عدد من الصفحات مجهولة الهوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت بنشر إعلانات عن أصناف مختلفة من الحيوانات المهاجرة، من أجل بيعها حية بهدف التربية وأخرى بهدف تناول لحمها، ومنها صفحة تحمل اسم «مطبخ مروه» أعلنت عن بيع الطيور المهاجرة ومنها صورة لطيور الفلامنجو، وكان قد نشر إبراهيم بقلاوة عن هذه الصفحة: “للأسف هذا الامر استغلال لهجرة الطيور القادمة مرة واحدة لبورسعيد بأعداد بسيطة.. مطبخ مروه حذف المنشور وأتمنى إيصال الأمر لمسئول وتقديم بلاغ”.
تواصل «باب مصر» مع السيدة هدى المسؤولة عن «مطبخ مروه» لمعرفة طرق صيدها والأسعار، وأجابت أنها تعيش في دمياط ومتخصصة في بيع الطيور لمهاجرة، مثل اليمام والسمان والبلبول والحمام البري، موضحة أنها عندما نشرت صورة طيور الفلامنجو لبيعها كان ذلك من خلال الاتفاق مع تاجر آخر يقوم بصيدها، وأن الإعلان عن هذه الطيور غير متكرر ويتم بيعها لعشاق الطيور فقط، ويصل سعر طائر الفلامنجو المعروف أيضا بـ”البشاوروش” إلى 200 جنيه، مع بيع طيور أخرى مهاجرة.
وتقول: “بعدما نشرت الإعلان واجهت مشكلة وهجوم من قبل المتابعين الذين رفضوا بيع طيور الفلامنجو، وبعد هذا الهجوم قمت بحذف المنشور، ولا أعلم سر رفض بيع هذا الطائر تحديدا خاصة أنني متخصصة في بيع أجمل الطيور المهاجرة”.
بورفؤاد ومواسم الهجرة
تعد منطقة بورفؤاد في محافظة بورسعيد، تحديدا بحيرة ملاحة شرق التفريع ببورفؤاد، وملاحة الماكس جنوب شرق مدينة بورفؤاد، موطنا لطيور الفلامنجو المهاجرة التي تتبع هذا المسار منذ ملايين السنين، ويوضح الباحث البيئي ومصور الحياة الطبيعية واتر البحري لـ«باب مصر»: أن المنطقة التي يستوطن بها طيور الفلامنجو تقدر بحوالي 32 كم، وتعد منطقة هامة لتعشيش الفلامنجو في مصر، أما التصنيف العالمي فطبقا للمجلس العالمي للطيور فهي تعد ثالث أهم منطقة للطيور المهاجرة في مصر.
وأشار إلى أن منطقة بورفؤاد قد تضررت بشدة بسبب الصيد العشوائي للطيور المهاجرة باختلاف أنواعها، منذ ما يزيد عن 80 عاما، برغم أن البحيرات الساحلية الشمالية مسؤولة عن الثروة السمكية وتعتبر بمثابة مصدات لأي نوة قد تحدث ولكن تم ردم أجزاء منها والتي ستؤثر على دمار البيئة، أما عن توزيع طيور الفلامنجو في مصر فهي موجودة في منطقة الملاحة والبردويل، وقديما في المنزلة وفي سيوة بأعداد قليلة وأسوان، وتهاجر الطيور في موسم سنوي يبدأ أواخر شهر سبتمبر وينتهي في شهر إبريل.
الطيور المهاجرة في خطر
ويصف صيد الطيور المهاجرة بأنها وصلت إلى حالة غاية في السوء منذ أواخر عام 2009 وازدادت سوءا في عامي 2011 و2012، مضيفا لـ«باب مصر» أن هذه القضية خاضعة لوزارة البيئة، ولكن لا تستجيب بعض الجهات بسبب الموروث الثقافي بأن تناول لحم الطيور هو الأفضل لصحة البشر.
اشترك الباحث البيئي في عدة دراسات متعلقة بالطيور المهاجرة في مصر، ومنها مقال منشور بمجلة (ناشيونال جيوجرافيك) يرصد عدد الطيور التي يتم صيدها تقديريا في مصر ووصلت إلى 14 مليون طائر سنويا، يتم صيدها من خلال الشبك، البنادق أو المُخيط، ويتنوع الهدف من الصيد بين الهواية والربح، ويوضح واتر لـ«باب مصر» أن بعض طرق الصيد بهدف الربح تتم بطرق ممنوعة على ساحل مصر مثل استخدام أجهزة الصوت.
يرجح واتر أن صيد الطيور المهاجرة بهدف الأكل يرجع إلى الثقافة الشعبية، حتى وصل الأمر إلى تناول لحوم طائر النورس الذي يتغذى على القمامة، أما طيور الفلامنجو تعيش في المناطق الساحلية وتتناول القشريات والديدان بطريقة معينة يكون لها دور في نظافة قاع البحار، معتبرا أن طيور الفلامنجو المهاجرة لها دورا في نظافة الأماكن الرطبة وبالتالي توازن بيئي فلا تؤثر الديدان على الثروة السمكية، ويقول: “عند حدوث خلل بزيادة عدد القواقع تقل نسبة الأكسجين، فتتعفن البحيرات، وبالتالي السمك لا يضع بيض وتتأثر الثروة السمكية، والبحيرات الشمالية قديما كانت تستخدم كمصايد بحيرات مفتوحة بمعنى دخول أسماك حاملة البيض والتي تقوم بتفريغ بويضاتها على البحيرات الساحلية وتعود مجددا”.
اتفاقات دولية
تكمن أهمية طيور الفلامنجو في أنه يعد واحدا من الكائنات المميزة في واحدا من أهم ممرات الطيور المهاجرة عالمي من إفريقيا لأوروبا، ويوضح أنه لا يتم الحفاظ عليها لتنشيط سياحة مراقبة الطيور التي من المفترض التسويق عالميا لها، خاصة أن الطائر يعرف الأماكن التي يصبح مهددا فيها بالخطر ويتجه إلى تغيير مساره، وبعض الطيور التي يتم صيدها يتم تصديرها من مصر إلى دول الخليج مثل طائر الصفير، والبط البلبول المسموح بصيده ولكن بكميات محدودة.
وطالب الباحث البيئي بضرورة تفعيل القانون المصري لتنظيم الصيد، في الأماكن الأكثر سوءا لصيد الطيور المهاجرة مثل بحيرة البرلس، وأسوأ أسواق في دمياط، الإسكندرية، رشيد والضبعة.
وتابع: على الصعيد الدولي، تعد مصر واحدة من الدول التي ترتكب أسوأ مذابح للطيور المهاجرة (الشجرية والمائية)، بالإضافة إلى قبرص، مالطا، البلقان ولبنان، ويوضح أن مصر من الدول الموقعة على اتفاقيات دولية للحفاظ على 4 مسارات الهجرة الدولية، وحال الصيد يتم ذلك بنسب محددة وكميات مسموح بها فقط، وسياحة الصيد واحدة من الثقافات الشائعة في دول مثل مالطا وقبرص، وعند تجريمها في بلادهم يأتون إلى مصر خصيصا لممارستها بهدف المتعة وتجارة الطيور المحنطة التي يتم تهريبها إلى بلادهم مرة أخرى.
القانون المصري
اهتم القانون المصري بالقضايا البيئية ومنها الصيد الجائر، حيث تنص المادة (28) من قانون البيئة رقم 9 لسنة 2009 على أنه يحظر بأية طريقة القيام بأي من الأعمال الآتية: صيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والكائنات الحية المائية أو حيازتها أو نقلها أو تصديرها أو استيرادها أو الاتجار فيها حية أو ميتة كلها أو أجزائها أو مشتقاتها أو القيام بأعمال من شأنها تدمير الموائل الطبيعية لها أو تغيير خواصها الطبيعية أو موائلها أو إتلاف أوكارها أو إعدام بيضها أو نتاجها.
وكذلك حظر القانون الاتجار فى جميع الكائنات الحية الحيوانية أو النباتية المهددة بالانقراض أو تربيتها أو استزراعها فى غير موائلها دون الحصول على ترخيص من جهاز شؤون البيئة.
2 تعليقات