تراث الخط العربي في معرض فني بدشنا
المكان معهد الخط العربي بمدرسة السادات الإعداية بدشنا، المناسبة “لمعرض الأول للخطوط العربية”، الذي شهد حضور مئات الخطاطين والفنانين والمثقفين، بالإضافة إلى تكريم الطلاب المميزين في مجال الخط العربي .
أنشئ معهد الخط العربي بدشنا في التسعينيات، وألحق بالمدرسة الثانوية الزخرفية للبنات بنظام دراسة ينقسم إلى مرحلتين، الأولى 3 سنوات ويدرس فيها الطالب فنون الخطوط وأنواعها وكيفية تنفيذها، والثانية لمدة سنتين وهي التخصص الذي يعرف بـ”التذهيب”.
والتذهيب هي المرحلة التي يتقن فيها الخطاط أصول تزيين حواشي الكتب واللوحات والمخطوطات، باستخدام مادة ماء الذهب، وبسسب إجراء ترميمات بالمدرسة الزخرفية للبنات، نُقل مقر المعهد إلى مدرسة السادات الإعدادية .
جذور تاريخية
الدكتورة زينب دياب، عميد المعهد، تقول إن الجذور التاريخية للخط العربي تعود إلى فترة دخول الإسلام، لافتة إلى أن الخط العربي في تلك الفترة تميز بالبساطة وكانت الحروف تشبه الرسومات، ومع الوقت تطورت الكتابة لينشأ نوعين من الخط: النسخ والرقعة.
وتتابع: مع فترة الفتوحات الإسلامية والتقارب الحضاري مع بلدان مثل الكوفة وفارس، ظهرت خطوط جديدة مثل الخط الكوفي والفارسي، مشيرة إلى أن ازدهار الخط العربي تحقق في فترة الحكم العباسي، خصوصا مع انتشار الدواوين، فظهر الخط الديواني وخط الثلث، والذي يعتبر المرحلة المتطورة من خط النسخ ويسمى سيد الخطوط .
الطغراء
ويقول الفنان والخطاط أنس عبد القادر إن التطور الأكبر في الخط العربي بدأ في حقبة المماليك بظهور فن الطغراء، مشيرًا إلى أن أصل الكلمة تتري، وتعني الشارة المرسومة.
يضيف عبدالقادر أن هذا الخط مزج بين الخطين الديواني والثلث في تشكيلات فنية اعتمدت على شكل حروف الألف، فقد جنح الخطاطون في تلك الفترة إلى عمل قوالب فارغة من أختام الملوك، ووضع أسماء أمراء المماليك، لافتا إلى أن فن الطغراء من أرقى فنون الخط العربي ويحتاج من الخطاط أن يعرف أسس الفن التشكيلي.
الهوية العربية
عماد حمدي، خطاط ومدرس بالمعهد، يقول في فترة خلافة عثمان بن عفان ظهرت الحاجة إلى تدوين القرآن الكريم، أصبح من اللازم الاهتمام بالخطوط ودراستها وتطويرها.
ويتابع حمدي أن فن الخط العربي في مصر يعاني من التهميش وعدم الاهتمام، إذ تتعامل معه وزارة التربية والتعليم على أنه جزء من مادة اللغة العربية بالمدارس، ولا يتعلم الطلاب سوى خطي الرقعة والنسخ، وتكون النتيجة أن معظم الطلاب في جميع المراحل يعانون من سوء الخط.
ويقترح أن تتبني الوزارة فكرة إفراد مادة مستقلة بالمدارس للخط العربي، الذي سيؤدي بدوره إلى تحسن في خطوط الطلبة وينعكس إيجابا على مستوى التحصيل الدراسي .
المقاييس الفنية للخط
ويقول بدري علي، خطاط، إن الإبداع في الخط العربي لا يقتصر فقط على إتقان المقاييس الفنية للحروف والكلمات، بل يتعداه إلى إمكانية إدخال التكوينات الخطية ضمن أشكال هندسية تعتمد على طريقة رسم الحروف ووضعها في ذلك النسق، مثل الطريقة الشائعة في كتابة البسملة بخط الثلث على شكل طائر أو طاووس أو استخدامات الخط الديواني في تكوينات فنية معبرة.
ويتابع أنه يجوز للخطاط تغيير شكل الحرف، حسب الحاجة لإخضاعه للتكوين المطلوب دون الإخلال بقواعد اللغة، ويلفت أن من أهم العوائق التي يواجهها معهد الخط عدم وجود مكان مستقل له، وعدم توظيف الخطاطين بعد التخرج ليعانوا من البطالة.
أما محمد الصغير، الطالب المثالي بالمعهد، فيقول إنه صمم لوحة بعنوان الوحدة الوطنية، واعتمدت على تكوين منارة المسجد وبرج الكنيسة، وكتابة “كلنا مصر” بالخط الكوفي.
ويضيف أنه حاول أن يحاكي أسلوب الزخرفة بـ”الفسيفساء”، مستخدما كسر السيراميك وقطع الماتايا، كما أنه يسعى إلى مزج الخط العربي بالفن التشكيلي، وعدم اقتصار الخط على الكتابة فقط، بل يمكن تحويله إلى لوحة فنية باستخدام النحت والحفر .