بعد غناءه أنشودة آمون-رع.. عز الأسطول: جازفت للحفاظ على الأغاني التراثية
بصوته الرخيم وملامحه الشامية، والبراعة في استخدام طبقات صوتية متعددة، جذب المطرب المصري عز الأسطول الأنظار إليه بعد غناءه الأوبرالي لأنشودة «آمون – رع» خلال احتفالية افتتاح طريق المواكب المعروف بـ«طريق الكباش» التي أقيمت قبل أيام بالأقصر. لُيعاد تقديم مطرب المواويل العربية، والأغاني الصعيدية، والفلكلور المصري ولكن بطريقته الأوبرالية. ويكشف في حوار خاص مع «باب مصر» الكثير من التفاصيل عن بداياته الفنية وموقفه من الغناء الأوبرالي وتجربته في الحفاظ على التراث الغنائي المصري، وإلى نص الحوار..
في البداية.. حدثنا عن بداياتك الفنية
الغناء هوايتي المفضلة ودعمته بالدراسة الأكاديمية من خلال التحاقي بكلية تربية موسيقية، قسم الغناء الأوبرالي الذي انضممت إليه، لعدم وجود القسم الذي أردته وهو الغناء الشرقي. وخلال الدراسة عاصرت فرقتين الأولى هي فرقة عبدالوهاب للموسيقى العربية، وفرقة موسيقى نحاسية للدكتور حسين العيسوي – رحمه الله – للموسيقى العربية وعزف آلات نحاسية.
وانضممت في الإعدادي للفرقتين بغناء مواويل عربي، نظرا لحبي الشديد للفن العربي باختلاف أنواعه سواء خليجي، شامي، شمال إفريقي المعروف بـ”الراي”، تركي وأخيرا الأغاني المصرية بألوانها ومنها الفلكلور الشعبي ومواويل الصعيد.
مواويل الصعيد في ثوب غربي.. ماذا عن هذه التجربة؟
يرجع اكتشاف موهبتي خلال غنائي مع فرقة عبدالوهاب. وسمعني فتحي سلامة الذي عملت معه منذ عام 1997 حتى عام 2004. وبعد ذلك رشحني أكثر من شخص لفرق أخرى منها فرقة “فلامنكا” مع عازف الجيتار وائل خضر وما زال قائم عليها لتقديم موسيقى شرقي إسباني جاز وهو خليط قوي برع في تقديمه.
وشاركت معه بغناء مواويل صعيدية أو أغاني باللغة العربية الفصحى. واستمر الوضع حتى انضممت إلى فرقة أخرى تسمى “صحرا”. وكانت الفرقة الوحيدة التي تقدم أغاني شمال إفريقيا المعروفة بـ”الراي”. وجاء انضمامي نظرا لوجود ثلاثة فقط يغنون الراي في مصر سعيد وبيومي وأنا منهم، وخلال سفر سعيد طلبوا مني الانضمام، وكان ذلك في عام 2008، وقدمنا العديد من الحفلات مع الظهور في فيلم “الوتر” لعام 2009.
بعد نجاح أنشودة “آمون رع”.. هل نستطيع تصنيفك مطرب أوبرالي؟
لا، فالدراسة في قسم الغاء الأوبرالي لم تكن هدفي من الدراسة الأكاديمية. وانتهت علاقتي بها بانتهاء الدراسة رغم تفوقي الدراسي بها. وعلى المستوى الشخصي أكره تصنيف المطرب، لأن المتمكن من استخدام صوته يجيد غناء كل الألوان الفنية. أنا ضد تحديد الفن والتصنيف في الدول العربية، لأن هذا التصنيف يقتصر استخدامه خارج مصر لتصنيف نوع الموسيقى وليس المطرب.
وكيف ساهمت في إحياء التراث من خلال هذه الفرق؟
انضمامي لفرق “الأندرجراوند ميوزيك” واسمها الصحيح فرق الفن المستقل، كان سببا في تقديم مجموعة أغاني تراثية ولكن بذوق مختلف. وكانت عملية الإنتاج ذاتية لأغاني غير قائمة على كلمة “يا حبيبي” بل كلمات متعلقة بقضايا مختلفة والمجتمع والأصدقاء.
وساهمت في عملية الإنتاج أيضا، بعدما لاحظت أن هذه الفرق هي صاحبة الجمهور الأكبر منذ ظهور عدة فرق منها مثل، وسط البلد، بلاك تيما، شارموفرز، مسار إجباري، كايروكي، بالترتيب ونالوا شهرة واسعة عن هذا النوع من الموسيقى.
ولماذا لم تستمر في إنتاج الحفلات؟
دشنت بالفعل فرقة خاصة لإنتاج الحفلات المستقلة مع فرقتي التي قدمت من خلالها أغاني “الراي والفلكلور” والأغاني الأصلية لي. وقدمنا عدة حفلات منها في الأماكن الخاصة بوزارة الثقافة والسياحة، حتى انقلبت الموازين بانتشار فيروس كورونا.
كيف تم اختيارك لغناء أنشودة آمون – رع؟
بمرور الوقت تعرفت على المايسترو نادر عباسي وكنت قد أرسلت إليه أغنية من إنتاجي وغنائي وكلمات هناء يوسف تحمل عنوان “مصر تتحدث على نفسها” عن دور الجيش في حماية الوطن. وهي أغنية حماسية غير راقصة، ولكنه رأى في صوتي خامة أخرى للغناء في حفل افتتاح طريق الكباش.
حدثنا عن كواليس الإعداد والتدريبات على الأنشودة باللغة الهيروغليفية..
التعاون بدأ قبل شهرين وكان من المفترض غناء الأنشودة التي اختارها وترجمها د. ميسرة عبدالله باللغة العربية، لكن بعد الترجمة كانت الكلمات غير موزونة وقامت هناء يوسف بتعديل الوزن والقافية ولكن تحولت الكلمات إلى أخرى يصعب غناءها للجمهور لأنها تمجد في الإله آمون.
وتم تغيير الخطة لغناءها بالهيروغليفي. وكان الغناء صعب نظرا لضرورة حفظ الكلمات وغناءها بلحن يتغير مع كل كلمة وفقا للمشاعر. وبالنسبة إلى لغة غير دارجة أو مستخدمة يعد أمرا صعبا. ولكن استخدمت كلمات مفتاحية لسهولة أداء الغناء، وهي تجربة عظيمة وثرية أتمنى تكرارها.
وما هي كلمات الأنشودة وترجمتها؟
أنشودة آمون رع احتفالية ترتبط بعيد الأوبت. وسجلت نصوصها على المقصورة الحمراء بالكرنك وصالة الأربعة عشر عمود بالأقصر ولحنها أحمد الموجى والمايسترو نادر العباسى وقيادة المايسترو العباسى لأوركسترا الإتحاد الفيلهارمونيكى.
وهذه كلماتها وترجمتها:
و.نى خرِ.ك نثرى ، ثاى نثرو ﭘاوتى تاوى
ﭽسر عا إمن نب شوتى، خوي.كِ نسوت بيتى
آتى إليك يا إلهى، يا فتى الآلهة يا أزلى الأرضين
يا مقدس اليد يا أمون سيد الريشتين فلتحمى ملك مصر العليا والسفلى
سيتى إخت، سيتى إخت، نجم وى سيتى بر إمن
أو.ف خنمو إم حتبو جفاو
عطرة القرابين، عطرة القرابين، ما أجمل عبير بيت آمون
وهو عبق برائحة القرابين والمؤن
ويفصل المقطع تنويعات من الموسيقى الافريقية تعبيرا عن فرق الموسيقيين والراقصين من النوبة العليا، والتي كانت تشارك في الموكب والمصورة في صالة أمنحتب الثالث بالأقصر.
غناء الراي غير منتشر في مصر.. كيف قدمته؟
يتم تداول معلومات عن فن الراي باعتباره لون مغربي فقط. ولكنه فن غنائي لشمال إفريقيا، وهناك شائعة أني مغربي ولكنها خاطئة لأنني مصري أبا عن جد وعائلتنا مصرية يمتد نسبها إلى السيد الحسين. ولكن الجد الأكبر مؤسس العائلة وافد من المغرب وهو “رزين المغربي”.
الصراع الحالي بين الأغاني العاطفية والمهرجانات.. أين الغناء الشرقي والمواويل في الساحة الفنية؟
مجازفتي لتدشين شركة إنتاج ونظيم حفلات كان بهدف الحفاظ على الأغاني التراثية، نظرا لأن المهرجانات التي تعد فن مستقل أيضا تعد أغاني ذات قالب للرقص، ولا يمكن تصنيفها طربية وأحيانا قد تتضمن مفردات غير لائقة، وأرى أنه يتوجب وجود ذوق ثالث للأغاني، لأن الأغنية ليست إلا رسالة تحاصر الشخص طوال الوقت ويظل يرددها.