بعد إغلاق 43 ورشة: فخار إسنا يواجه شبح الاندثار
يشتهر نجع الفاخورة بقرية الحلة في إسنا جنوب الأقصر بصناعة الفخار البارد منذ العصر الفرعوني، إذ سمى بهذا الاسم بسبب تخص قاطنيه في صناعة الفخار فقط واعتباره مصدر قوت يومهم الوحيد.. مؤخرا باتت هذه الصناعة مهدده بالاندثار نتيجة قلة الخامات المستخدمة في الصناعة وأيضا عدم الاهتمام بتسويقها بشكل جيد.
نجع الفاخورة
يقول يوسف عبدالعظيم، 37 عاما، أحد سكان نجع الفاخورة ويعمل في صناعة الفخار بورشة والده: “أنا حاصل على ليسانس في الدراسات الإسلامية، وفضلت العمل في صناعة الفخار بسبب حبي لهذه المهنة. وأيضا للعمل على تطويرها والحفاظ عليها من الاندثار. وأتمنى أن يعمل أولادي في هذه الصناعة ويتوارثوا مهنة أجدادهم”.
وتابع: تعلمت صناعة الفخار منذ أن كان عمري 5 سنوات، واحترفت العمل فيها. كنت أذهب من الصباح وحتى المساء للعمل في الورشة وصناعة الفخار، هي مهنة ليست بالسهلة بل تحتاج لسواعد قوية وقوة تحمل. حتى يتم إنتاج الأواني بالجودة المطلوبة.
يشير عبدالعظيم إلى أن سكان نجع الفاخورة يعملون في صناعة الفخار البارد، وهو يختلف عن الآخر. إذ يصنعون الأواني المخصصة للماء مثل: القلل والزير والجرة وغيرها، وكذلك الأواني المستخدمة في الزراعة وديكورات الحدائق. وأيضا “القادوس” المستخدم في تربية الحمام والأرانب ومواسير المياه الفخارية الكبيرة. وكل هذا يندرج تحت مسمى الفخار البارد.
الفخار البارد
أما عن مواصفات الطين المستخدم في صناعة الفخار، فيقول: “نستخرج الطين من باطن الأرض، ويجب أن يكون ناعم جدا وخالي من الحصى تماما. وبعدها يتم تصفيته وتنقيته وتشكيله ثم حرقه. وبعد ذلك تأتي مرحلة التجفيف حتى تتماسك القطعة جيدا. أما الطواجن وأواني الطبخ الساخنة فلها الطين المخصص لذلك ويسمى بـ”الهمر” يتم جلبه من مدينة القصير. وتصنع الطواجن في قرية حجازة بقنا، وهناك منتجات الفخار اللامعة وهذه يستخدم في صناعتها الطين الأسواني الذي يتم جلبه من أسوان ويتم حرقه وتشكيله أواني مختلفة.
يقول الحاج عبدالفتاح سهري، من أقدم صناع الفخار: “حتى عام 2000 كان أهالي نجع الفاخورة يعملون في صناعة الفخار. وكانت هناك أكثر من 50 ورشة عمل. والآن تقلص عددهم إلى 7 ورش فقط لصناعة الفخار في النجع بأكمله”.
وتابع: تراجعت صناعة الفخار بنجع الفاخورة في الوقت الحالي، ولا أحد يقبل على تعلمها، وهذا يعود إلى عدم الاهتمام بها من قبل الجيل الحالي الذي اتجه للعمل بالسياحة أو المصانع الجديدة من أجل توفير عائد مادي أكبر. ومن المحتمل أيضا أن تكون قلة الخامات وصعوبة توافرها من ضمن الأسباب التي أدت لتراجع الصناعة خاصة في ظل الزحف العمراني وصعوبة توفير الطين المطلوب.
زيادة الاهتمام
ويختتم سهري حديثه ويقول: “يأتي إلى نجع الفاخورة تجار من مختلف المناطق من أجل شراء بضاعتنا وتسويقها في بلادهم. فمنتجات النجع مميزة من حيث المتانة والجودة ولدينا أمهر الصناع الكبار في هذه المهنة. وتباع المنتجات بسعر الجملة وهي أسعار زهيدة تتراوح أسعار الزير الكبير من 50 إلى 60 حنيها، والصغير من 35 إلى 40 جنيها، والقلل من 20 لـ25 جنيها”.
ويتمنى سهري من المسؤولين الاهتمام بنجع الفاخورة أكثر باعتباره ثروة كبيرة في صناعة الفخار المحلي الذي يتميز بالمتانة والجودة العالية. فضلا عن ضرورة الاهتمام بالحرفيين وإنشاء الورش الخاصة بتدريبهم وتعليمهم صناعة الفخار والعمل على تسويق المنتجات بصورة أفضل.
اقرأ أيضا:
ارتبط بـ«السبيل».. كيف تطور «الزير» من العصر الأيوبي إلى الآن؟