صور| أقدم ورشتين لتصنيع وإصلاح الفوانيس في الأقصر.. هنا سر الصنعة
تصوير: أسماء الطاهر
تتنوع أشكال زينة رمضان وتختلف من مكان لآخر، إلا أنه مازال الفانوس الشعبي المصنوع من الصفيح متربعا على عرش قائمة البيع لدي المحال التجارية، ويقبل الجميع على شراءه احتفالا بقدوم الشهر الكريم.
وفي الأقصر كان لورشتي المنشية الأقدمية في تصنيع الفوانيس الجديدة وإصلاح القديم منها، “ثقافة وتراث” تتعرف على أصل المهنة الموروثة من الآباء.
وسط المنشية بالأقصر، توجد ورشة الحاج منصور لتصنيع الفوانيس من الصفيح قبل ثلاثة عقود، حتى ذاع صيته وأصبح يورد منها إلى تجار الجملة والتجزئة في الأقصر والمحافظات المجاورة.
في هذه الورشة يعمل الحاج منصور أقدم صانع فوانيس في الأقصر، والذي ورّث الحرفة لابنه “حسين” ذي الثلاثين عامًا، وأصبح يعمل معه في ذات الورشة.
يقول حسين: “نشتري الصفائح من القاهرة ونقوم بتشكيلها إلى قطع مختلفة من الفوانيس الصفيح ويتم زخرفتها بآيات قرآنية أو كلمات ابتهال مزودا لها الزجاج المطلي بالألوان”.
يضيف حسين، أنه برغم ارتفاع أسعار الصفائح والزجاج، إلا أن الإقبال على شراء هذه النوعية من الفوانيس لم يتأثر، لأنها من أقدم الفوانيس التي عرفها المصريون فهي تمثل لديهم مكانة خاصة جدا، مضافًا لها الزجاج.
ويتابع: نبدأ التجهيز للموسم قبل حلول شهر رمضان بأربعة أشهر حتى نتمكن من إنجاز الكميات المطلوبة وتوزيعها للتجار ونستمر بالعمل حتى أول الشهر الكريم.
أن تجد ورشًا متخصصة لصناعة الفوانيس، ربما بات أمرًا تقليديا في ظل توارث الصنعة وانتشار ورش التصنيع في معظم محافظات مصر، لكن غير التقليدي هو وجود ورش متخصصة في لحام الفوانيس وإعادة تصنيعها إلى شكلها الأصلي كأنها حديثة الصنع، هذه الصنعة التي ورثها الحاج جمال عرابي يوسف عن والده قبل مايقرب من نصف قرن.
داخل ورشة ضيقة علي ناصية الشارع المتفرع منه شارع ورشة الحاج منصور، يقف عم جمال ممسكًا بمطرقة صغيرة بإحدى يداه، وباليد الأخرى أحد الفوانيس الكبيرة وبجواره نارًا مشتعلة يضع عليها المطرقة ويعاود الطرق على الفانوس، يقوم بذلك عدة مرات في همة ونشاط، رغم ارتفاع حرارة الشمس التي ألقت بأشعتها على مدخل الورشة الصغيرة، لكن لم يؤثر ذلك على نشاط صاحب أقدم ورشة للحام الفوانيس بالأقصر.
“كاوية، قصدير، ماء نار، مطرقة، وابور، صفيح، ومقص”، أدوات بسيطة يستخدمها عم جمال للحفاظ على الذكريات، فإذا تعرض فانوسك القديم للكسر أو حتى أصبح متفككًا لقطع صغيرة يفقد خلالها الفانوس قيمته، يستطيع الرجل الستيني أن يعيده إلى مظهره الأول بكل براعة محتفظًا بقيمته التي اشتريته بها.
بدقة عالية، يُشكل عم جمال زوايا وأضلاعًا متناسقة من الصفيح بواسطة المقص، تتناسب كل منها وحجم الفانوس المطلوب تعديله.
يقول جمال، ورثت المهنة عن والدي، حتى أخي الأكبر أتقنها قبلي من والدي وتعلمناها حتى أصبحنا نورثها لأبنائنا وأحفادنا، حتى نجل ابني رغم صغر سنه لكنه يسعى والده لأن يكون دائم التردد على الورشة وبدأ يتعلم بدايات الصنعة.
ويضيف، “بشتري القصدير وماء النار والنشادر، المسؤولة عن تنظيف المطرقة بعد خلطها بمادة اللحام، ويتم تسخين المطرقة على النار، ثم توضع في ماء النار، ويتم لحام القطع التي تم تشكيلها، ليصبح متصل بعضها ببعض ككتلة واحدة”.
ليست فوانيس الأفراد فقط المسؤول عم جمال عن إعادتها لجمالها، لكن الفنادق أيضًا من زبائنه، لتصليح ولحام الفوانيس النحاسية الكبيرة التي تزين صالات الاستقبال بالفنادق، لما يتسم به السمكري المخضرم من خبرة وباع طويل في هذا المجال.