أمنية عبدالبر تكتب: جليلة، أستاذتي وصديقتي

عندما تم قبولي في قسم العمارة في كلية الفنون الجميلة، قالت لي والدتي أنها كانت على معرفة بصديقة منذ زمن الدراسة المدرسية، درست أيضا العمارة في كلية الهندسة وكانت متفوقة جدا، فتمنت والدتي أن أكون على نفس تفوق صديقتها.
تمر الأعوام ويحالفني الحظ بالتعرف على الدكتورة جليلة عندما كانت تدير مشروعها عن وسط البلد، حيث كان يعمل معها اثنان من أصدقائي في الكلية. أتذكر أننا ذهبنا إلى الإسكندرية عام 2005 لحضور المؤتمر الختامي في مكتبة الإسكندرية، ومن هنا بدأت صداقتنا تتوطد أكثر فأكثر. ذكرتني بعدها والدتي أن هذه السيدة هي نفس الصديقة التي تذكرتها عندما بدأت دراستي.
***
لقد تعلمت الكثير من الدكتورة جليلة، خاصة عندما بدأنا حملتنا عام 2013 للدفاع عن التراث، فقد اكتشفت وقتها الترابط بين السياسة والثقافة والتراث. استطعنا وقتها أن نسلط الضوء على الانتهاكات والسرقات التي تحدث تحت أعيننا، وأن نشرك المجتمع معنا في هذه القضية. ثم سافرنا معا وحاضرنا عن الموضوع في مدن عدة.
خلال هذه الفترة، كانت الدكتورة جليلة تحكي لي عن مسيرتها، وكنت دائما أستمتع بذكرياتها عن ثورتهم كطلبة في الجامعات في بداية السبعينات، ثم كيف دافعوا عن تراث القاهرة طوال هذه الأعوام. وأيضا كيف قررت في الثمانينات أن تقوم بدراسة منطقة الجبانات لأنها أحست بالخطر الذي يترصد لهذه المنطقة التاريخية، ثم أصدرت كتابها الأهم عن هذا التراث الذي يتم الآن، للأسف، نسفه وتدميره.
في خلال دراستي للماجستير والدكتوراه، كانت مناقشاتي مع الدكتورة جليلة تساعدني كثيرا في أبحاثي، فكان بيتها ومكتبتها دائما مفتوحين لي ولن أنسى أبدا كيف استضافتني في بيتها وأنا في آخر أيام الدكتوراه، وساعدتني لكي أضع الكلمات الأخيرة في أطروحتي.
***
ولكنها ليست فقط الأستاذة والباحثة بالنسبة لي، لكنها أيضا جليلة الصديقة الأعز التي أستمتع دائما بصحبتها وبأحاديثنا المطولة وتحليلاتنا لأحداث مصر والعالم، خاصة ونحن نعد ونتناول الطعام في مطبخها في وسط البلد في القاهرة، أو على مائدتها المسدسة في شقتها في شارع أبو قير بباريس. أحاديثنا تعطيني دائما الأمل أننا لا بدّ أن نكمل المعركة، وأننا لابد أن نقوم بدورنا لأننا لا نقهر مثل مدينتنا، فقد ورثنا إرثا مصريا لا مثيل له.
في عيد ميلادها الماسي أود أن أشكرها على صداقتها وعلى كرمها وعلى علمها. فهي سيدة مصرية من نوع آخر، لا تمل ولا تكل ولا تبخل أبدا عن المشاركة بوقتها وعلمها.
شكرا يا جليلة فوجودك في حياتي قد أضفى عليها الكثير من المتعة والفرح. وأنا وعائلتي الصغيرة نتمنى لك العمر المديد، والصحة، والمزيد من العطاء، فالمعركة مازالت مستمرة!
اقرأ أيضا:
ملف| «جليلة القاضي».. 75 عاما في مواجهة القبح
جليلة القاضي: المتمردة الساخرة
د.داليا الشرقاوي تكتب: علمتني الجرأة في التجوال
طارق المري يكتب: الجليلة بنت القاضي