عرضته «بانوراما الفيلم».. «I'm not your negro» يكشف حقيقة الديمقراطية الأمريكية
في قاعة سينما زاوية بوسط البلد، يأخذك فيلم “I’m not your negro” – المعروض في إطار بانوراما الفيلم الأوروبي في دورتها العاشرة – في رحلة قصيرة عبر تاريخ اضطهاد أصحاب البشرة البيضاء “للزنوج” في الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال كشف الحقيقة العارية لما تدعيه السلطة من حرية وديمقراطية.
تذكر هذا المنزل
يأتي فيلم “I’m not your negro” ترجمة مصورة لما كتبه الكاتب الأمريكي صاحب البشرة السمراء جيمس بالدوين؛ من مذكرات بعنوان “تذكر هذا المنزل”، والتي لم تنشر لوقتنا هذا.
وعبر خمسة وتسعون دقيقة يأخذك المخرج راؤول بك، إلى فترة الستينيات في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ليجعلك شاهد على المآسي التي أصابت الزنوج على يد أصحاب البشرة البيضاء. فمن خلال مذكرات جيمس بالدوين؛ ينقل راؤول حالة من العنصرية تجاه الأفارقة الأمريكيون، فيبدأ الفيلم بمظاهرة علنية ينظمها “البيض” ضد دمج الطلاب والطالبات “البيض” و”السمر” في المدارس الثانوية، مستخدمًا مشاهد حية من تلك المظاهرات، فيبدأ المشهد بموسيقى تصويرية تختفي بالتدريج ليظهر في إثرها هتافات وتعليقات المتظاهرين منها؛ لن نذهب إلى مدرسة يرتادها الأفارقة الأمريكيون، إن الرب يغفر ويسامح ولكنه يغضب من الأشخاص المؤيدين للدمج.
وعلى عكس ما يثار حول الإصابة بالملل أثناء مشاهدة فيلم وثائقي؛ لعدم وجود ممثلين، إلا أن راؤول هرب من ذلك بالاعتماد على عدد من العناصر المشوقة؛ كالصور، ولقطات من مجموعة أفلام تناقش قضية العنصرية، وإعلانات مصورة أو تلفزيونية، إضافة إلى أجزاء من محاضرات جامعية ولقاءات تلفزيونية.
الغائبون الحاضرون
“I’m not your negro” يعرض لقضية العنصرية ضد الأفارقة الأمريكيون بالتركيز على حوادث مقتل ثلاثة من أبرز المدافعين عن الحقوق المدنية، رغم اختلاف توجهاتهم وأفكارهم وهم؛ مالكوم إكس، مدجر إيفرز، مارتن لوثر الإبن.
فيتذكر بالدوين ليلة مقتل كل منهم؛ فعند مقتل مارتن لوثر كينج كان في عشاء خاص بالعائلة لتمضية بقية السهرة معهم للتخفيف من أعباء الحياة، وما لبثوا أن بدأوا في طعامهم حتى فاجأهم تليفون يحمل خبر مقتل مارتن لوثر كينج، ليقول بالدوين في مذكراته: “لم أعرف كيف انقضت بقية الأمسية في تلك الليلة؟”
وبجانب هؤلاء الثلاثة يعرض الفيلم لعدد من الأبطال الأفارقة الأمريكيون الذين تصدوا للعنصرية منهم؛ بيل ميلر، والتي يعتبرها جيمس بالدوين ملهمته، والتي قتلت أيضًا قبل بلوغها سن الأربعين، إيمانًا منها بقضية أصحاب البشرة السمراء. في وسط الفيلم يعرض راؤول بك مقتطفات من محاضرات لجيمس بالدوين يقول فيها: “في بعض الوهم كثير من الحقيقة، والحقيقة المؤكدة أننا “الزنوج” جزء تاريخي من الأرض الأمريكية، ونحن نعيش في دولة بوليسية غير قادرة على مواجهة هذه الحقيقة المؤكدة. فيتشارك “البيض” و”الزنوج” هذه الأرض طيلة الـ”400″ الماضية، ورغم ذلك يظهر الاضطهاد العلني لأصحاب البشرة السمراء”.
للعنصرية أسباب متعددة
يسلط الفيلم الضوء على أسباب العنصرية ضد الأفارقة الأمريكيون من منظور الكاتب الأمريكي جيمس بالدوين، والتي تمثلت في؛ الفقر العاطفي لدى الشعب الأمريكي، الأمر الذي أصابه بحالة من الرعب والهلع، أودت به إلى كره الآخر، بجانب رغبة السلطة في إقامة دولة بوليسية يحارب كل من فيها الآخر؛ من أجل تمركز القوة في يد أصحاب السلطة دون غيرهم.
بلا زمان أو مكان
وعلى عكس الأفلام السينمائية، لم يحدد المخرج راؤول بك عام واحد فقط لأحداث فيلمه أو مكان معين، بل امتد الزمن منذ الأربعينات وحتى وقتنا الحالي، فيما كان المكان الولايات المتحدة الأمريكية بأكملها وليس ولاية معينة سواء شمالية أو جنوبية.
حاصد الجوائز
فيلم “I’m not your negro” إنتاج مشترك بين دول؛ بلجيكا، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، سويسرا، أنتج عام 2016، وحصد الفيلم العديد من الجوائز منها؛ جائزة بانوراما الجمهور للفيلم التسجيلي، كما رشح لجائزة تيدي لأفضل فيلم تسجيلي بمهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2017، إضافة إلى ترشيحه لجائزة أفضل فيلم تسجيلي طويل بمسابقة جوائز الأوسكار 2016، وحصل على جائزة نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم وثائقي بمهرجان الجونة السينمائي 2017.
تعليق واحد