صور| رحلة تماثيل الإسكندرية من البرونز لـ”الدوكو”
تصوير: نيفين سراج
أثار طلاء تمثال الخديوي إسماعيل، الكائن بمنطقة محطة الرمل خلف سينما أمير بالإسكندرية، بالدوكو الأسود، غضب الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمتخصصين، خاصة بعد انتشار صور التمثال عليها، والتي كانت ضمن أعمال صيانة ودهان الميدان التي قامت بها الأجهزة التنفيذية بحي وسط الإسكندرية، حيث إن لون التمثال الأصلي هو اللون البرونزي المائل إلى الأخضر، وتحول بعد الطلاء إلى اللون الأسود القاتم.
ويعرض مقطع الفيديو التالي تقرير “ولاد البلد” عن ميادين الإسكندرية التي تعرضت للتشوية عام 2014.
تاريخ التمثال
يشير الدكتور إسلام عاصم، مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بالمعهد العالي للسياحة بالإسكندرية ونائب رئيس جمعية التراث للفنون التقليدية بالإسكندرية، لـ”باب مصر”، إلى تاريخ التمثال وصناعته قائلا: تم التفكير في صناعة التمثال عقب زيارة الملك فؤاد الأول لإيطاليا عام 1927م، ورحب الشعب الإيطالي بحفاوة بزيارة الملك، ومن هنا قررت الجالية الإيطالية في الإسكندرية صناعة تذكار يخلد هذه المناسبة.
وتابع: من هنا حدثت مشاورات بين قنصل إيطاليا وبين فيروتشي بك، رئيس مهندسي السرايات الملكية، وبعد موافقة الملك فؤاد الأول استقر الرأي على أن يكون التمثال للخديوي إسماعيل.
ويضيف مدرس التاريخ، أنه تم جمع تبرعات من أبناء الجالية الإيطالية، ووقع الاختيار على الفنان الإيطالي “بيتروكانونيكا” لصناعة التمثال، وفي عام 1935م تم الانتهاء من صناعة التمثال وتجهيز الميدان الذي سيوضع فيه ووضع الستار على التمثال استعدادا لافتتاحه.
ولكن بسبب وفاة الملك فؤاد تأجل افتتاحه وبعد 3 سنوات قام الملك “فاروق” بإزاحة الستار عن التمثال عام 1938م، وسط احتفالية كبيرة نظمتها الجالية الإيطالية في الإسكندرية.
فيما علق مدرس التاريخ على طلاء التمثال بقوله: “سبق منذ عدة سنوات في عهد اللواء طارق المهدي محافظ الإسكندرية الأسبق، التعدي على تمثال سعد زغلول بمنطقة محطة الرمل وطلاءه باللون الذهبي، ما أثار اعتراض المتخصصين وأساتذة الفنون الجميلة على هذا اللون، وتم إعادته إلى اللون الأصلي وقد تكرر نفس الأمر منذ أيام في تمثال إسماعيل باشا والذي أثار نفس الاعتراض، متمنيا وجود محاسبة لمن يتعدون على التراث حتى لا يتكرر الأمر ثانية”.
طلاء التمثال بالدوكو مخالف
وفي تصريحات سابقة أوضح محمد متولي، مدير عام منطقة الأثار الإسلامية بالإسكندرية، أن صبغ التمثال بهذا الشكل جاء مخالفا للطبيعة الأثرية للنصب، وأن المادة المستخدمة في الطلاء مخالفة للتعليمات، فأصل التمثال هو اللون البرونزي المائل للون الأخضر والهدف أن يجعله يتلألأ مع ضوء الشمس، مشيرا إلى أنه في فترة صناعة التمثال كان مكانه عند نصب الجندي المجهول قبل أن يتم نقله بعد ذلك، مؤكدا أن ترميمه ينبغي أن يتم بمعرفة المتخصصين بوزارة الآثار، وأنه جاري التنسيق مع المحافظة لإعادة ترميمه وإعادته إلى لونه الأصلي.
فيما أوضح اللواء سمير صدقي، رئيس حى وسط، أن رش تمثال الخديوى إسماعيل هي مجرد أعمال مبدئية فقط، وأنه جاري عقد لقاء تنسيقي من لجنة مخصصة بفنيين متخصصين فى أعمال الترميم برئاسة محافظ الإسكندرية، ولم تكن هذه هي المرة الأولى في الإسكندرية التي يتم دهان تمثال تراثي دون الرجوع إلى المتخصصين، فمنذ سنوات حدث نفس الأمر في تمثال سعد زغلول المقابل للكورنيش بمحطة الرمل في الإسكندرية.
سعد زغلول ذهبي برونزي
في عام 2014، تمت إعادة ترميم وتجميل تمثال وميدان سعد زغلول و هو من تصميم الفنان الراحل محمود مختار، وذلك بعد ما لحق به من تشويه بسبب الباعة الجائلين، وذلك على حد قول حارس الميدان في تصريح سابق في ذلك الوقت.
ووقتها عهدت المحافظة لشركة استثمار عقاري تجميل الميدان وترميم التمثال الذي تم بشكل خاطىء دون الاستعانة بمتخصصين الذين قاموا برش التمثال بالدوكو البرونزي، الذي ترتب علية توقف أعمال الترميم بسبب استنكار كثير من السكندريين والمتخصصين الوضع الذي وصل إليه التمثال، وتم إسناده إلى الدكتور محمد شاكر، أستاذ الفنون الجميلة، لإصلاح ما لحق بالتمثال، وذلك حسبما ورد في وسائل الإعلام قبل إعادة افتتاح الميدان.
وفي هذا التوقيت، تباينت آراء المارة حول تمثال سعد زغلول في الماضي والحاضر بين معجب بشكل التمثال بعد الترميم وبين المستاء من تغير شكل التمثال الذي يمثل تاريخ مصر.
وفي تصريح سابق لـ”باب مصر” قال الدكتور محمد عوض، أستاذ بكلية الآثار بجامعة الإسكندرية والمتخصص في تاريخ مصر الحديثة، إن الأزمة الحقيقة هي أن الترميم والتجميل يتم في غياب المتخصصين، فالشركات التي تقوم بذلك ليست لديها خبرة بالطرق المتخصصة في ترميم التماثيل التاريخية، وذلك على حد قوله.
ويعود تاريخ صناعة تمثال سعد زغلول إلى عام 1935م، وهو أحد أعمال الفنان محمود مختار، ووضع في الميدان عقب وفاة زعيم الأمة سعد زغلول.
وهذه الأيام يتم إجراء صيانة من قبل المحافظة للميدان سعد زغلول داخل حديقة الميدان والسور الخارجي، لكن حتى الآن لم يقترب أحد من التمثال مرة أخرى وأوضح أحد العمال الذي يقوم بأعمال الصيانة داخل حديقة الميدان “نحن مكلفين من قبل المحافظة بدهان سور الميدان وصيانة الحديقة لكن لن نقترب أو نكلف بشيء بخصوص التمثال في الميدان فهذا ينبغي أن يتم بمعرفة المتخصصين ليس نحن”.
اقرأ أيضا
تعليق واحد