«التاريخ قال كلمته».. عقائد مصر القديمة في الأديان السماوية والسينما العالمية
“لو لم أكن مصريًا، لوددت أن أكون مصريًا”.. قالها مصطفى كامل منذ ما يزيد عن مئة عام، إلا أنه لم يكن يعلم حينها أن الحضارة المصرية القديمة قد رفرفت بجناحيها حول العالم. فهي كما جاء على لسان الكاتبة المصرية نعمات أحمد فؤاد: “حضارة باتعة.. رائعة.. مبدعة.. ممتعة، فهي ككل شيء عظيم خالد، يظل في أعماقها نهر يتدفق من الإبداع”.
وفي وصفه لمصر يقول الرحالة المغربي ابن بطوطة في كتابه “رحلة ابن بطوطة – تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”: “ثم وصلت إلى مدينة مصر، هي أم البلاد، وقرارة فرعون ذي الأوتاد، ذات الأقاليم العريضة، المتناهية في كثرة العمارة المتناهية بالحسن والنضارة، ومحط الضعيف والقادر، شبابها يجد على طول العهد، كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة”.
ورغم أن ابن بطوطة من أوائل الكتاب الذين أشاروا إلى أن “مصر أم البلاد”، إلا أن هناك عدد من الإشارات والدلائل التي تؤكد حقيقة أن “مصر أم الدنيا”، حيث استطاعت الحضارة المصرية الانتشار والاستمرار رغم آلاف السنين عبر العوالم المختلفة.
سندريلا بالمصري
يشير كتاب “Cinderella: The ultimate collection” أن أصل “سندريلا” يعود إلى حكاية “الفتاة صاحبة الحذاء الأحمر”، لصاحبها المؤرخ اليوناني “إيسوب”. وتدور القصة في آواخر عصر الدولة المصرية القديمة، قبل غزو الفرس لمصر، وتحديدًا في عهد الفرعون “أمسيس”. الذي استقبل في مصر العديد من اليونان، مقيمًا لهم مدينة تدعى “ناوكراتيس”.
ويتابع الكتاب؛ أن “ناوكراتيس” أقام بها رجل يسمى “Charaxos” وهو أحد الأثرياء اليونان، وفي يوم من الأيام وأثناء مروره بالسوق، أعجب بجارية فاق جمالها حد الخيال، واكتشف “charaxos” أن فتاته من جنوب اليونان، إلا أنها أسرت وهي طفلة وبيعت إلى أحد الأُثرياء، الذي قرر بيعها بعد أن كبرت.
وبعد أن عرف “chraxos” قصة “راهودوبيس”؛ قرر أن يعاملها كابنته؛ فاشترى لها منزلًا وخصص لها الجواري لخدمتها، ولم تتوقف حكاية “سندريلا المصرية” عند هذا الحد، فأثناء اغتسالها؛ أتى نسر عملاق واختطف حذائها الأحمر، مرففًا به عبر السماء، ليستقر في نهاية الأمر عند الملك “أمسيس”، الذي ما أن رآه حتى أمر رجاله بالبحث عن صاحبته.
ويسرد “Cinderella: The ultimate collection” أن الملك اعتقد أن ما حدث إشارة من الإله حورس ليبحث عن شريكة حياته، وما أن وجدها رجاله، ورأى جمالها، أيقن من تفكيره، وقرر الزواج منها، لتصبح ملكة مصر القديمة.
“اسكتلندا” والأميرة المفقودة
وعلى نفس الصعيد يذهب الكاتب D.E.R Watt في كتابه “A HistoryBook for Scots” إلى مخطوطة “scotichronicon” التي كتبها الراهب والتر باور في القرن الرابع عشر الميلادي، والتي تسرد القصة الكاملة للأمة الاسكتلندية، وفيها يشير الراهب إلى أن اسكتلندا سميت على اسم الأميرة المصرية “سكوتا” ابنة فرعون مصر، التي خرجت من بلادها في رحلة مع “حجر الأقدار” أثناء الاضطرابات التي لحقت بوفاة والدها.
وفي دراسة تاريخية للباحثة البريطانية، لورين إيفان، بعنوان “Kingdom of the ark” تؤكد أن الأميرة “سكوتا” ابنة الملك المصري “إخناتون”، والتي فقد أثرها بعد وفاة والدها. وتتابع إيفان: أن “سكوتا” تركت مصر؛ نظرًا للحالة السياسية عقب رحيل والدها، مؤكدة من خلال دراستها أن “سكوتا” قد استقرت على شواطئ بريطانيا.
“ليلة عيد.. ليلة عيد.. هذه ليلة عيد”
كما يقال دائمًا: “لكل شيء أصل” فإن أصل “عيد الميلاد.. وشجرة الكريسماس”، بحسب ما أورده المؤلف سيد كريم في كتابه “لغز الحضارة” يعود إلى المصريين القدماء، مؤكدًا أن أسطورة الثالوث المقدس من أقدم الأساطير الفرعونية القديمة، التي نشأت مع عقيدة الخلق والتكوين عند قدماء المصريين، والتي ظهرت في أعياد ميلاد المسيح، و”شجرة الكريسماس”، التي يختارونها من الأشجار التي تحتفظ بخضرتها طول العام؛ كالصنوبر، والسرو.
وتسرد الأسطورة المصرية قصة غدر “ست” بأخيه “أوزوريس”؛ نظرًا لغيرته من رجاحة عقله وحلمه رسالة المحبة بين البشر, وبدأت الأسطورة بإقام حفل كبير، وتحضير “ست” تابوتًا من الذهب الخالص ليهديه لأي إله من الحاضرين، شرط أن يناسب حجمه. وكان التابوت من نصيب “أوزوريس” الذي ما أن رقد فيه؛ حتى أغلق “ست” وأعوانه التابوت، وألقوه في النهر.
ويتابع كتاب “لغز الحضارة”: أن التابوت استقر عند مدينة “بيبلوس” على الشاطئ الفينيقي، ونمت بجواره شجرة ضخمة لحمايته من أعين الرقباء، وفي يوم من الأيام وأثناء تجول ملكة “بيبلوس” والمعروفة باسم الإلهة “عشتروت”، وأثناء تريضها على الشاطئ، أعجبت بتلك الشجرة، وأمرت حراسها بنقلها إلى قصرها. وفي تلك الأثناء ذهبت رياح الشمال لـ”إيزيس” لتخبرها أن زوجها “إيزوريس” ينتظرها في “بيبلوس”.
ويواصل سيد كريم الأسطورة موضحًا أن ملكة “بيبلوس” قد رحبت بـ”إيزيس” واتخذتها نديمة لها، مما أتاح لها الفرصة للوجود جوار زوجها. وبقوتها السحرية تحولت إلى نسر مقدس في محاولة لمناجاة روح زوجها، الأمر الذي أسفر عن حملها للإله “حورس”. وبعد ولادتها طالبت إيزيس ملكة “بيبلوس” جذع الشجرة الذي يضم تابوت زوجها؛ لتبحر إلى مصر مرة أخرى. وهناك عادت الحياة مرة أخرى لـ”إيزوريس”، وأورث ابنه “حورس” عرش مصر في حين صعد للسماء ليصبح ملك العالم الآخر ورئيس المحكمة.
ويعد عيد أوزوريس من أعز ما يحتفل به المصريون، وجرت العادة إلى الاحتفال بهذا العيد في أول شهر “كيهك” والتي تشير إلى “كا هي كا” وتعني “روح على روح” نسبة إلى ميلاد حورس من روح الإله. وبحسب ما أورده سيد كريم في كتابه أنه من أهم تقاليد عيد الميلاد عندهم؛ الاحتفال بـ”شجرة الحياة”، والتي يختارونها من الأشجار دائمة الخضرة، مشيرًا إلى أن هذه العادة خرجت من مصر إلى سوريا ومنها إلى بابل، ثم عبرت البحر المتوسط لتظهر في أعياد الرمان لتعود للظهور مرة أخرى في أعياد ميلاد المسيح.
بالعبري الفصيح
ينتقل سيد كريم من “عيد الميلاد وشجرة الكريسماس” إلى عيد “الفصح” عند اليهود، مرجعًا أصول ذلك العيد إلى احتفالات المصريين القدماء بأعياد الربيع وتحديدًا عيد “شم النسيم”، فيشير سيد كريم في كتابه إلى أن اليهود نقلوا عن المصريين القدماء عيد شم النسيم، عندما خرجوا من مصر في عهد موسى عليه السلام. وقد اتفق خروجهم مع موعد احتفال المصريين بعيدهم، وقد أشارت الكثير من المراجع التاريخية إلى أن اليهود اختاروا ذلك اليوم بالذات؛ ليتمكنوا من الهروب مع ما سرقوه من ذهب وثروات المصريين.
يستطرد كتاب “لغز الحضارة” موضحًا أن اليهود احتفلوا بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم وأطلقوا عليه اسم عيد “الفصح”، والتي يرجع أصلها إلى اللغة العبرية ومعناها الخروج أو العبور. واعتبر اليهود ذلك اليوم؛ رأسًا للسنة العبرية الدينية تيمنًا بحياتهم الجديدة.
تعددت الاحتفالات و”عاشوراء” واحد
ولم يكن اليهود والمسيحيين فقط من اقتبسوا احتفالاتهم من المصريين القدماء، فبحسب ما جاء في “لغز الحضارة” فإن الاحتفال بـ”عاشوراء” يرجع إلى الدولة القديمة في آواخر عصر الأهرام، وكان من بين أعياد مدينة منف الدينية، عرف باسم عيد “طرح بذور القمح المقدس”، وكان من أشهر الأكلات في ذلك اليوم “طبق العاشوراء” الذي لم تختلف صناعته كثيرًا عما هو متعارف عليه الآن.
وتصادف يوم عاشوراء بداية السنة العبرية، حيث أمر موسى عليه السلام اليهود بالصيام تكفيرًا عن ذنب خروجهم عن طاعة الله، وأخذ العرب في الجاهلية عادة الاحتفال بعاشوراء والصوم عن اليهود، وعندما نزل الإسلام في شبه الجزيرة العربية أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بصوم يوم عاشوراء مع صوم يوم يتبعه أو يسبقه قائلًا كلمته المشهورة “نحن أحق بموسى منهم”.
ومن جزيرة العرب والمسلمين إلى البلاد الآسيوية القديمة التي اتخذت من يوم عاشوراء عيدًا لها، باعتباره اليوم المقدس الذي زرع فيه سيدنا نوح القمحة في الأرض بعد الطوفان.
“الأوسكار” أصله مصري
ورغم اختلاف المصادر حول كون “بتاح” أحد الآلهة المصرية القديمة أو أحد الحكماء القدماء، إلا أن المصادر أكدت أنه اعتبر رب الحرفة والصناعة في مصر القديمة. ومن خلال تمثال الإله “بتاح” اقتبس تمثال جائزة الأوسكار.
ويشير موقع Encyclopædia Britannica إلى أن “بتاح”؛ الإله الخالق وصانع الأشياء في الدين المصري القديم، فهو راعي الحرفيين، وخاصة النحاتين. وعرف بكونه رئيس وحدة تحكم الحرفيين. وعرفه الإغريق بـ”هيفايستوس” باعتباره الحداد الإلهي، متابعًا: أن عبادة الإله “بتاح” انتشرت في “ممفيس” عاصمة مصر القديمة. وجاءت هيئة ممثلة في شكل إنسان مشدود بغطاء على جسده، مرتديًا قلنسوة، وممسكًا في يديه شعارات الحياة والسلطة والقوة في مصر القديمة.
2 تعليقات