صور| حكاية “خبيئة أثرية” بالمعهد السويدي بالإسكندرية
“بدأت القصة منذ حوالي ثلاثة سنوات تقريبًا. عندما دُعيت لإلقاء محاضرة عن التراث في المعهد السويدي بالإسكندرية، بصفتي باحث في التراث. وعندما ذهبت للإعداد للمحاضرة. اصطحبوني لمشاهدة مجموعة من القطع التراثية التي عثروا عليها داخل مبنى المعهد التراثي التابع ملكيته الآن للكنيسة السويدية ومن هنا كانت البداية”. كانت هذه هي الكلمات الأولى التي بدأ بها دكتور إسلام عاصم، مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بالمعهد العالي للسياحة بالإسكندرية، ونائب رئيس جمعية التراث للفنون التلقيدية بالإسكندرية ونقيب المرشدين السياحين سابقًا، سرده لقصة إعلان العثور على “خبيئة أثرية”، مساء الأربعاء الماضي.
وترجع هذه الخبيئة إلى فترات زمنية متفاوته يعود بعضها إلى القرن الثالث قبل الميلاد بداخل قبو المعهد السويدي. وذلك أثناء عملية البحث عن المقتنيات التراثية الخاصة بقنصل السويد كارل فون جرير. وهو عاش في الإسكندرية في النصف الأول من القرن العشرين. حيث استقر في مصر الفترة ما بين عامي 1906 و1959 تقريبًا. وتوفي مقتولاً، ودفن في الإسكندرية بمنطقة الشاطبي، وفق عاصم.
مقتنيات جرير في خبيئة أثرية
يقول عاصم: هذا المبنى الذي يوجد به المعهد السويدي حاليًا بمنطقة المنشية. وكان ملك كارل فون جرير، قنصل السويد سالف الذكر. وعندما مات لم يكن له ورثة، وأهدى شقيقه المبنى إلى الكنيسة السويدية. وبعد ذلك مر المبنى بفترات من الإهمال حتى جاء المعهد السويدي وأعاد تأهيله مرة أخرى.
ويضيف، عندما ذهبت هناك للإعداد للمحاضرة اصطحبوني لمشاهدة المقتنيات التي عثر عليها المعهد داخل مبنى جرير. وقتها لم يكن يدركوا مدى أهميتها التراثية، وهو ما أوضحته لهم عند رؤيتي لهذه المقتنيات. وذلك بصفتي متخصص في التراث. فهذه المقتنيات لا يوجد كثير منها في متاحف مصر كلها. وهي عبارة عن مجموعة نادرة من النياشين والأوسمة والميداليات التي تعود إلى العهد الملكي في مصر والأسرة العلوية.
ويتابع دكتور إسلام عاصم قائلا: هنا قررت التبرع بعمل توثيق لهذه المقتنيات التي تحمل قيمة كبيرة لمصر، لأنها جزء من تاريخها. وبالفعل قمت بدراسة هذه المقتنيات وأعددت بحثًا تم نشره في كلية السياحة بجامعة الفيوم. وفي هذه الفترة بحثت مع إدارة المعهد السويدي فكرة عمل متحف داخل المعهد لهذه المقتنيات. وكنا نسير في هذه الإجراءات.
صور للمعهد السويدي من الصفحة الرسمية للمعهد على الفيس بوك
إغلاق المعهد السويدي
ويستكمل عاصم، “للأسف منذ عدة أشهر ماضية تم الإعلان عن غلق المعهد السويدي في الإسكندرية، في مارس القادم، لانتهاء عقده مع الكنيسة السويدية، وهنا حاولت أن أجد حلا لمجموعة كارل فون جرير، ودعيت بعد ذلك من قبل المعهد لأوضح لهم مدى أهمية هذه المجموعة لمصر، وأنها جزء من تاريخنا وتعنينا بشدة، وأن القانون المصري يمنع خروجها من مصر، وترك الأمر بعد ذلك للبحث من قبل المعهد السويدي”.
وعن أسباب غلق المعهد السويدي، جاء في بيان سابق أصدرته وزارة الخارجية السويدية في سبتمبر الماضي، أوضحت فيه أن أسباب الإغلاق هو انتهاء عقد الإيجار للمبنى وصعوبة السفر إلى الإسكندرية، فقد قيّمت حكومة السويد ضرورة نقل أنشطة المعهد، بنية الانتقال إلى مكان آخر في منطقة الشرق وشمال أفريقيا في أسرع وقت ممكن، ولن يؤثر هذا القرار على التواجد السويدي في جمهورية مصر العربية عن طريق السفارة في القاهرة، وذلك وفقًا للبيان المنشور الصادر من الخارجية السويدية.
olor: #ff0000;”>><strong>الخبيئة الأثرية</strong>
بعد ذلك تلقى دكتور إسلام عاصم اتصالاً من إدارة المعهد السويدي بالإسكندرية، تتطلب منه الحضور لعثورهم على مجموعة متنوعة من الآثار كانت مخبأة في دروب المنزل الكبير الذي بني عام 1925، وذلك على حد قوله.
ويردف عاصم، كانت النتيجة الرائعة فبعد المناقشة وإفهامهم بالوضع توسط لكي يتم إهداء ما عُثر عليه إلى وزارة الآثار ليس ذلك فقط، بل استطعنا إقناعهم بإهداء كل القطع المصرية من مجموعة فون جربر إلى وزارة الآثار، مع وعد بأخذها كلها إن سمحت الخارجية السويدية بذلك.
يقول الباحث: بالفعل قمت بالتوسط والتواصل مع السلطات المصرية وشرطة الآثار فيما يخص المقتنيات التراثية والمجموعة الأثرية، وهنا يجب أن أوجه لهم الشكر على مجهودهم والتحرك السريع، وذهبنا إلى غرفة الاجتماعات التي توجد بها الميداليات في المعهد السويدي وحصلنا على ما يقرب من 16 ميدالية تخص مصر.
ومن ضمن هذه النياشين والأوسمة نيشان ملكي، ويعتبر نادر جدًا ولا يوجد له مثيل في مصر، من عهد السلطان أحمد فؤاد الأول، وميداليتان فضة نادرتان جدًا لسباق الخيل بالإسكندرية تعود لعامي 1905 و1906 إضافة إلى صور شخصية لـ “جرير”، وبحث قام به وجواز سفر مصري.
ووجه عاصم الشكر لإدارة المعهد السويدي لتفهمها أهمية هذه المجموعة لتاريخ وتراث مصر. وخص بالشكر المدير الإداري للمعهد برت ابراهامسون، والموظفين المصريين بالمعهد السويدي. كما وجه الشكر إلى منطقة آثار الإسكندرية بقيادة الدكتور خالد أبو الحمد. وأيضا لرئيسة قطاع المتاحف والأثريين الذين شاركوا في هذا الحدث بالتوثيق والفحص، واستلموا مع عثر عليه من مقتنيات ومجموعات أثرية. وهم محمد أبو بكر وابتسام خليل ومحمود رمزي.
تعليق واحد