بعد رحيله.. كيف سبق فتحي الطاهر قرار السادات بتأسيس مدينة أبو سمبل؟

لم يكن إنقاذ معبد أبو سمبل من الغرق بنهاية عام 1968، إلا مقدمة لإنشاء مدينة أبو سمبل في أقصى بقعة في جنوب مصر، غير أن القرار السياسي الذي أصدره الرئيس السادات بإنشاء المدينة في عام 1970، سبقه قرار شعبي اتخذه بعض المواطنين الذي تعلقوا بالمعبد وقرروا أن الاستقرار حوله ليكونوا بذلك أول لبنة في المدينة حتى قبل أن يصدر قرار رسمي بإنشائها.
ومن ضمن هؤلاء الذين عشقوا المدينة الشاب فتحي الطاهرة، الذي بدأ حياته بالعمل في مشروع السد العالي بأسوان، وعقب انتهاء مشروع إنقاذ المعبد من الغرق، وبناء على دعوة زملائه توجه إلى المعبد لتبدأ حكاية عشق وعطاء بلا حدود بينه وبين أبو سمبل استمرت لمدة 48 عاما كاملة.
6 أكتوبر المكان والوفاة

كان هدوء المكان وجماله هو الذي دفع “فتحي الطاهر” ابن مركز أرمنت بمحافظة الأقصر، للاستقرار بجوار المعبد هو وأسرته، علي الرغم من النقص الحاد في الخدمات الذي كان يعاني منه المكان، لاسيما قبل تحوله إلى مدينة، ولكنه استمد من عزيمته وحبه لهذا المكان معولا للتعمير والعطاء، لدرجة أن رحيله قبل أيام في 6 أكتوبر 2018، جاء متوافقا مع الحي الذي أقام به في المدينة طوال عمر وهو حي السادس من أكتوبر.

عندما زار فتحي الطاهر أبوسمبل في شهر يوليو من عام 1970، للمرة الأولى، أعجبه هدوء المكان، الذي رأى أنه ليس له مثيل في أي بقعة أخري من أرض مصر، فالتحق بالعمل بوظيفة فني كهرباء بهيئة الآثار، وكان أهالي أبو سمبل في ذلك الوقت أشبه بعائلة واحدة يتكاتفون سويا لمواجهة أي صعوبات أو أزمات تواجههم في هذه المنطقة النائية في أقصي جنوب مصر، ومن أبرز المشكلات ندرة السلع التموينية التي كانت تأتي إليهم مرة واحدة أسبوعية بالباخرة من مدينة أسوان، نظرا لعدم وجود أي طريق بري أو مطار يربطهم بالعالم الخارجي في ذلك الوقت.
السادات وأبو سمبل
وعقب إحدى زيارات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وبرفقته شاه إيران، معبد أبو سمبل، أعجب الرئيس الراحل بالمنطقة فأصدر القرار الجمهوري رقم 267 لسنة 1976 بإنشاء مدينة أبو سمبل لتصبح تابعة للحكم المحلي بدلا من هيئة الآثار، وبعدها مباشرة تم إنشاء أول مجلس محلي شعبي لمدينة أبوسمبل في العام نفسه، ليصبح فتحي الطاهر أول رئيسا لهذا المجلس، نظرا لأنه كان محبوبا من الجميع وكان الأهالي يرونه أكثرهم نشاطا وحماسا وجدية في تقديم الخدمات للجميع، حتى أن زملائه رشحوه لإلقاء كلمة نيابة عنهم أمام الرئيس جمال عبدالناصر اثناء إحدي زياراته للسد.

وساهم “الطاهر” في جذب أعداد كبيرة من النوبيين للإقامة في مدينة أبو سمبل، عقب إنشاء طريق أبو سمبل البري عام 1985، كما نظم زيارات عديدة إلى مركز نصر النوبة في أسوان، برفقة أعضاء المجلس المحلي لمدينة أبو سمبل، من أجل دعوة النوبيين للعودة إلي أبو سمبل باعتبارها نموذجا فريدا للنوبة القديمة، ونجحت جهوده هو وزملاءه في جذب أعداد كبيرة من النوبيين لكي يقيمون في مدينة أبو سمبل، وكان له دور ملموسا في نجاح الفكرة التي طرحها عدد من الشباب النوبي بتنظيم احتفالية لتعامد أشعة الشمس علي وجه رمسيس الثاني مرتين سنويا، التي تم البدء في تنظيمها منذ فبراير عام 1986 وحتي الآن.
كما عاصر فتحي الطاهر كل معالم مدينة أبو سمبل السياحية وشارك في إنشائها طوال ما يقرب من 50 عاما تقريبا وساهم في حل جميع الأزمات التي تعرضت لها أبو سمبل طوال تلك الفترة بحنكته السياسية وجهوده القوية، وظل في العمل السياسي والعام منذ تاريخ نشاة المدينة حتي ثورة 25 يناير، وأصبح بعدها رئيسا للجنة الحكماء في مدينة أبو سمبل عقب اعتزاله العمل السياسي.
======
مراجع
المعلومات في التقرير نقلا عن محمد المهدي، مرشد سياحي، رئيس المجلس المحلي لمدينة أبو سمبل سابقا.
مشاركة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر