“التلي”.. رموز وحكايات
تصوير: أحمد دريم
يعد “بيت التلي” أحد المعالم التراثية التي تشتهر بها محافظة أسيوط، أنشأه الفنان التشكيلي سعد زغلول عام 1994 تحت مسمى مركز حماية التراث، بهدف إعادة الروح للحرفة التي كانت على وشك الاندثار ومن ثم دشن معرضًا يضم أعماله الفنية بجانب أعمال “التلي”.
و”التلي” أسلوب من التطريز بأشرطة معدنية رقيقة على أقمشة قطنية أو حريرية أو شبكية.
عزيزة الشعراني
داخل مبنى مكون من ثلاث طبقات ذات إطارا خشبيا لامعا يجمع عرقة الفن القديم والتراث المعماري الحديث دولاب خشبي يحوي أعمالًا فنية متميزة من “التلي”، وبجانبه الأعمال الفنية لسعد زغلول، مؤسس بيت التلي عام 1994.
يقول زغلول “التلي” اشتهرت به أسيوط منذ زمن بعيد وكاد أن ينقرض في أواخر الأربعينيات، ولكن أعادت إحيائه عزيزة الشعراني، حرم الدكتور سليمان حزين، أول رئيس لجامعة أسيوط، وبعد أن أصبح وزيرًا للثقافة انتقل إلى القاهرة وتوقف مشروعه عن “التلي”، ليبدأ سعد في تجربته لإحيائه مرة أخرى.
تدريب الفتيات
ويضيف زغلول: في عام 1992 قدّمت دراسة للصندوق الاجتماعي لإحياء الحرفة ومن ثم تم عمل بحث ميداني كان بمثابة البحث عن مستحيل، فعثر من خلاله على سيدتين بغرب مدينة أسيوط يتقن الحرفة وكلفهن ببعض الأعمال وكانتا الأساس لتعليم الفتيات الحرفة، وتم توفير فتيات بمركز تدريب، ليقم بعدها ببناء منزل على نفقته الخاصة مكون من طابقين بالشكل الشعبي درّب فيه 500 فتاة من خلال منحة الصندوق الاجتماعي، وبذلك تم الحفاظ على المهنة، ويتابع “هذه رسالتي الحفاظ على الهوية وصيانة التراث وتوفير فرص عمل للشابات والتعريف بأهمية العمل اليدوي والصناعات اليدوية”.
ويوضح الفنان أن سبب اختلاف فن “التلي” الأسيوطي عن غيره أن المرأة الصعيدية البسيطة قد لا تعرف القراءة ولا الكتابة إلا أنها تقوم بعمل شكل مختلف من “التلي”، فتقوم بالرسم على القماش بالرموز والأشكال والرسومات الحيوانية، لتعرف في النهاية أنها تقدم نصيحة أو تكتب وصية أو تحكي حدوتة لبناتها تهديها لها يوم زفافها”، منوها بأن “التلي” الأسيوطي يحمل فلسفة ووجهة نظر تختلف عن المحافظات والدول الأخرى.
التلي مؤسسة تراثية
يتابع زغلول: أنه في عام 2010 تأسست جمعية أهلية تابعة للشؤون الاجتماعية لحماية التراث.. باسم مؤسسة “سعد زغلول لرعاية الحرف التقليدية والفنون التشكيلية”.
وفي عام 2015 تم إصدار قرار إزالة للبيت ليتم بناء متحف يضم أعمال الفنان التشكيلي، إضافة إلى نماذج من “التلي”.
موضحًا أن ذلك بسبب وجود علاقة بين لوحاته و”التلي”.. فهو حرفة تقليدية شعبية ولوحاته أيضا تصور الحياة الشعبية المصرية.. سواء كانت مع الأطفال أو المرأة أو الحياة العامة ليصبح بيت “التلي” حاضنًا لأعماله الفنية.
ويضم المتحف حوالي 100 لوحة بخامات مختلفة من الزيت، والباستل، والفحم، والحبر، والألوان المائية.. وغيرها من اللوحات بخامات مختلفة.. علاوة على مرسم للأطفال وصالة استماع الموسيقى وبصدد عمل مكتبة إلكترونية.
معارض دولية
شاركت أعمال الفنان في كثير من الدول العربية كالسعودية والإمارات وعمان.. لإضافة إلى ورشة عمل أقيمت داخل البنك الدولي بدعوة من الهيئة التي تشرف على الحرف الصغيرة في أمريكا.. علاوة على إقامة مهرجان سنوي للفنون الشعبية أو الحرف التقليدية.. كان آخرها مهرجان “التلي” العربي في نوفمبر عام 2011.
“تجربة ينقصها التسويق”.. هكذا يصف سعد تجربته والتي يرى أنها تحققت في إحياء التراث على المستوى الشخصي.. ولكنه أيضا كان يحلم أن يكون مصدر رزق لعائلات كبيرة وهذا ما تملكه الدولة.. فبالرغم من محاولاته العديدة من مراسلة عدد من المعارض العالمية.. إلا أنه لم يجد صدى لذلك فالتلي حرفة يدوية ذات قيمة عالية وتتميز بالدقة والأشكال المنفردة.. لكنها بحاجة إلى خطة تسويق.
رسالة للمثقفين
يوجه الفنان سعد زغلول رسالة للمثقفين وكل من يهمه أمر بقاء التراث والحفاظ عليه.. متمنيا تسويق الحرف التقليدية والصناعات اليدوية لعودتها مرة أخرى وتحقيق مكسب وربح.. علاوة على أنها مصدر جذب للسياحة.
سعد زغلول مؤسس بيت التلي
سعد زغلول مؤسس بيت التلي كأول مركز لحماية التراث في أسيوط عام 1994، وعضو نقابة الفنانين التشكيليين وعضو أتليه القاهرة وجمعية أصالة لحماية الحرف والفنون وجمعية المحافظة على التراث.
ولد سعد زغلول فى 15 يوليو 1941 بمدينة أسيوط.. وانتقل إلى القاهرة وأقام بين حي السيدة زينب والجيزة. وعمل مصمما لطوابع البريد بمصلحة المساحة.. لكنه عاد إلى أسيوط مرة أخرى وعمل رساما ثم مشرفا فنيا بمجلة صوت الجماهير 1966.
أقام عددا من المعارض منها معرض الجندي فنان أثناء حرب الاستنزاف عام 1969، ومعرض بمدينة لوزان بسويسرا عام 1984، ومعرض بجامعة الملك عبدالعزيز بالسعودية 1985، ومعرض بأتيليه القاهرة 1986، ومعرض بمدينة بألمانيا عام 1992، وغيرها من المعارض، بالإضافة إلى أنه أصدر كتاب “العمر وسنينه”.