د. ياسر منجي يكتب: لأنه أبَى إلا أن يكون «عمادًا»

في البدء كان “بدر الدين أبو غازي”:

قد لا تكون ستة عشر عامًا بالمُدّة الكافية في ميزان بعض العلاقات التي تُقاس كَمًّا وزمنًا، غير أنها فاضَت على حد الكفاية لتوثيق علاقتي بالدكتور “عماد أبو غازي”، على نحوٍ نَدَرَت سوابِقُه ولواحِقُه في منظومة علاقاتي بِمَن يمكن أن أصفهم بالأصدقاء– على الحقيقة لا على المجاز – والذين يُعَدّون في نهاية الأمر على أصابع يدٍ واحدة.

كانت أول مناسبةٍ يُعتَدُّ بها قد جمعت بيننا خلال وجودنا معًا متحدّثَين في ندوة “بدر الدين أبو غازي.. الناقد والرسالة”، يوم 24 مايو 2009، وهي ندوة أقيمت بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة لتكريم ذكرى والده الفَذّ، الناقد المؤرخ.

أُقيمَت الندوة وقتها تحت رعاية الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، ورئيس المجلس الأعلى للثقافة وقتها بِصِفَتِه، وخلال تَوَلّي الناقد الراحل “علي أبو شادي” أمانة المجلس الأعلى للثقافة، وتَوَلّي الفنان الدكتور “صبري منصور” رئاسة لجنة الفنون التشكيلية.

كان المتحدثون في الجلسة الأولى من تلك الندوة: الدكتور جابر عصفور، والدكتور عماد أبوغازي، والناقد الراحل كمال الجويلي، وأنا، وتوَلّى إدارة الجلسة الدكتور صبري منصور، وصدر مع الندوة كتاب تذكاري توثيقي مهم من إصدارات المجلس الأعلى للثقافة، شمل دراسات متخصصة، وصورا نادرة للراحل مع رموز الفن والثقافة في عصره.

***

وخلال النقاش، تَكَشَّفَت لَدَيّ، واحدةٌ من أهم الخِصال التي مَثَّلَت لي مفتاحًا من أهم مفاتيح الشخصية – إذا ما استعرنا تعبير “العَقّاد” – والتي ازداد يقيني بها خلال السنوات التاليات في كل موقفٍ دار بيني وبين الدكتور “عماد أبو غازي”، وفي كل مناسبةٍ كنت أتأمل فيها كيفية معالجته لفكرةٍ من الأفكار أو لتحديد اختيارٍ من الاختيارات؛ ألا وهي خصلة الحَسم المَرِن، أو إن شئتَ فسَمِّها: “المرونة الحاسمة”.

فـ”عماد أبو غازي” ينتمي إلى ذلك الصِنف من البشر الذين يؤسِّسون رؤاهم وأفكارهم وفق منظورٍ رحبٍ، مُنفَتٍحٍ على كافة المرجعيات، دونما تَشَنُّجٍ أو انحيازٍ مُسبَق، مع استعدادٍ لمراجعة قناعاته الشخصية، متى ما تَبَيَّن له بالدليل الحاسم أن ثَمّة ما يدعو لمراجعتها. فإذا ما خلُصَ إلى موقفٍ يطمَئنُّ له فِكرُه، ويتوافق مع مرجعياته الأخلاقية بالدرجة الأولى، فستكون ساعتها بإزاء إنسانٍ لا يقبل بأَنصافِ الحلول، وباحثٍ لا يحيدُ عن سبيل المُضِيّ فيما تَبَيَّن له بالدليل صدقُ معطياته ونُبل مَقاصِدِه.

وفي تقديري أن تلك الخَصلة، والتي أحسَبُها فطريّةً في أصلِها، قد تعَزَّزَت بحُكم تَمَرُّسِه التخَصُّصِيّ الطويل في ميدان البحث التاريخي والوثائقي؛ إذ يغلِبُ على المُدَقِّقين في هذا السياق– وبخاصَّةٍ خلال المراحل الأولى من البحث – أن يُفسِحوا مجالًا رحبًا لاستقبال مختلف المصادر والمراجع، على ما قد يفرق بين محتوياتها ووجهات نظر كاتبيها من عوامل شَتّى – وذلك قبل أن يتفرغوا لنقد هذه المصادر والمراجع، وفحصِها على بساط التدقيق الصارم، للخلوصِ إلى رؤيةٍ يُطمَأَنُّ إليها بقدر الإمكان.

عماد مع والده بدر الدين أبو غازي
عماد مع والده بدر الدين أبو غازي
وتتكَشَّفُ الخِصال:

وبمرور السنين، أدرَكتُ أن ما سَلَفَ لا ينفَصِمُ في تكوين “عماد أبو غازي” عن خَصلةٍ ثانية، لا تَقِلُّ عن سابِقَتِها أهميةً لاستيفاء رسم معالم شخصيتِه. تلك هي خصلةُ سماحة الجَهرِ بأحَقِّيَةِ من يجادله أو يخالفه الرأي؛ متى ما تبيّن له أن الصواب في جانب من يُحاجِجهُ.

ولِعَمري إنها لخَصلةٌ بِتنا نفتقدُها في عُموم حياتنا الثقافية – ناهيكَ عن انعدامها على وجه التقريب في الفضاء التواصُلي العام – إذ الغالبُ على سواد الناس حاليًا الإمعانُ في اللّجاجة، ولو على حساب مصداقية الطرح وثُبوت البَراهين. وتكفيك نظرةٌ عابرة – لا أقول في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا في الحوارات والمُساجلات التي تغصّ بها الفضائياتُ ومحتويات “يوتيوب” – بل في كثرةٍ من الندوات والملتقيات الثقافية، لتَتَبَيَّن إلى أيّ درجةٍ باتت طائفةٌ واسعةٌ من أصحاب الأفكار يعتبرون أن مجرد نقدِها وكأنما هو نقدٌ لشخوصِهِم هُم.

غير أن ثَمّة عاملًا لا يمكنني إغفاله، أحسبُه لعب دورًا كبيرًا في تمهيد السبيل أمام توطيد علاقتي بالدكتور “عماد أبو غازي”، بل وفي إشعال شرارة فضولي للتعرُّف به من قبل أن نلتقي في الندوة المشار إليها. ذاك هو عاملُ إجلالي للنموذج الذي جَسَّدَه في حياتنا الثقافية والدُه، الناقد المؤرخ “بدر الدين أبو غازي”.

***

فهناك قلائلُ أحببتهم دون أن أراهم، وهذا الرجل العظيم أحدُهُم: “بدر الدين أبوغازي”، أحدُ الذين حملوا أمانة حقيبة الثقافة المصرية عن جدارةٍ واستحقاق، والرجل الذي جمع إلى وقار الشخصية سماحةَ الروح، وإلى عُمق الرؤية بساطة الطابع، وإلى شموخ النَفْسِ طهارةَ السيرة.

وكأنما كان اطّلاعي المُوَسَّع على إنتاج “أبي غازي”، الأب، نقدًا وتأريخًا، شَحنًا وجدانيًا لابد منه لاختصار مسافاتٍ على طريق تَنامي العلاقة بيني وبين “أبي غازي” الابن. وكأنما كان افتتاني بذلك الكفاح المُضَمَّخ بعبير الوفاء، الذي خاضه “بدر” للذَود عن تراث خاله النابغة “مختار”، وتوثيق وقائع حياته وبدائع فنّه، فاتحةً للإعجاب والتقدير اللذَين لا زالا يلازمانني، وأنا أرى المسيرةَ ذاتها لم تتوقف يومًا، منذ أن حمل “عماد” الراية؛ لا ليقتَصِرَ كفاحه على مُواصلة السهر على كنز “مختار”، والكشف عما لا يزال مَخبوءًا من فرائدِه ولآلئه فَحَسب، بل ليضيف إلى ذلك مَهام السهر على أرشيف “بدر الدين أبو غازي”، وإلقاء الضوء على نفائِسِه، وإعادة رؤيتها في سياقٍ لا تنفَصِمُ فيه دوافع الوجدان عن مقاصد رؤية شَطرٍ من تاريخ مصر الحديث في مرآة عائلةٍ تماهَت وقائعُ حياة أفرادها في نسيج تحولات تلك المرحلة.

وسرعان ما كشف لي هذا السياق المتشابك عن خَصلةٍ ثالثةٍ أراها من أبرز خصال “عماد أبو غازي”، ألا وهي “شبابُ شخصيته”؛ إذ هو من ذلك النمط من الشخصيات التي تخوض الحياة، في كافة تَجَلّياتها، بروحٍ لا يفارقها رُواءُ الشباب، ظاهرًا وباطنًا. وسأكتفي في هذا المقام بالإشارة إلى أمرٍ ربما لم يحظَ بالقدر الكافي من التأمل فيما يختَصّ بأسلوبه في نشر أفكاره بهذه الروح الشابّة؛ وهو مبادرَته المبكرة لتطويع وسائط التواصل الرقمية لصالح نشر تأملاته ومقالاته وأبحاثه، وبخاصةٍ في سياق ما سبق ذكرُه حول تراث “مختار” وأرشيف عائلة “أبي غازي”.

***

لقد كان “عماد” واحدًا من الأكاديميين والباحثين الذين انتبهوا مبكرًا لأهمية الوسائط المعاصرة في هذا السبيل؛ فكان مِمَّن بادروا لاستخدام المدونات Blogs، قبل أن يصير “فيسبوك” و”تويتر” و”إنستجرام” بديهيات يومية لدى الجميع كما هو الحال الآن، وفي وقتٍ كانت كثرةٌ من المنتمين للسلك الأكاديمي لا تزال تنظر لمثل هذه الوسائط بعين الاستخفاف – إن لم يكن الارتياب –باعتبار أنها (صرعات) شبابية ترتبط باللهو وإزجاء أوقات الفراغ.

وقد أثبت “عماد” مبكرًا فاعلية هذه الأدوات المعاصرة، من خلال مدونته “الخماسين”، التي أوقفها على ما يتصل بسيرة “مختار” وفنه، ليُتبعها لاحقًا بـ”الخماسين 2″.

ولعله من نافلة القول أن أشير إلى حضوره الحيوي المشهود للكافة على موقع “فيسبوك”، ونجاحه في استقطاب اهتمام شريحةٍ عريضة من القراء لمتابعة ما يوالي نشره من أوراق “بدر الدين أبو غازي”، وأرشيف عائلته الذي لا تنفَصِمُ في مكوناته عُرَى ما هو شخصي بما هو اجتماعي/ سياسي/ ثقافي.

لأنّه أبَى إلا أن يكون “عمادًا”:

غير أن أبرز ما أراه جديرًا بأن يكون جوهر شخصية “عماد أبو غازي”، ومحورها الناظم لكافة خصالها، فهو نزوعه المبكر لأن يكون نفسَه، وأن تكون حياتُه تطبيقًا لقناعاته، وتجسيدًا لما اعتنقه من أفكار، وارتضاه من مبادئ.

ويغلِبُ على هذا النمط من النزوع العصامي لاستكشاف الذات، وخوض تيار الحياة وفقًا لما يتمخّضُ عنه هذا الاستكشاف، أقول: يغلبُ عليه يكون أكثر شيوعًا بين مَن نشأوا دونما اعتمادٍ على نماذج هاديةٍ تمهد لهم السُبُل، ودونما عونٍ من أقربين يختصرون أمامهم المسافات ويمدّونهم بأسباب الإلهام، مما يجعل رهانهم الأوحد منوطًا بنجاحهم في سبر أغوار أنفسهم، وتشكيل قوالبهم الذاتية بأيديهم.

أما “عماد أبو غازي”، فلم يكُن هذا شأنُه؛ إذ نشأ في أحضان عائلةٍ مستنيرة، يتمتعُ أفرادُها بالبصيرة والاهتمام الكافيين لتيسير مثل هذه المهمة على الناشئةِ من أبنائها، فضلًا عما حقّقه رموز هذه العائلة من نجاحاتٍ، صار كلٌّ منها نموذجًا قائمًا بذاتِه، يضاف إلى هالة الإرث الإبداعي التي تحيطهم مِن لَدُن “مختار”.

***

وحين تنشأ في تكوينٍ عائليٍ من هذا النمط، فمن السهل عليك أن تتقمص نموذجًا من تلك النماذج المحيطة بك، ومن السهل عليك أن تسير في سُبُلٍ مُعَبَّدَةٍ سَلَفًا، توفر عليكَ عناء التنقيب الشاق في دخيلة نفسِك، وتُزَوِّدُكَ بذخيرةٍ سابقة الإعداد، وتجاربَ آمنةٍ لإعادة استنساخها فتوفر عليك عناء المغامرة الحياتية وثمن التقَلُّب بين النجاح والإخفاق.

فما أيسر كل ذلك حين يتفتَّح وعيُكَ فتجد نفسَكَ حفيدًا لـ”مختار”، وابنًا لأحد أبرز نقاد مصر ومؤرخيها الفنيين، وتتربى في أحضان أمٍّ فنانةٍ آثرَت أسرتها على فنها – “رعاية حلمي” – وكان لها من الحنكة التربوية ما قَيَّضَ لها تنشئة أبنائها كما لو كان كلٌّ منهم مشروعًا لعملٍ أبداعيٍّ مستقل. أن تعيش لحظةً من شبابك ابنًا لوزير ثقافة، وأن يحدوك إلهامٌ من مسيرة خالةٍ فنانةٍ من رائدات فن الجرافيك المصري – “منحة الله حلمي” – وعَمّةٍ كانت أول امرأة مصرية تحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة –”ضياء أبو غازي” – ما أيسر أن تترك نفسك لمنطق العادات الآمنة، لتكون استمرارًا نمطيًّا لأيٍّ من هؤلاء. ولن يلومك أحدٌ إن فعلت.

غير أن شيئًا من ذلك لم يكن ليوافق جوهر “عماد”؛ الذي أبى إلا أن يكون نفسَه، وإلا أن يكون ذلك مشفوعًا بخَطٍّ واضحٍ يسير على هداه في طريق الحياة التي ارتضاها لنفسِه، دون أن يهاب ما قد يكلفه ذلك من مَشّاقٍ يتكبّدُها، أو يقتضيه من أثمانٍ يدفعها عن طيب نفسٍ.

***

اختار “عماد أبو غازي” لنفسه سبيل النضال السياسي – وهو مسارٌ في حياته أشهرَ من أن أُعاود الإفاضة في تفاصيله –ليقترن هذا النضال بما وافقه من وعيٍ اجتماعي، وثقافةٍ سياسيةٍ يرفِدُها وعيٌ تاريخيٌّ بصير، سرعان ما أفضى إلى إنتاجٍ بحثيٍّ وتأليفيٍّ ما زالت تتوالى ثمارُه تِباعًا.

والمتأمل لنموذج “عماد أبو غازي”، شخصيةً وإنتاجًا، يخلُصُ إلى نتيجةٍ مفادُها أنه قد أفلح في تحقيق تلك المعادلة الصعبة؛ التي وَفَّقَ فيها بين استلهام كفاح كل نموذجٍ من النماذج المُشَرِّفة التي أنجبتها هذه العائلة، وبين التمسُّكِ بحُلمِه لاستكمال نموذجِه الذي يمثله هو دون سواه.

***

ولا يسعُني في هذا المقام إلا أن أستدعِيَ نَصًّا بليغ الدلالة على ما سُقتُه سَلَفًا، وهو نَصٌّ نشره الدكتور “عماد” بتاريخ 6 يناير 2020، تفريغًا لقُصاصَتَين عثر عليهما ضِمن أوراق والدِه، دَوَّن فيهما خواطر جالت بذهنه خلال الاحتفال بعيد ميلاد والدته في سنة 1981، بعد أن مُنِيَت الأسرة بنازلةٍ موجِعة؛ تمَثَّلَت في رحيل “مختار”، شقيق الدكتور “عماد” الأكبر، وأتبَعَه مرور “عماد” بتجربة السجن على خلفية نشاطه السياسي؛ وهو ما صاغه يراع “بدر الدين أبو غازي” برهافةٍ تقطُرُ وَجدًا، وبعباراتٍ رشيقةٍ تفيضُ شَجَناً وعذوبة، في نَصِّه الذي أجتَزِأُ منه تلك الفقرة الدالّة:

“كنا خمسة تنفتح عيوننا على صباح الأمل، نهمس بكلمات الأماني، ويلفنا مرحال روح بنور داخلي عميق يصاحب النهار والليل، وحول الشموع نطفئ عامًا ونستقبل عامًا جديدًا على أمل أن يبقى خمستنا، بل قد نزيد…

صباح الأمل أصابته عتمة، وغابت نشوة المرح العميق، وسكبت الشمعة دمعة وهي تنطفئ، صار الخمسة أربعة… رحل الفارس الشاب؛ وبرحيله المختار سكنت بيتنا الأحزان..

ومع الأحزان عشش القلق؛ الفارس الثاني يخوض معاركه، ويركب طريقًا صعبًا من أجل الحرية والعدالة والقيم، ويدفع ثمن أفكاره قيودًا  وسدودًا……”.

(يخوض معاركه)، و(يركب طريقًا صعبًا)، و(يدفع ثمن أفكاره). هكذا لخص “أبو غازي” الأب لُبّ المسألة، مُجَسّدًا بهذا التلخيص جوهر شخصية (الفارس) الذي أبى إلا أن يكون ذاتَه. ومَن يمكنه أن يُباري الأب في ذلك حين يؤتَى بلاغة ناقدٍ فنيٍّ بَصير؟!

***

تلك إذَن كانت المسألة: أن تكون أو لا تكون، بالمفهوم الشكسبيري لجوهر المَسعى الإنساني الذي يَرومُ تحقيق المعنى.

فكل عامٍ وأنت بخيرٍ، أيها الفارس الذي أبى إلا أن يكون “عمادًا”!

اقرأ أيضا:


ليلى بهاء الدين تكتب: «كأني عدت إلى المنزل»

ماجد نادر يكتب: «وزير هيمثل معاك؟

د. محمد عفيفي يكتب: «عماد أبو غازي» مؤرخًا

بسمة عبد العزيز تكتب: في مَحبة الحضور الهادئ الطاغي

د. سلمى مبارك تكتب: إنسان من الطراز النادر

د. أنور مغيث: مع «عماد»

كريم زيدان يكتب: المحب لما يعمل.. المخلص لما يعتقد

وليد غالي يكتب: «النبيل»

عماد أبو غازي يكتب: السينما في دراسات الوثائق والأرشيف

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر