“تنويرة” أحدث مركز ثقافي بقنا
كتبت- مريم الرميحي
من غرفة لا يزيد عرضها عن 4 أمتار إلي مبنى من طابقين مخصص للقراءة والرسم والموسيقى والكمبيوتر، رحلة أمل هاشم “للتنوير”.
أهل الشارع يقولون إن هذا المكان كان بـ”الطوبة الحمرة” والطابق الأول “جراج” متهدم، كأنه كان ينتظرها.
أمل أحمد هاشم، المرأة الثلاثينية، خريجة كلية التربية، ذات الطباع المتمردة، والعقلية الطموحة، التي لا تعرف المستحيل، فالطرق كثيرة وعلينا البحث عنها وألا نيأس، عندما يغلق أحدها في وجهنا، هكذا تحدت الظروف دون شعارات.
“مؤسسة تنويرة للتنمية الثقافية” تنير شارع سكني بسيط بأحد أحياء مدينة قنا، في منطقة مدينة العمال، تعتقد في بادئ الأمر أنك تسلك طريقًا خاطئًا، ورغم صعوبة وصف الطريق إلى المكان، إلا إن شهرة المؤسسة، سهل الأمر، مع أن عمرها لم يتجاوز العامين بعد.
بدأت أمل هاشم مشوارها في إحياء حركة التنمية الثقافية في قنا من حجرة صغيرة، كان أحد الأصدقاء تبرع بها من مقر شركته، صاحبة التخصص في صيانة الكمبيوتر، التخصص البعيد تماما عن ميولها وطموحها وهدفها في نشر التنمية الثقافية في محافظتها، الأشد تعصبا وقبلية وجمودًا فكريًا، حتى أصبح مبني من طابقين ليس بالمساحة الكبيرة، يحتوى على غرفة للقراءة وأخرى للرسم وقاعة للتدريب وأخرى الموسيقى وغيرها للكمبيوتر، بالإضافة إلى غرفة الإدارة وصالة الاستقبال المحاطة بمكتبة .
بداية الرحلة
قبل ظهورها على الساحة الثقافية في قنا اختارت هاشم منطقة مغايرة في الاهتمامات، بخطوات جريئة وقوية منذ سنوات، ضد تهميش المرأة ورفض الاعتراف بقدرتها على ممارسة الحياة العامة، وهو ما شكَّل شخصيتها التي قد تراها أغلب النساء في مجتمعها الصعيد، مثيرة للجدل، والخروج عن المألوف.
منذ بدايتها بعد التخرج، ومن كتابة القصة والنشاط الثقافي بقصر ثقافة قنا، للعمل كصحفية بصفحة الآدب بجريدة “أخبار قنا” المحلية رغم تعيينها معلمة بإحدى مدارس قرية المحروسة المجاورة لمدينتها قنا، لكن لم يشبع طموحاتها وانطلاقها ورغبتها في الإصلاح على حد تعبيرها، فقررت الرحيل إلى قاهرة المعز.
هاشم من أسرة متوسط، مكونه من أربع بنات وأخ وحيد، متمسكة بعاداتها وتقاليدها شديدة الخصوصية، لم يكن قبول سفرها إلى القاهرة والاستقرار بها 3 أعوام سهل للحصول علي الماجستير، لكن وافقوا بعد إقناعهم وتوفير سكن لدى أحد الأقارب هناك، لتعمل في جريدة “أم الدنيا” بالقاهرة.
“كنت أتخيل إن الدنيا هي مدينة قنا، التي لم أخرج منها ودنيا الكتب التي كنت أغرق فيها” هكذا تتابع، فبعد 3 أعوام قررت الرجوع إلى قنا بين أسرتي، إذ لم أستطع الحصول على الماجستير ولا تحقيق الأهداف التي ذهبت من أجلها، كنت محملة بتجارب كثيرة تظل عالقة في ذهني، مثل اكتمال تشكيل شخصيتي والعثور على نموذج نسائي أصبح قدوتي مثل الدكتورة عواطف عبدالرحمن، أستاذ الإعلام بالقاهرة، والمخرجه السينمائية سعدة العربي.
ولن أنسي محادثة والدي وأنا في القطار يطلب مني العودة، لأن هناك أخبار تقول إن هناك تظاهرات كبري في التحرير “فرحت كثيرا وأكملت الرحلة”.
هنجيب اللي في القاهرة هنا
حين عدت اجتمعت بـ7 من رفاقي المثقفين واقترحنا جميعا إنشاء منبر ثقافي بمثابة ثورة ثقافية تنويرية “نعم ظل التساؤل يطاردني لماذا السفر إلى العاصمة؟ ما الذي افتقدته هنا لأفكر في السفر هناك؟ هنجيب اللي في القاهرة هنا، ظروفي لم تكن جيدة، فكلنا شباب ولا نملك شيئًا، قررت الاستماته من أجل مشروعي، نفذت عروضًا وورشًا فنية للأطفال والكبار في التمثيل والموسيقى من غرفة استأجرتها في شركة صديقي، ثم اقترضت على وظيفتي كمعلمة من النبوك يسدد على سنوات، فضلا عن بيع بعض مقتنياتي الشخصية، إلى أن استأجرت مبنى تنويرة وهو “جراج” وطوب أحمر كونته واحدة واحدة ” كنت أعمل وبجانبي الصنايعية حتى أصبحت تنويرة تستقبل المثقفيين والفنانيين.
نفذنا عرضين حكي واستضفنا عروضًا أخرى، وأخيرًا عرض بنك الإسكندرية منحنا تكييفات مجانية، تحت بند الدور التنموي، اعترافا بدورنا وأصبح مولدي يوم بدأ العمل بها 20 نوفمبر 2014 .
تنويرة ثورة