رفاييل كورماك: منتصف الليل في القاهرة.. نجمات مصر في العشرينيات الصاخبة (1-3)

ننشر هنا، وعلى مدى ثلاثة أيام الفصل الأول من كتاب «منتصف الليل في القاهرة: نجمات مصر في العشرينيات الصاخبة» الذي يصدر قريبا عن دار الكتب خان. في الكتاب الذي ترجمه علاء الدين محمود يحكي مؤلفه رفاييل كورماك حكاية منسية عن المسرح والغناء والرقص تُظهر الشرق الأوسط الحديث من زاوية مختلفة – زاوية لا تهيمن عليها الحروب أو«المثقفون» أو«الرجال العظماء» أو السياسة العليا. بل ليالٍ متأخرة في الكباريهات وموسيقى صاخبة ونساء يطالبن بالتغيير.

***

في المسرحية المصرية القديمة طيف الخيال، كانت الشخصيات الرئيسية تتناول العشاء بعد فترة وجيزة من إجراءات الحكومة القاسية – إذ أُغلقت بيوت الدعارة، ومحلات النبيذ، كما أُلقيت إمدادات القاهرة من الحشيش في النار. قامت إحدى الشخصيات المحبطة بتعزية الضيوف المجتمعين بـ”مرثية لإبليس” والتي يصف فيها الحياة الليلية الفاسدة في المدينة في الأيام السابقة والمشبوهين من السكارى والموسيقيين ومدخني الحشيش والمهرجين والمومسات. يقول في قصيدته في رثاء الحال: من الآن فصاعدًا، “لا وداع لا عناق لا… لا لا تبوس”؛ انقضى كل ذاك.

ليس هذا المشهد من مصر الحديثة، بل كتبه ابن دانيال لمسرح خيال الظل في القرن الثالث عشر الميلادي، وابن دانيال طبيب عيون أصله من الموصل لكنه استقر في القاهرة. قام ابن دانيال بتأليف قصيدته في فترة حكم السلطان المملوكي بيبرس الذي اشتهر بانتصاراته العسكرية ضد الصليبيين والمغول إلا أنه أيضًا، وفقًا لمسرحية ابن دانيال، بدأ حملته الأخلاقية الخاصة به في أرض الوطن.

طيف الخيال واحدة من ثلاث مسرحيات خيال ظل باقية لابن دانيال، وهي من بين أقدم النصوص الدرامية باللغة العربية التي وصلتنا من مصر وهي مثال نادر من العصور الوسطى لهذا النوع الفني الذي قامت فيه مجموعة كبيرة من الدمى الجلدية الأنيقة والمصنوعة بدقة بتمثيل مسرحيات ماجنة وغالبًا فاحشة فحشًا جريئًا. يبدو أن المسرحيات التي امتازت بحبكة خفيفة – لكنها مليئة بالأغاني والاسكتشات القصيرة – صُممت لإبراز ذكاء الشاعر ومهارة محرك الدمى في أثناء رسمهما لصورة حية لثقافة المدينة والترفيه بها. تتكون مسرحية الظل الأخرى لابن دانيال، عجيب غريب، من موكب من الشخصيات الذين يدخلون لفترة وجيزة لأداء تمثيليات قصيرة ثم يغادرون. ملأ ابن دانيال مصر المملوكية بمجموعة من غريبي الأطوار ولاعبي الأكروبات والوعاظ والسحرة ومروضي الحيوانات والمحتالين وصانعي الوشم ومبتلعي السيوف.

***

استمر أداء مسرحيات الظل في شوارع مصر وفي الأعياد الدينية لعدة قرون بعد ذلك تشمل المخطوطات الباقية في وقت لاحق مسرحية التمساح. حيث يأكل تمساح أحد صيّادي السمك ويتنافس أحد النوبيين وشخص من شمال إفريقيا على إنقاذه من بطنه. ومسرحية المقهى حيث تتناقش شخصيتان حول المزايا النسبية للمثلية الجنسية والجنس الغيري. يكسب المؤيد للجنس الغيري الحجة لكنه يخسر الحرب لأن المؤيد السابق للمثلية الجنسية كان على علاقة في الوقت نفسه مع زوجة الآخر. وصف الباحث المستشرق الألماني (والجاسوس لاحقًا) كورت بروفر Curt Prüfer في زمن متأخر في 1911مسرحيات خيال الظل التي شاهدها:

يقوم اللاعب بتركيب “الكشك” وهو كشك خشبي متحرك يحركه حيثما يشاء، يجلس خلف ستارة من الشاش القطني المشدودة بإحكام. وتُضاء من الخلف بمصباح زيت بدائي، وتضغط الأشكال الجلدية الشفافة على الستارة بواسطة عصيّ خشبية مثبتة على الأشكال في الخلف وتعمل على تحريك أطرافها في الوقت نفسه. وتدعم اللاعبَ فرقتهُ التي تساعده في التلاعب بالشخصيات وقراءة الأدوار المختلفة.

في بداية القرن التاسع عشر، أي بعد حوالي ستمائة عام من عرض مسرحيات ابن دانيال لأول مرة، ظهرت العديد من تقاليد التسلية الجماهيرية المختلفة إلى جانب مسرح خيال الظل. كان هناك، على سبيل المثال، نوع آخر من عروض الدمى يسمى بالأراجوز. وهو نسخة مصرية من مسرحيات الظل التركية التي تسمى القراقوز، والتي كانت تستخدم العرائس اليدوية كاستعراض “بنتش آند جودي Punch and Judy”*. لكنها احتفظت بالشخصيات النمطية والفكاهة التهريجية والنكات القذرة المميزة لمسرح خيال الظل.

رفاييل كورماك
رفاييل كورماك
***

بالإضافة إلى عروض الدمى، كان لاعبو الفَارْص farce المتجولون (عادة ما يطلق عليهم “المحبظين”) سمة منتظمة في حفلات الزفاف والاحتفالات الدينية والحفلات الخاصة. تمكنت اسكتشاتهم والتي غالبًا ما كانت تهتم بالحكام المعاصرين أو محنة المضطهدين من السخرية من الأقوياء والضعفاء معًا. كتب الرحالة والمستشرق إدوارد لين Edward Lane في ثلاثينات القرن التاسع عشر: “كانت (تلك العروض) تُسلي وتحظى بالإعجاب والتصفيق من خلال الدعابات المبتذلة والأفعال الشائنة بصفة خاصة”. لم تكن عروضٌ كهذه مبنية على نص دقيق وكانت تحظى بمجال كبير للارتجال وتفاعل الجمهور. في معظم الحالات، تأتي التفاصيل حول العروض من روايات الرحالة الأوروبيين (التي لا يمكن الوثوق بها دائمًا).

وفي المقاهي، كان الرواة يرددون السير الشفاهية، تارة بمصاحبة الموسيقى وبلا موسيقى تارة أخرى. كانت أكثر السير الشعبية شهرة في أوائل القرن التاسع عشر هي السيرة الهلالية، وهي سيرة شعبية عن هجرة قبيلة بني هلال من شبه الجزيرة العربية إلى شمال إفريقيا. وسيرة عنتر، وهي حكاية عنتر ابن الأَمَة الذي أضحى شاعرًا ومحاربًا عظيمًا في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام. والسيرة الظاهرية، وهي سيرة عن حياة السلطان بيبرس (الذي كان ابن دانيال قد تعرض لإصلاحاته بالسخرية قبلها بقرون).

ثم كان هناك المغنون والراقصون. وبحسب لين والذي لا يزال مصدرًا رئيسيًا لتاريخ الترفيه في القرن التاسع عشر (وإن تعاملنا معه بشيء من الحذر). كان المصريون، مقارنةً بالبريطانيين، مولعين للغاية بالموسيقى.”قَسَّم لين الفنانين الموسيقيين ثلاثة أنواع رئيسية. النوع الأول هو “الآلاتي”، وهو عازف موسيقي ويصاحب نفسه على آلة موسيقية كالعود. نظر لين إلى هؤلاء أنهم “أناس ذوو عادات فاسدة للغاية”. لكنه أشار إلى أنهم كانوا يُطلبون بأجرٍ في معظم مناسبات الترفيه الكبيرة لتسلية الناس، ويتم تزويدهم عادةً في هذه المناسبات بالبراندي أو المشروبات الروحية الأخرى والتي يشربونها أحيانًا حتى لا يعودون قادرين على الغناء ولا الضرب على الأوتار.

***

أما النوع الثاني فكانت “العالمة”، وهي مغنية تقدم عروضها بشكل شبه حصري في منازل النخبة. ذكر لين إن هؤلاء النسوة كن في الغالب ماهرات للغاية، إذ كن يكتبن أشعارهن الخاصة ويتلقين مبالغ كبيرة مقابل أدائهن. أما النوع الثالث من الفنانين الموسيقيين حسب تصنيف لين في أوائل القرن التاسع عشر فكانت “الغوازي” أو “الغازية”، وهي فتاة راقصة تقدم عروضها إما في الشوارع العامة أو في الحفلات الخاصة للناس العاديين. وكان يُنظر إلى رقصهن كرقص يفتقر إلى التهذيب وأكثر إثارة للجنس من الرقصات التي رآها في البيوت الغنية، لكنه اعترف بأن النساء وكذلك الرجال كانوا يسعدون بمشاهدة رقصهن حتى لو كان “العديد من الأشخاص من بين الطبقات العليا والأكثر تدينًا يرفضهن”.

تمتعت القاهرة بحياة ثقافية ثرية بالنسبة لسكان المدينة في بداية القرن التاسع عشر. لكن العقود القادمة ستغير مصر – وحياتها الليلية – بما جعلها تختلف تمامًا عن عهدها السابق. في أثناء هذا الوقت، ستتطور مصر من ولاية مهملة إلى حد كبير من ولايات الإمبراطورية العثمانية إلى دولة حديثة مزدهرة ومهمة سياسيَّا. قوة اقتصادية صاعدة ما لبثت أن صارت محمية (شبه رسمية) للإمبراطورية البريطانية. ومع تشكل مصر الجديدة، ستسيطر المسارح ودور السينما والكباريهات والتياترات على القاهرة كما كان شائعًا في جميع أنحاء العالم. بحلول نهاية القرن، كانت الحياة الليلية في القاهرة تتركز في حي الأزبكية الذي سُمِّيَ على اسم أمير مملوكي قديم يُدعى أزبك كان يملك قصرًا هناك في يوم من الأيام.

كانت المنطقة تفخر أنها تضم ما لا يقل عن ثلاثة عشر مكانًا ترفيهيًا كبيرًا وعددًا لا يحصى من البارات والمقاهي الأصغر. كانت العديد من هذه الأماكن تقدم عروضًا للمغنيات أو الراقصات في غرف مليئة بالدخان والخمور. كما كانت تضم صالات للقمار وأوكار للحشيش وغير ذلك. كان هذا في القاهرة مُناظرًا لمونمارتر أو برودوايBroadway أو سوهو Soho.

إلى جانب أماكن الحياة الليلية، كانت هناك العديد من الفنادق التي تلبي احتياجات المسافرين الأوروبيين. وكان من أبرزها فندق شبرد بتراسه الشهير. حيث كان أفراد النخبة من جميع أنحاء العالم يتجمعون فيه في موسم الشتاء. وفقًا لمقال نشر في هاربرز بازارHarper’s Bazaar 1884، “في الأيام الخوالي، قبل أن تحول القناة مسار السفر بين الهند ومصر، كان فندق شبرد المكان الذي تلتقي فيه جداول الماء من الشرق والغرب”.

***

تلك الفنادق إلى جانب البنايات الجديدة المبنية على الطراز الفرنسي والتي ظهرت فجأة في هذا الجزء من القاهرة دفعت الناس إلى تسمية الأزبكية بالحي الأوروبي. ومع ذلك، كان هناك المزيد من الأحداث التي كانت تجري في هذه المنطقة أكثر مما يشير إليه هذا الاسم. فإلى الشمال من الحدائق كانت تقع كاتدرائية مار مرقس، مقر البطريركية القبطية وأحد أهم معالم المسيحية المصرية. ومن الشرق كان يقع الموسكي، وهي منطقة تاريخية ذات عمارة عربية وشوارع ضيقة تؤدي إلى قلب المدينة الفاطمية القديمة والتي اعتبرها الأوروبيون شديدة الغرابة. كانت الأزبكية، بعيدة عن كونها مجرد نقطة جذب للسائحين، “المكان” المناسب للخروج ليلاً بالنسبة للقاهريين الباحثين عن المتعة.

قصة الأزبكية هي قصة مصر الحديثة أيضًا. في معظم كتب التاريخ، يتميز عام 1798 أنه بداية مرحلة جديدة في تاريخ البلاد. في ذلك العام، قاد نابليون جيوشه عبر البحر الأبيض المتوسط ​​وغزا مصر وهزم الجيوش العثمانية في معركة الأهرامات. اجتاح الإمبراطور الفرنسي .الذي عاش في فانتازيا لعب فيها دورًا مزج فيه ما بين النبي محمد والإسكندر الأكبر القاهرة برفقة آلاف الجنود. وفريق من 151 عالمًا كُلِّفوا بتحليل دقيق لتاريخ هذه “الأرض العتيقة” وثقافتها وجغرافيتها.

استقر الجيش الفرنسي في جميع أنحاء القاهرة بما فيها الأزبكية. والتي كانت آنذاك منطقة ذات أهمية متوسطة – حيث أقاموا مسرحًا مؤقتًا للترفيه عن الجنود بعروض مسرحية. من بينها موت قيصرDeath of Caesar لفولتير وأوبرا جديدة بعنوان الطحانيْن The Two Millers كتبها اثنان من أعضاء الحملة. وقع كثير من الناس تحت إغراء اعتبار الغزو الفرنسي نقطة تحول حاسمة في تاريخ مصر. وبداية الحداثة في البلاد – لهذا السبب، يبدأ التاريخ المصري الحديث في كثيرٍ من الكتب في 1798. لكن في الواقع، ربما كان لحملة نابليون القصيرة لكن المصبوغة بصبغة رومانتيكية في الشرق الأوسط. (والتي استمرت إلى 1801) تأثير أكبر على الخيال الأوروبي أكثر من غيرها.

***

جاءت أهم نتيجة للغزو الفرنسي بطريق الصدفة تمامًا. ففي 1801، وصل محمد علي، وهو قائد عسكري ألباني، من كافالا في اليونان الحالية بعدِّه الرجل الثاني في قيادة فرقة صغيرة من الجنود – كانت جزءًا صغيرًا من الجيش العثماني البريطاني المشترك الذي هزم الفرنسيين. ولكن بحلول 1805، تمكن محمد علي بمهارة استغلال الفوضى السياسية وتنصيب نفسه الوالي العثماني لمصر. وفي 1811، تولى السيطرة الكاملة على البلاد من خلال هزيمة منافسيه الأقوياء هزيمة ساحقة – وهم طبقة من العبيد المحاربين كانت تُعرف بالمماليك الذين كانوا أتباع للعثمانيين في مصر قبل الغزو الفرنسي؛ إذ دعا مئات من أقوى المماليك في حيلة وحشية تعد أسطورية الآن لحضور حفل في القلعة بالقاهرة، وبمجرد دخولهم، أغلق البوابات وأمر بقتلهم جميعًا.

حَوَّل محمد علي مصر منذ 1810 إلى أربعينات القرن التاسع عشر إلى دولة تتمتع بالحكم الذاتي فعليًا، وأسس أسرته الحاكمة ولو اسميًا فقط تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية. دعا كذلك إلى برنامج ضخم للتحديث، وإضفاء الطابع الاحترافي على الجيش، واستقدام مستشارين أوروبيين للمساعدة في مشاريع بناء الدولة، وإنشاء مطبعة ومستشفيات ومعاهد تعليمية. كما شرع في العمل على تحويل الأزبكية إلى شيء جديد. كانت المنطقة في الأيام الأولى من حكمه عبارة عن جيب للنخبة يتكون من قصور فخمة مبنية حول بحيرة صغيرة. جُفِّفت البحيرة ثم تحولت إلى حديقة، وسرعان ما بدأت الفنادق والبارات الصغيرة المتداعية وغرف البلياردو والتياترات بالظهور حولها.

كان محمد علي بحلول الوقت الذي توفي فيه عام 1849 قد أسس أسرة حاكمة من أبنائه وأحفاده والتي استمرت بدرجات متفاوتة من النجاح لما يقرب من 150 عامًا. بعد فترة وجيزة من حكم ابنيّ محمد علي ابراهيم وسعيد وحفيده عباس. أضحى “إسماعيل العظيم”، وهو حفيد آخر لمحمد علي، خديو مصر في 1863 (رغم أن العثمانيين لم يسمحوا له رسميًا باستخدام اللقب حتى 1867). حوّل إسماعيل الأزبكية (ووسط القاهرة بشكل عام) إلى مركز للحياة الثقافية في مصر أكثر من أي شخص غيره.

***

في ستينيات القرن التاسع عشر، وبسبب الحرب الأهلية الأمريكية، كان الطلب على القطن مرتفعًا على مستوى العالم، واستفادت مصر من ذلك. أصبح المحصول الذي أدخله محمد علي مؤخرًا إلى البلاد كمنجم ذهب. وفجأة وجد إسماعيل أن لديه مبالغ طائلة لينفقها على شغفه بالبناء. أنفق إسماعيل ببذخ على الأشغال العامة وبنود الإسراف الخاصة في جميع أنحاء البلاد، من بينها قصر الجزيرة الذي يضم الآن فندق الماريوت بالزمالك.

بدأ إسماعيل أيضًا في تصميم مركز جديد تمامًا للقاهرة. هدم عماله القصور القديمة المتداعية لبناء شوارع جديدة، ووظف جان بيير باريليه ديشان Jean-Pierre Barillet-Deschamps الرئيس السابق لحدائق باريس والذي خطط حديقة بوا دي بولون (غابة بولونيا) Bois de Boulogne* لتخطيط حدائق الأزبكية الجديدة في المكان الذي جفف فيه محمد علي البحيرة القديمة. أمر إسماعيل ببناء سلسلة من أماكن الترفيه الفخمة حول الحدائق الجديدة. وسرعان ما ظهر “مسرح فرنسي” وسيرك وميدان سباق الخيل “ومسرح بحديقة” ودار أوبرا على الطراز الإيطالي ما بين عاميّ 1869 و1872.

أما أكثر ما كان يفخر به بين مشروعات بناؤهُ لتمثال برونزي ضخم نصبه لأبيه القائد الناجح إبراهيم باشا وهو يمتطي حصانًا كفارس للنحات الفرنسي شارل كوردييه Charles Cordier. يشير تمثال إبراهيم باشا بإصبعه إلى الأفق في إشارة للنصر، وهو ما يليق بقائد عسكري حقق انتصارات حاسمة لأبيه محمد علي في شبه الجزيرة العربية واليونان وسوريا. في أزبكية إسماعيل، وُلدت حياة الليل والترفيه المصرية الحديثة واستمرت في الازدهار. استمر المهرجون ولاعبو الإكروبات وممثلو الفَارْص ومدربو الحيوانات في تقديم عروضهم كما كانوا يفعلون منذ قرون – ظَلَّ مسرح خيال الظل موجودًا بالأزبكية حتى 1909 عندما أغلقته السلطات لأنها اعتبرته بذيئًا للغاية – لكن عوامل جذب جديدة أخذت في الظهور الآن أيضًا.

تمثال إبراهيم باشا
تمثال إبراهيم باشا
***

سيطر المسرح والأوبرا على رؤية الخديو إسماعيل بالنسبة لمنطقة الترفيه الجديدة بالقاهرة. وهي رؤية تحذو إلى حد كبير حذو النماذج الأوروبية باللغات الأوروبية. أراد أن يعرض لبلاطه ومعظم رعاياه من النخبة أفضل الأمثلة الموجودة من تلك الأنواع الفنية بغرض تمجيد حكمه. كان هذا الهدف في متناول يده بفضل المبالغ المالية الهائلة التي كانت متاحة بالنسبة له كحاكم لمصر. في 1869، افتتح “المسرح الفرنسي” Théâtre Français بعرض لأوبراه المفضلة هيلانة الجميلة La Belle Hélène لأوفنباخ Offenbach.**

وبعد ذلك بعامين، حقق إسماعيل أحد انتصاراته العظيمة عندما أقنع المؤلف الموسيقي الإيطالي المطلوب بشدة جوزيبي فيردي Giuseppe Verdi، وبمساعدة مبلغ هائل من المال قدِّر بـ150 ألف فرنك ذهبي، كي يكتب له أوبرا لتعْرَض في دار الأوبرا الجديدة. كانت الأوبرا هي أوبرا عايدة، وهي قصة أميرة إثيوبية في مصر الفرعونية، وعرِضَت لأول مرة بالقاهرة في 1871. تقول الأسطورة القديمة إن فيردي كلِّف بكتابة الأوبرا للاحتفال بافتتاح قناة السويس لكن تأخر الأمر. ليس هذا صحيحًا بالمعنى الدقيق للكلمة. إذ استخدم إسماعيل أوبرا عايدة بنفس الطريقة التي استخدم بها الأشغال العامة الضخمة كقناة السويس، أي كوسيلة لإبراز صورة زعيم عالمي قوي.

سرعان ما ظهرت حركة مسرحية عربية بالأزبكية على غرار هذه المسرحيات الكلاسيكية الأوروبية. رغم أنها لم تكن بتكليف مباشر من إسماعيل. يُعدُّ يعقوب صنوع الآن عادةً، ذو الشخصية النابضة بالحيوية وغريبة الأطوار والذي اشتهر باسم جيمس سانوا James Sanua، أبو المسرح العربي في مصر. وُلِدَ صنوع لأم مصرية يهودية وأب يهودي من السفارديم من ميناء ليفورنو Livorno بتوسكانا كان يعمل مستشارًا لأحد أفراد الأسرة الخديوية غير المؤثرين في القاهرة. سيزداد عدد اليهود المصريين أضعافًا مضاعفة على مدى السبعين عامًا القادمة. لكن في منتصف القرن التاسع عشر لم يكن عددهم كبيرًا. حسب تقديرات جمعية لندن لترويج المسيحية بين اليهود في 1856، كان هناك حوالي 4 آلاف يهودي في القاهرة من بين حوالي 300 ألف نسمة. تمتع عدد من عائلات السفارديم البارزة ببعض السلطة والنفوذ، لكن معظم اليهود عاشوا حياة عادية، وإن لم تخلُ من التمييز أو التحيز.

يعقوب صنوع
يعقوب صنوع
***

كان صنوع نفسه حالمًا ورؤيويًا وناشطًا ذاتيًا غزير الإنتاج، كما كان قوميًا مصريًا ملتزمًا ومروجًا متحمسًا للثقافة العربية. عندما كان مراهقا تم إرساله للدراسة في ليفورنو في بعثة حكومية. وبعد عودته عمل لفترة كمدرس خاص لأطفال البلاط الخديوية قبل تعيينه في 1868 في “الإيكول بوليتكنيك École Polytechnique”. وهو معهد لدراسة الهندسة والعمارة بالقاهرة. بينما كان صنوع يستمتع بحياته البرجوازية المريحة في صيف 1870. شاهد فرقتين مسرحيتين متجولتين – إحداهما فرنسية والأخرى إيطالية – تقدمان عروضًا مسرحية على مسرح إسماعيل المفتوح في حدائق الازبكية. ربما شاهد مسرحيات من هذا النوع في ليفورنو. لكن من شبه المؤكد أنه لم يشاهد مطلقًا أي مسرحية في القاهرة من قبل.

تواصل صنوع مع الفرقتين وسأل إن كان بإمكانه المساعدة في عروضهما. رحبت كلتا الفرقتين بالمساعدة من هذا الشاب المصري المبادر ودعياه للانضمام إلى الفرقتين بشكل مؤقت (ليس مؤكدًا إذا كان قد مَثَّل معهما أو قدم المساعدة بطريقة أخرى). ذكر صنوع في ذكرياته اللاحقة إن هذه كانت اللحظة بعينها التي اشتعلت فيها شرارة شغفه بالمسرح.

وبمجرد مغادرة هذه الفرق المسرحية الجوالة للقاهرة، بدأ صنوع في العمل على تشكيل فرقة مسرحية تقدم مسرحياته هو بالعربية. قام بجمع وتدريب مجموعة من الممثلين وكتب نصًا، واستعد لليلة افتتاح مسرحيته بحلول الصيف المقبل. في كلمة ألقاها في باريس بعد أكثر من ثلاثين عامًا، كان صنوع لا يزال يتذكر تلك اللحظة. وصف، ربما بشيء من الرخصة الشعرية، جمهورًا عريضًا من ثلاثة آلاف شخص اجتمعوا حول المسرح – رجالاً ونساء من جميع الألوان، من بينهم بعض وزراء الحكومة والسفراء الأوروبيين. يتذكر صنوع بفخر حينما يقول: “استقبلنا سيل من التصفيق مصحوبًا بصيحات إعجاب بجميع اللغات”. ووراء الكواليس، دُعِمَ الممثلون بهدية عبارة عن زجاجة من الكونياك فئة الثلاث نجوم من أحد المعجبين المصريين الأثرياء، وعندما صعدوا على خشبة المسرح، قدموا عرضًا قويًا للنص المكتوب حديثًا.

***

في ذلك اليوم قدمت الفرقة فَارْص قصير من فصل واحد عُرف أحيانًا باسم الحريم وأحيانًا باسم القوَّاس. سخرت هذه المسرحية الكوميدية القصيرة التي تعتبر عادةً أول مسرحية مصرية حديثة ​​من نظام الحريم المصري النخبوي الذي بات قديمًا عفا عليه الزمن، حيث تعيش زوجات الأثرياء ومحظياتهم معًا في منطقة منفصلة من المنزل، وكذلك هوس الزوار الأجانب بالحريم (والأساطير التي تطورت حوله). تبدأ القصة بأمير أوروبي زائر يرغب بشدة في أن يعيش تجربة حقيقية غير مشروعة داخل حريم عربي أصيل. يراهن الأمير بمبلغ ألف جنيه مصري مع ابن شاب من النبلاء المصريين ذوي النفوذ. يقول الأمير إنه سيتمكن في غضون شهر من الاختباء داخل منطقة النساء لأحد الباشوات.

بعد أيام قليلة، تلقى الأمير أخبارًا سارة. وصلته رسالة من امرأة (تقول) إنها رأته من الحريم بينما كان يزور منزلها، وإن عينيه الزرقاوين اخترقتا قلبها. أخبرته الرسالة بأن ينتظر في تلك الليلة عند سفح أبو الهول حيث سيصحبه أحد الأغوات ويأخذه إليها. بعد حلول الظلام، ذهب إلى المكان المتفق عليه – وبالتأكيد سرعان ما ظهر الأغا. سار الأمير معصوب العينين واُقتيد سرًا إلى القصر، حيث تم تهريبه إلى جناح الحريم.

الآن وبعد أن بات الأمير الأوروبي تحت رحمتهن، قامت نساء الحريم بحيلة قاسية عليه، حيث ألبسن صبيًا سوريًا وسيمًا عمره ستة عشر عامًا ملابس نسائية وتظاهرن بأنه المرأة المفضلة لدى الباشا من بينهن جميعًا. قُدن الأمير إلى مكان منعزل حيث أزال العصابة عن عينيه. وبمجرد رؤية الصبي أمامه، وقع الأمير في غرامه وحاول مغازلته معتقدًا أنه الفتاة الصغيرة. أعلن حبه، وبادلته “هي” الرد بالمثل. وما كاد العاشقان أن يرتميا في أحضان بعضهما حتى يقتحم الباشا العجوز الملتحي الغرفة، قاطعًا تجربتهما.

***

هدد الباشا الذي أثار غيظه انتهاك حرمه الداخلي بمعاقبة كلا المعتدين بوضعهما في جِوال وإلقائهما للتماسيح. توسل الأمير الذي كان يقضي العطلة طالبًا الرحمة، حتى أنه عرض أن يمنح الباشا الألف جنيه كاملة والتي كان سيفوز بها في رهانه. في هذه المرحلة كشفت الشخصيات عن تنكراتها المختلفة. خلع الباشا لحيته البيضاء ليكشف عن نفسه أنه الشاب الذي أخذ رهان الأمير في بداية المسرحية. ويخلع الصبي ملابسه النسائية ليكشف عن نفسه كضابط عسكري شاب، ولا شك أنه القوَّاس الذي سميت المسرحية باسمه. ثم يخرج مجموعة من أصدقاء الأمير من الغرفة المجاورة ضاحكين، وتنتهي المسرحية بعشاء فخم في حدائق القصر.

على مدار العامين التاليين، استمرت فرقة صنوع في إنتاج اثنتين وثلاثين مسرحية مختلفة. يتكون مجموع إنتاجه غالبًا من مسرحيات الفَارْص ذات الفصل الواحد أو الكوميديا الأخلاقية. على غرار المسرحية الأولى التي كتبها بعناوين موحية مثل الغندور في القاهرة أو الأميرة الإسكندرانية أو السواح والحمَّار. اُستمدت الشخصيات في المسرحيات من كثيرٍ من مختلف الجاليات. التي عاشت في مصر في ذلك الوقت – النوبيين والأرمن والفرنسيين واليونانيين والعرب والإنجليز.

كان هناك ظهور متكرر للشخصيات المقولبة الكوميدية. كان من بينها الخادم المدمن للحشيش والأجانب الذين يجدون أنفسهم في مواقف أصعب من قدرتهم على فهمها. والمصري من الطبقة العليا الذي يحاول بانعدام مهارة محاكاة الثقافة الأوروبية بصورة مثيرة للهزل. أصبح هذا الأمر فيما بعد بمثابة المكون الأساسي للكوميديا ​​المصرية لعدة عقود. وربما كان أسلوب صنوع الدرامي مدينًا بدَيْن غير معترَف به لمسرحيات خيال الظل أو ممثلي الفَارْص الجوالين في القاهرة في القرن التاسع عشر.

***

في النهاية، لم تدم مسيرة صنوع المسرحية طويلا، حيث توقفت فرقته عن تقديم عروضها بنهاية 1872. كان الخديو إسماعيل في الأصل داعمًا للفرقة بشدة – إذ لم يكن ضد المسرح العربي طالما كان يخدم أهدافه. لكن صنوع ذكر فيما بعد إنه لم يعد يحظى بدعم إسماعيل الذي أجبره على إنهاء أنشطته المسرحية وفي النهاية أجبره على الخروج من مصر؛ شك صنوع أن “منافسيه”، بعض “أعداء التقدم والحضارة اللدودين” كانوا يتهامسون بكلمات مسمومة لحاكم مصر، محاولين إقناعه بأن صنوع كان يخفي رسائل مناهضة للحكومة في مسرحياته.

زعم مقال نشر في 1879 في ساترداي ريفيو Saturday Review أنه “عبَّر عن معاناة الفلاحين وفساد حكومة إسماعيل. التي تناولها بأسلوب سرعان ما أثار سخط السلطات”. نشر صنوع نفسه لاحقًا القصة التي مفادها أن مسرحيته الضُّرتين التي انتقدت الزواج بأكثر من زوجة واحدة. أساءت إلى إسماعيل الذي كان متزوجًا بأكثر من زوجة. وكان رد الخديو على صنوع، “إذا لم يكن لديك القدرة الكافية على إرضاء أكثر من امرأة. فلا يجب عليك أن تقلل من شأن ذوق الآخرين”.7

ربما كان لدى صنوع أيضًا أسباب أكثر واقعية للانجراف بعيدًا عن المسرح في سبعينات القرن التاسع عشر؛ فالمال بدأ ينفد، وفورة ازدهار القطن في ستينات القرن التاسع عشر بدأت في الخمود. كما بدأ إسراف إسماعيل يلاحقه. كان يقترض بكثافة من الدائنين الأوروبيين – وإلى جانب قراره الكارثي بشن حرب في إثيوبيا – كان إنفاقه غير قابل للسداد. وفي النهاية، في 1876، أعلنت مصر المثقلة بالديون إفلاسها، وبعد مفاوضات طويلة، عُيِّن خبراء بريطانيون وفرنسيون في وزارة جديدة أُنشئت للإشراف على الشؤون المالية للبلاد نيابة عن المقرضين الأجانب.

***

سياسيًا، كانت أواخر سبعينات القرن التاسع عشر مشحونة للغاية بالأحداث. بدأت بريطانيا على وجه الخصوص ممارسة المزيد من النفوذ في مصر؛ ومع حدوث هذا، حوّل يعقوب صنوع انتباهه نحو السياسة الأكثر تقليدية، ليصبح ناقدًا صريحًا لخضوع الخديو للمزيد من التوسع الأوروبي. ولعب دورًا ثانويًا في التغيرات السياسة الكبيرة القادمة. في 1878، أصدر مجلة ساخرة لمناهضة للاستعمار ومناهضة لإسماعيل بشراسة بعنوان أبو نضارة زرقا، والتي ما لبث أن وصل توزيعها إلى 50 ألف نسخة بين شعب بلغ تعداده قرابة 6 ملايين نسمة.

وقبل نهاية العام، أثارت المجلة أنواعًا غير مرغوب فيها من الانتباه لصنوع، وبعد تعرضه لمحاولتيّ اغتيال، قرر مغادرة مصر إلى منفاه الاختياري في باريس. هناك وجد موطنًا دائمًا وجديدًا لمجلته، والتي غدت الآن تعرف ببساطة باسم أبو نضارة (مع حذف صفة “زرقا”)، في شارع رو دو كير Rue du Caire بباريس. تحت هذا العنوان الجديد وفي ظل حماية المنفى، بدأ صنوع نشر المزيد من الهجمات القاسية على النخبة الحاكمة البريطانية والمصرية.

لكن القوى الأوروبية لم تتوقف عن تدخلها في مصر. قررت تلك القوى، برغم الاتفاقات التي توصلت إليها قبل بضع سنوات، إبعاد الخديو إسماعيل عن عرش مصر. وتعيين ابنه توفيق خديويًا مكانه في 1879. إلا أن هذا لم يوقف الاضطرابات. ففي 1881، قاد أحد الضباط بالجيش المصري يدعى أحمد عرابي تمردًا مبنيًا على دستور جديد كان قد صاغ مسودته. ودعا إلى حكومة برلمانية. وقفت مجلة يعقوب صنوع الساخرة وراء هذه الحركة الجديدة من باريس، لتمتلئ المجلة برسوم كاريكاتورية تمتدح الثوار المصريين.

***

كان البريطانيون قلقين للغاية بشأن احتمال سيطرة عرابي على حكم مصر لدرجة أنهم شنوا غزوًا عسكريًا لسحق انتفاضته التي وصفوها بأنها متعصبة وخطيرة. وفي 1882، بدعوى القلق نيابة عن الدائنين الأجانب والجاليات الأوروبية في مصر. نصَّب البريطانيون إيفلين بارينج Evelyn Baring (اللورد كرومر) كقنصل عام جديد لهم. أضحى كرومر والبريطانيون الآن مسيطرين فعليًا على البلاد رغم إبقاء الخديو توفيق على العرش. وبقاء مصر رسميًا تابعة للإمبراطورية العثمانية.

استمر يعقوب صنوع في نشر المجلات في باريس حتى العقد الأول من القرن العشرين. بل وصار أيضًا من بين المشاهير في فرنسا. حيث كان يقدم مونولوجات هزلية في المؤتمرات متجولا بميداليات على صدره من أربعة عشر طبقة من أوسمة الفروسية الكبرى – والتي ادعى أنه حصل عليها من الحكومات في جميع أنحاء العالم. من بينها بلاد فارس وتونس ومحطات التجارة المهمة في المحيط الهندي في أوبوك Obock وزنجبار وجزر القمر الكبرى.

في هذه السنوات اللاحقة، كتب مسرحية عن سيرته الذاتية عنونها بما لا يخلو من مبالغة موليير مصر وما يقاسيه. ونشر هذا الوصف الدرامي لتجربته المسرحية التي وقعت في أوائل سبعينات القرن التاسع عشر في باريس في أوائل القرن العشرين. توفي صنوع في باريس في 1912 ويرقد جثمانه الآن في مقبرة مونبارناس Montparnasse.

هوامش

*استعراض عرائس بريطاني تقليدي أهم شخصياته مستر بنتش وزوجته جودي. يتكون العرض من سلسلة من المشاهد القصيرة التي يضم كلٌّ منها تفاعلا بين شخصيتين. أحدهما في معظم الأحيان شخصية مستر بنتش وشخصية أخرى عادة ما تقع ضحية لحس مستر بنتش الفكاهي التهريجي (المترجم).

*بوا دي بولون أو غابة بولونيا حديقة عامة تقع غرب باريس بالقرب من ضاحية بولونيا-بيلانكور. وتبلغ مساحتها 2090 فدانًا (8.5 كم2). وهي أكبر مساحة من سنترال بارك في نيويورك أو هايد بارك في لندن (المترجم).

**أوبرا من ثلاثة فصول من ألحان جاك أوفنباخ وكلمات هنري ميلهاك ولودو فيكه اليفي. تدور أحداث الأوبرا حول هروب هيلانة ملكة اسبرطة مع عشيقها باريس ابن باريام ملك طروادة مما أشعل شرارة حرب طروادة. عرِض العمل لأول مرة في باريس في 17 ديسمبر 1864. جدير بالذكر أن نص الأوبرا هو أول نص مسرحي يترجم وينشر بالعربية في مصر. حيث ترجمها رفاعة الطهطاوي بتكليف من الخديو إسماعيل ونشرت الترجمة في عام 1868. عرضت الأوبرا في 17 يناير 1869، بمناسبة افتتاح “المسرح الفرنسي”. وهو أول مسرح رسمي بالأزبكية في القاهرة، وتزامن ذلك مع مناسبة الاحتفال بعيد جلوس الخديو على العرش (المترجم).

اقرأ أيضا:

العراسة وأبوعجور والبحث عن هوية المسرح المصري

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر