المرسي أبوالعباس.. قبلة المريدين في الإسكندرية
يحظى ميدان حي المساجد بالإسكندرية الموجود به مسجد سيدي المرسي أبوالعباس، أو “الحي الصوفي” كما أطلق عليه بشهرة واسعة وذاكرة تاريخية كبيرة لدى أهالي حي الثغر، باعتباره أحد المعالم الأثرية التي تجذب الزوار والمريدين من كل أنحاء العالم، الذين يأتون لمشاهدة كيفية بناؤه والوقوف أمام طرازه المعماري الفريد.
في واجهة البحر
ساحة المساجد: هي عبارة عن منطقة مغلقة بالأسوار الحديدية تضم فقط الثلاثة مساجد، في الواجهة المقابلة للبحر تجد مبنى معماري مصمم على طراز المسجد الإسلامي ذو حجم ضخم هو مسجد سيدي المرسي أبوالعباس والذي بني عام 1775، حينما تتوقف أمامه يجذب عينك إليه لتبحث عن من الذي صمم هذا النموذج الإسلامي الفريد.
أيوجينيوفالزانيا وماريو روسي
أيوجينيوفالزانيا وماريو روسي، المعماريان الإيطاليان هما اللذان أشرفا على إعادة بنائه وترميمه بهذا الشكل عامي 1927 و1929، وجرى تصميمه من الأرابيسك والأعمدة الجرانيتية والأرض الرخامية، كما يضم ميدان المساجد مسجدين آخرين هما مسجد الإمام البوصيري والذي بنى عام 1274 هجرية و1858 ميلادية، والبوصيري من تلاميذ سيدي المرسي أبوالعباس، واشتهر بالشعر الصوفي في حب الله تعالى ومدح الرسول ومن قصائده نهج البردة، والمسجد الثاني ياقوت العرش، والذي بني في نفس العام.
الشيخ سعد عبدالخالق، إمام وخطيب مسجد سيدي المرسي أبي العباس، يشرح تاريخ أضخم مسجد بالثغر، ويقول إن أشهر المساجد بالإسكندرية هي التي تتركز في حي الجمرك، منوها بأن اسم سيدي المرسي أبوالعباس ليس اسمه الحقيقي، ولكن هو مجرد كنية تنسب لعلية القوم واسمه الحقيقي هو أحمد بن علي بن عمرو، وولد عام 616 هجرية في مدينه مرسيه في بلاد الأندلس “إسبانيا” حاليا، ولكنه من أصل عربي ينتمي إلى سيدنا سعد بن عباده الخزرجي.
ويكمل عبدالخالق أن والد المرسي كان يعمل بالتجارة ثم عزم والد ووالدته والمرسي وشقيقه محمد أن يستقلوا سفينة لآداء فريضة الحج ولم يحالفهم الحظ بالوصول إلي هناك، لأن السفينة غرقت على شواطئ تونس بمدينة بونا فمات والديه ونجى المرسي وشقيقه، ثم عمل الآخير بالتجارة، وتعلم المرسي القراءة والكتابة والحساب بدولة تونس وتتلمذ علي يد أبوالعباس والحسن الشاذلي، ثم حدث خلاف مع أبوالحسن وأحد القضاة في تونس فعزم أبوالحسن ومعه المرسي على الرحيل متجها إلى الإسكندريه وهناك تأثر المجتمع بأبوالحسن.
ويتابع الناس هناك عشقت علمه وقبل وفاته أعلن أبوالحسن في خطبة داخل مسجد العطارين أنه أقام أبوالعباس خليفة له في طريقته الصوفية، ثم عاش المرسي 43 عاما بالثغر ينشر العلم ويؤثر في الناس وتوفى في عام 686 هجرية.
ويعتبر ميدان المساجد مزارا للمسلمين وغير المسلمين للتبرك والصلاة والدعاء فيه، وتحفة معمارية أثرية عتيقة للأجانب ينبهرون بها حين يروها.
عندما يحل شهر رمضان يأتي في رأسك على الفور ميدان المساجد بحي المساجد أو الحي الصوفي كما أطلقوا عليه رواده، لأنه يجمع كل آل البيت الصوفي، بسبب الجو الرمضاني الروحاني الذي يتوافد من أجله الآلاف من الزائرين يوميا لقضاء يوما في رحابه يتناولون النفحات والإفطار الرمضاني ليلحقون بحلقات الذكر لغسل الروح، حسبما قال عدد من الصوفيين.
طقوس رمضان في الحي الصوفي
ويقول الحج علي عبدالله، من رواد ميدان المساجد، إنه يأتي في شهر رمضان خصيصا كل عام لحضور حلقات من العلم ومجالس الذكر وموائد الطعام وإعطاء المساعدات للفقراء وإرسال المصاحف للمساجد، من أجل الحصول على البركة والغفران من الله و أهل بيته.
أما الحاجة خميسة محمد، وهي إحدى رواد الميدان، تقول إنها تأتي يوميا خلال شهر رمضان لزيارة ضريح سيدي المرسي وإقامة الصلاة، لأنها تشعر بالراحة عند جلوسها بالمكان والطواف حول ضريحه، متبركة بالميدان المبروك.
وتضيف خميسة أنها عندما تشعر بالهم والحزن تأتي إلى سيدنا المرسي وتشكي همها له فتجده فرج عنها الحزن والغم والحيرة، وتحضر حلقات الذكر.
أما السيدة نعمة عبدالغفور، التي ظلت واقفة حال زيارتها لميدان المساجد تتأمل متصوفة في حب الله الشيء الروحاني الذي يربط روحها بهذا المكان المقدس، مما يجعل عيناها تدمع فقط من جراء الجو الروحاني الذي تعشقه وتأتي إلى تلك المكان في شهر رمضان من كل عام.
وتقول نعمة إنها تأتي سنويا من محافظة سوهاج لتقيم في الإسكندرية وبالأخص في حي بحري كل عام لأنها تشعر وكأن هاتف يأتي داخل نفسها ويريدها أن تذهب لزيارة سيدنا المرسي أبوالعباس، مشيرة إلى أنها تعيش طول شهر رمضان ما بين الصلوات والتراويح داخل المسجد فقط وتفرغ أوقاتها كلها لعبادة الله فقط كي تغذي روحها استعدادا لباقي العام.
2 تعليقات