150 فنانا في «المنتدى الدولي للفن»: فن من أجل التنمية المستدامة
اختتم أمس بالمتحف القومي للحضارة المصرية «المنتدى الدولي للفن التشكيلي من أجل التنمية المستدامة» في نسخته الأولى. وقد ضم المعرض أعمالا فنية لـ150 فنانا من 30 بلد حول العالم بهدف تعزيز دور الفن والثقافة وربطها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
افتتح فعاليات المعرض د.هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية. ود.غادة والي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة. وإيلينابانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر. ود.أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية. والفنانة التشكيلية رندة فؤاد، رئيس المنتدى، وعدد من السفراء بالقاهرة.
الفن والتنمية المستدامة
العلاقة بين الفن والتنمية المستدامة كانت فكرة رئيس المنتدى رندة فؤاد. إذ تروي لـ«باب مصر» تفاصيل تدشينه بأنها اتخذت في وقت سابق قرارا للمزج بين الفن وعالم التنمية بحكم عملها في مجال البيئة والإعلام التنموي. وتقول: “بعد دخولي عالم الفن التشكيلي أتضح أنه لغة عالمية ليست بحاجة إلى ترجمة ومؤثرة باختلاف الحضارات والشعوب”. وتحول حلم الشراكات الفنية إلى حقيقة بالبحث في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وتابعت: “الهدف الأول كان خلق شراكات بين الفنانين وبمشاركة طلبة فنون جميلة لأنهم الشباب والمستقبل”.
وتقول د.هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية لـ«باب مصر»: الحدث غير نمطي نظرا لربط الفن التشكيلي بالتنمية المستدامة والتاريخ عبر استضافته في متحف الحضارة. مضيفة -على هامش المنتدى- أنه يعد خطوة في طريق استثمار مصر في التراث الثقافي والفني. وذلك بالتزامن مع عدد من الفعاليات الثقافية مثل إنشاء دار الأوبرا في العاصمة الإدارية الجديدة وافتتاح أكبر مدينة للثقافة والفنون في الشرق الأوسط الشهر الماضي.
رموز الجنوب
تتنوع الأعمال بين النحت والرسم. ولكن شغلت الأعمال المسطحة المساحة الأكبر، وباختلاف الجنسيات. كان الجنوب مصدر إلهام في بعض الأعمال المعروضة في المنتدى ومنها للتشكيلي المصري عمر عبدالظاهر، والفنان التشكيلي السوداني مجدي آدم، المشارك بعملين الذي كان رأيه أن العرض الجماعي في ضوء قضية تتعلق بالتنمية والبيئة هي هدف أساسي للفن بشكل عام.
ويقول لـ«باب مصر»: “الفن الحقيقي يجسد مبادئ التنمية المستدامة وفضلت المشاركة بأعمال تتمتع بالألوان المبهجة المعبرة عن الحياة والحب والثنائية بين الرجل والمرأة بدءا من آدم وحواء والحياة بينهما بكل منعطفاتها”.
«النشأة في أسوان» كانت مصدر إلهام للفنان عمر عبدالظاهر، المشارك في المعرض بلوحة واحدة زيت على توال بحجم (متر ونصف×متر ونصف). تحكي اللوحة كغيرها من أعماله العادات والتقاليد في الجنوب. ويوضح أن الأعمال الفنية تتأثر بالنشأة من حيث الأفكار والألوان والتكوين وفي أسوان يكون التأثير قوي. حيث الشمس واضحة وقوية ويتضح منها الظل والنور ولون النباتات والسماء والنيل والجبل.
تراث عمان
الأعمال المستوحاة من التراث حضرت بقوة في المعرض. ومنها عملين للتشكيلي العماني جمعة الحارثي. العمل الأول عن الحضارة العمانية التي ارتبطت بحضارة بلاد الرافدين والفارسية ويتضح بها رموزها.
ويقول لـ«باب مصر» إنه مستوحى من الحفر في الجدران والبيوت والقلاع القديمة. أما العمل الثاني عبارة عن صياغة فنية للأبواب القديمة بطريقة فنية حديثة من خلال استخدام الأصباغ الثقيلة وتجسيد الحروف والحفر الموجودة في الأبواب العمانية التراثية التي مازالت موجودة في الحواري والقرى القديمة وتم ترميمها من قبل الدولة في وقت سابق.
ويضيف من خلال مشاركته الثالثة في معرض مصري، أنه تتشابه الأبواب والنوافذ التراثية من بلد عريق إلى آخر، بل يعد الفن التشكيلي متقارب في الدول العربية بسبب الإرث الثقافي الموجود في الدول العربية مثل الزخرفة الإسلامية، الخط العربي والرموز في الحضارات المتعاقبة. وعن مشاركته في المنتدى يقول: “المشاركة تعد إضافة قوية برفقة هذا الكم من الفنانين والنقاد والزوار”.
فنون الغرب
تنوع الأعمال وتبادل الثقافات بين الشرق والغرب، كان واحدا من أهم أهداف المنتدى، وتحقق ذلك عبر مشاركة الجمعية الدولية للفنون المعاصرة في نيويورك، و”نيو جورج جاليري”. وفي حديث خاص لـ«باب مصر» يقول مدير الجاليري وممثله في المنتدى النحات البلجيكي “جورج فان دايلي”: إن حضوره شخصيا يمثل 13 فنانا دوليا من النمسا، البرتغال، صربيا، بولندا، المكسيك، رومانيا، ألمانيا، هولندا، بلغاريا، أستراليا، بلجيكا”.
فيما يرى النحات البلجيكي المشارك أيضا بمنحوتات تتميز باستخدام الوهم كما لو أنها تحتوي على عدة أحجار بينما هي مصنوعة من حجر واحد، أن هذا التنوع الثقافي الزاخم في حضور العديد من الجنسيات والفنانين من أكثر من دولة له دور قوي في تبادل الخبرات.
ويضيف: “لم نستطع الحديث مع بعض الفنانين العرب لأننا لا نتحدث اللغة العربية ولكن في النهاية الفن يتحدث ويشرح كل شئ”. مشيرا إلى أن العمل كمنسق لملتقى الفن الدولي تجربة ثرية. وعن رأيه في الحدث يقول: “المعرض منظم للغاية ويتضمن كم هائل من الفنانين والأعمال مع تخصيص مساحة عرض لكل فرد أمر صعب جدا في التنفيذ”.
أعمال 150 فنانا من 30 دولة حول العالم كانت فرصة لرصد الاختلافات الفنية في التكنيك والأسلوب. وحول رأيه خلال استضافته الفنية الأولى في مصر، يتابع فان دايلي: “لأكون أمينا أنا منبهر بجودة الأعمال بشكل عام ولكن لا أعتقد أنه يوجد اختلاف جذري فالفن لا يتأثر بجنسية الشخص وفي النهاية يظل الفن فن لا فرق بين فن عربي أو غربي في نقل المشاعر وتجسيدها”.
رسالة مصر الثقافية
شاركت التشكيلية المصرية د.شيرين البارودي بأعمال مُستلهمة من وجوه الفيوم ذات الأثر الحضاري في مصر. وتقول لـ«باب مصر»: “بصمتي الأساسية في الفن المعاصر هي الخرائط الجغرافية المبتكرة وربط الأرض بها، من خلال خريطة بشرية. وهنا تركز اللوحتين على الحضارة والرموز التاريخية وكيفية رصدها وربطها بالعالم الخاص بي”.
ترى البارودي أن مشاهدة أعمال الفنانين المشاركين في المعرض والمعروفين عالميا عن قرب يعد فرصة لمعرفة دور الفن المصري من الساحة الدولية وتعزيز قيمة الفن. واتفق معها د.طاهر عبدالعظيم الفنان التشكيلي وأستاذ في كلية فنون جميلة.
يقول: “هذا الحدث الهام يعكس وجه مصر الثقافية، وإقامته في هذا المكان بهذا المستوى يعد إنجازا عظيما سواء على المستوى الثقافي أو فكرة دمج الفن بالتنمية المستدامة، ويعكس المنتدى قدرة مصر على أنها تمتلك القيم العظيمة وتنوع الفن المعاصر باتجاهاته المختلفة”.
ويتابع عبدالعظيم المشارك بلوحة الأحصنة في المعرض أنه يعد فرصة رائعة لمشاهدة أعمال متنوعة ومنتقاة بعناية شديدة. مضيفا: “التنظيم شهد جهدا كبيرا لخروج الحدث لهذا الشكل والنتيجة فاقت التوقعات باعتباره صورة مشرفة لمصر وفرصة لعرض جماعي ومشاهدة رد فعل الجمهور على الفنون المختلفة”.
من جانبه كشف حنفي محمود الفنان التشكيلي والمصور المشارك في المعرض بأربعة أعمال، الساعات الأخيرة قبل الافتتاح. ويقول: “أرى التنظيم وعرض الأعمال إنجازا، خاصة أنني كنت في المعرض في اليوم السابق للافتتاح ولم تكن الأعمال قد جُهزت للعرض بعد”.
اقرأ أيضا
«الشركة.. المقابلة»: عودة نسيج الحركة التشكيلية في 100 عمل تجريبي