حوار| المخرج الكاميروني جان ماري تينو: السينما أداة للتعبير السياسي والاجتماعي في إفريقيا

يرى المخرج الكاميروني «جان ماري تينو» Jean marie teno أن السينما ليست مجرد فن، بل أداة قوية للتعبير السياسي والاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بتاريخ إفريقيا وما بعد الاستعمار. وفي حواره لـ«باب مصر» يتحدث تينو عن تجربته في رئاسة لجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية في مهرجان الإسماعيلية السينمائي في دورته الأخيرة، وتناول القضايا المختلفة من خلال الأعمال السينمائية.

في البداية حدثنا عن مسيرتك السينمائية وكيف بدأت الاهتمام بصناعة الأفلام؟

نشأت في الكاميرون وكانت دائما مهتما بالتاريخ الاستعماري لدول إفريقيا، وكذلك قضايا الهوية والعرق. بدأت حياتي المهنية كصحفي، لكن بسبب الرقابة الشديدة على الصحافة في بلدي، قررت التوجه إلى صناعة الأفلام السينمائية. كان الهدف من أفلامي هو نقد الوضع الإفريقي، مع التركيز على التاريخ الاستعماري لما بعد الاستعمار. لقد قمت بإنتاج نحو 40 فيلما منذ عام 1985، والآن أنا أعيش بين فرنسا والكاميرون.

في أول زيارة لك لمصر، ماذا كان انطباعك عن مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي؟

زيارتي لمصر كانت رائعة للغاية. وكان المهرجان تجربة مميزة، خاصة كوني رئيسا للجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة هذا العام. كما أن وجود المهرجان في حد ذاته هو أمر هام، لأن هذه الأنواع من الأفلام لها تأثيرا كبيرا في صناعة السينما وتساعد على تقديم قصص حقيقية وواقعية. ربما ما ينقص المهرجان هو  عدم توافر الترجمة الفورية خلال بعض الفعاليات، مما جعل من الصعب علي متابعة كل الفعاليات بالشكل الذي كنت أتمنى. وقد استمتعت كثيرا بالجولة السياحية التي نظمتها إدارة المهرجان للضيوف الأجانب. قمت بزيارة متحف قناة السويس، وجولة في قناة السويس نفسها. وأتطلع في المستقبل إلى زيارة مدن أخرى مثل القاهرة والإسكندرية. كما أنني سعيد بتكوين صداقات مع ضيوف المهرجان من مختلف الجنسيات.

هل يمكن أن تحدثنا عن أفضل فيلم في مسابقة الأفلام القصيرة الخاصة بالمهرجان؟

كان اختيار فيلم “خط التماس” (فرنسا، لبنان، قطر) ليكون الفائز بالجائزة الرسمية بسبب الطريقة التي تناول بها قضايا إنسانية مهمة وأسلوبه الفريد في التعبير عن الصراع والمشاعر الإنسانية. أما فيلم “بروناوبارك” فكان له تأثير قوي أيضا، لذلك منحنا جائزة لجنة التحكيم لهذا الفيلم المميز.

في لقائك مع جمهور المهرجان، تحدثت عن أهمية التعليم في دول إفريقيا. هل يمكنك توضيح وجهة نظرك؟

أرى أن التعليم هو أحد وسائل التحرر من الاستعمار. من المؤسف أن الفكر الاستعماري مازال موجودا في العديد من دول إفريقيا. لذلك يجب أن يكون التعليم وسيلة لتغيير هذه الثقافة. السينما أيضا تعد وسيلة تعليمية قوية. فهي “مدرسة ليلية” تساعد على التعلم والتطور.

كيف ترى دور السينما في إفريقيا؟ وما الذي يميزها في رأيك؟

أعتقد أن السينما الإفريقية يجب أن تعبر عن شعوبنا وأفكارنا. للأسف، التمويل الرئيسي للسينما الإفريقية يأتي من أوروبا، وهذا يؤدي إلى ترويج لأفكار تخدم مصالح أوروبا وليس إفريقيا. السينما، حتى في أفلام هوليوود والأفلام الأوروبية، تُستخدم كأداة سياسية. يجب أن تكون السينما المحلية أداة تعبر عن هويتها، ولا يجب أن تكون مجرد سلعة استهلاكية كما أصبحت حاليا في بعض المنصات.

وماذا تعني لك السينما الوثائقية؟

السينما الوثائقية بالنسبة لي هي “التصوير الإبداعي للواقع”، وأعتقد أن أهم كلمة هنا هي “الواقع”. كيف نتمكن من تصوير الواقع بشكل يتناغم مع الحقيقة ويعكس هموم الناس؟ هذا هو التحدي الأكبر.

 

هل تؤمن أن السينما يمكن أن تكون وسيلة مقاومة للاستعمار؟

نعم، السينما كانت وما زالت أداة قوية لمقاومة الاستعمار. منذ الخمسينات والستينات، بدأت السينما الإفريقية كأداة تعليمية وسياسية مناهضة للاستعمار، والآن يجب أن تستمر في كونها وسيلة لتغيير الفكر الثقافي والسياسي في الدول الإفريقية.

 كيف ترى دور السينما في العصر الحديث في ظل العولمة؟

تواجه السينما اليوم تحديات كبيرة بسبب العولمة وتأثيرات التكنولوجيا. ولكن يجب أن نتمسك بمفهوم السينما كأداة للتغيير الاجتماعي والسياسي، فالسينما في نظري سلاح بصري، لأن الصورة أكثر تعقيدا من الكلمة المكتوبة.

هل لديك أعمال قادمة؟

نعم، أنا حاليا في المراحل النهائية لصناعة فيلم وثائقي حول مرض الملاريا في الكاميرون. الفيلم سيعرض في الكاميرون ويهدف إلى تسليط الضوء على هذه القضية الصحية المهمة، والتي تتفاقم بسبب البيئة المحيطة والإهمال من قبل المسؤولين في البلد.

اقرأ أيضا:

حوار| المخرج أحمد بدر: فيلم «ثريا» أحداثه حقيقية عايشتها في الصعيد

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر