من الأدب الفرعوني| «الله لا يفعل إلا خيرًا».. من حديث الصقور فوق قمة الجبل

حكاية رمزية  تروي حوارا افتراضيا بين طائري السمع والبصر، يوردها محمد أبو رحمة، في كتابه “حواديت فرعونية”، مشيرا إلى أن الحكاية مدونة في البردية رقم 1/ 284 /1917 متحف ليدن بهولندا، ويرجح أن تكون قد كتبت في عهد الرعامسة (1292-1077 ق.م).

حديث الصقور

بحسب سرد أبو رحمة، فإن لقاء جمع بين صقرين أحدهما طائر البصر والآخر طائر السمع، وبدأ كل منهما يستعرض قدراته أمام الآخر فيقول طائر البصر أنه يستطيع أن يرى حتى نهاية الظلام ويخترق بصره المياه الأزلية حتى يشاهد نون “إله المياه الأزلية”، ويرجع صقر البصر قدرته تلك إلى أنه رحل إلى بحر النور ولبث في الدار الفضية وأطعمه طائر الضياء وجبة نورانية  كبريق الشمس.
ويرد طائر السمع قائلا: “أما أنا فأسمع ما يدور في السماء وما يقوله رع ، وكل ذلك لأنني عشت طويلا في صمت رع وكنت لا أنام القيلولة، فإذا ما جاء الليل جف حلقي”.

السمع والبصر

ويتابع أبو رحمة: يضحك طائر السمع بصوت عال، فيسأله طائر البصر ما يضحكك هكذا؟، فيرد بأن رع قد قص عليه هذه الحكاية، وهي أن ذبابة الكلاب المزعجة التهمتها سحلية كانت مأمورة بذلك، والتهم الورن السحلية، والثعبان التهم الورن أما الصقر فيغرق الثعبان في البحر ثم يتابع طائر السمع موجها حديثه لطائر البصر: “فإذا ما نظرت إلى قاع البحر، فاحكي لي ما حدث للثعبان والصقر؟”
ينظر طائر البصر إلى قاع البحر ويقول: “حقا ما رويت، وإني أرى الآن الصقر والثعبان وقد التهمتهما سمكة كبيرة، وها هو الصقر يفترس السمكة الكبيرة ثم يسبح إلى البر، وأرى الأسد وقد زحف إلى البر وسحب السمكة الكبيرة ولكن الطائر الجارح يشم رائحتهما، فيهاجمهما وينشب مخالبه فيهما، ويحملهما بعيدا صوب الشمس الحارقة ثم أنزلهما على الجبل ومزقهما إربا وافترسهما، وإن كنت تظن أني رويت لك كذبا فتعال معي إلى الجبل كي أريك”.

الله لا يفعل إلا خيرا

طار الصقران إلى الجبل ووجدا كل ما قصاه لبعضهما صحيح، فيقول طائر البصر: “فلتقر بأنه لا يحدث شيء في الأرض إلا بأمر الإله الذي في السماء، والله لا يفعل إلا خيرا”. وإزاء تعجب طائر البصر من مصير الأسد على يد الطائر الجارح، يقول طائر السمع: “حقا ألا تعرف، أن الطائر الجارح هو زعيم الحيوانات، أنه المنتقم، أن له منقار صقر وعين إنسان، وجسد أسد، أما أذناه فمثل زعانف السمك وله ذيل حية، وقد اتحدت هذه الحيوانات الخمس فيه، وهذه هي هيئته، وهو قد سيطر على كل شيء تماما مثل الموت”.

هوامش

1- محمد أبو رحمة – حواديت فرعونية – دار حابي للطباعة والنشر 2005 – من ص  85 إلى ص 87 وص 245.

مشاركة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر