آثار مطروح.. بين إهمال الدولة وجهل المواطنين بقيمتها
خبير: آثار المحافظة تعود للعصور الفرعونية والإغريقية والرومانية والإسلاميةمطالب بإنشاء متحف لتوثيق تاريخ المحافظة وربط الماضي بالحاضرمتحف روميل "الوحيد" مغلق منذ عام 2009 لدواع أمنية
كتبت: رنا صبري
تعد محافظة مطروح من أقدم المناطق التي يوجد بها آثا، وتعتبر البوابة الغربية لمصر، مثلها مثل شبة جزيرة سيناء المدخل الشرقي لمصر، ولكن المحافظة مظلومة بعض الشئ من حيث توثيق تاريخها سواء باهتمام ورعاية من جانب الدولة أو حتى ذكرها في كتب التاريخ، مع العلم أنها لا تقل أهمية عن أي محافظة أخرى، وعلى الرغم من اكتشاف العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى العصر الفرعوني والإغريقي والروماني والبطلمي ويصل عددها إلى ما يقرب من 6 آلاف قطعة مخزنة في مخزن هيئة الأثار، وبالرغم من فرص السياحة الواعدة في المستقبل القريب، إلا أن المحافظة وحتى هذه اللحظة لا يوجد بها متحف يوثق تاريخها القديم.
متحف قومي
وفي هذا الصدد التقى “مطروح لنا” مع محمد الشرقاوي، مدير عام متحف كهف روميل، الذي تحدث عن أهم المواصفات القياسية لإنشاء متحف قومي.
يقول الشرقاوي إنه لإنشاء المتحف يجب تخصيص مساحة مناسبة ويسهل الوصول إليها بالمواصلات العادية، بحيث يكون الموقع مناسب من الناحية الأمنية، فمثلا لا يطل على البحر مباشرة أو يكون بعيدا عن المدينة.
ويتابع “يلي ذلك وضع سيناريو عرض مناسب لفكرة المتحف، فمثلا عند إنشاء متحف قومي لمطروح سيتم من خلاله تناول مطروح عبر العصور القديمة وحتى العصر الحديث والمعاصر، لأن فكرة المتحف قائمة فى الأساس على ربط الماضي بالحاضر”.
ويضيف الشرقاوي أن المحافظة خصصت في عهد عبدالحميد الشحات من ذي قبل أرض حديقة كليوباترا، ولكن تم إلغاء التخصيص، بالإضافة إلى اقتراح عمل متحف بمكتبة مصر العامة على دورين، ولكن الأمر غير مجد، نظرا لكون المكتبة كمبنى لها شكل تراث جمالي فقط، كما أن أحد الأدوار سيتم تخصيصه كصالة عرض متخف، ولكنها أيضا غير مجدية نظرا لوجود قطع أثرية كبيرة الحجم لا تصلح إلا أن تكون فى حديقة متحفية.
وأوضح أنه لإنشاء متحف يجب أن يضم حديقة متحفية، والمتحف نفسه، وقاعات للنماذج، بالإضافة إلى ورش الصيانة، وقاعات الإدارة، بالإضافة إلى قطاعات خدمية لراحة الزائرين والزوار، بمعنى أن المكان سيكون مؤسسة تعليمية متكاملة.
تاريخ مطروح
ويضيف مدير عام متحف كهف روميل أن المتحف سيتناول المراحل والعصور التاريخية التي مرت بها المحافظة، وذلك بتناول القطع الأثرية المكتشفة بها في سيناريو العرض، ودعمها بقطع من المتاحف أو المخازن المتحفية بالمحافظات الأخرى، وذلك لأن بعض القطع الأثرية المكتشفة لا تصلح للعرض، فليس كل أثر يكتشف يصلح للعرض، فهناك قطع تكتشف مكسورة.
ويتابع “نحن سنقوم بعرض المكتشف في المتحف كفكرة ودعمها من المتاحف الأخرى من نفس العصر أو الحقبة التاريخية، وذلك لأن أصل الحضارات كان في القاهرة وصعيد مصر، ومحافظة مطروح كانت مجرد امتداد فقط للحضارة”.
آثار مجهولة
ويضيف الشرقاوي أن 90% من أبناء المحافظة لا يعلمون أن مطروح تحتوي على آثار من الأساس، فيوجد بمنطقة أم الرخم معبد رمسيس الثاني، الذي ينتمي إلى العصر الفرعوني، الذى شيد لحماية مصر من هجمات القبائل الليبية، وهناك شواهد على معاصرة مطروح للحضارة اليونانية والرومانية وأيام العصر البيزنطي، ويوجد معبد في منطقة القصابة، وكذلك عصر الفتوحات الإسلامية، والعصر الحديث، فمطروح كانت بمثابة بوابة مصر الغربية، وأي حاكم كان يهتم بتأمين حدود دولته من الشرق والغرب.
ويتابع مدير عام متحف كهف روميل أن مطروح كان يطلق عليها فى العصر الفرعوني “هيبتا” و”أرض الزيتون”، وفى عصر البطالمة أطلق عليها اسم “باراتينيمون” ويعنى المرسي و”سانت ريا”، وفى العصر الإسلامي سميت بإقليم “بركة”، وبعدها سميت بمطروح نسبة إلى أحد المجاهدين المسلمين، الذي يدعى رافع بن مطروح، وهذا ما سيتناوله المتحف، بالإضافة إلى تناول الحرب العالمية الثانية ومعركة وادى ماجد وغيرها من الوقائع التاريخية التي نشبت على أرضها.
أهمية المتحف
ويقول الشرقاوي إن أهمية المتحف ترجع إلى نشر الوعي الأثري والتربية الأثرية من خلال محاضرات يتم إلقاؤها في القاعات المخصصة لها بالمتحف والورش التي ستعلم الطلاب كيفية عمل نماذج مقلدة، فالمتحف يعد مؤسسة تعليمية متكاملة، فهو ليس مجرد مبنى فقط يحوي قطعا، لكن له دور تثقيفي، بالإضافة إلى تنشيط السياحة، وزيادة دخل المحافظة، وتوفير فرص عمل للشباب، كما أن الزائر سيتعرف على كل الملامح التاريخية للمحافظة من خلاله.
متحف كهف روميل
وأما عن متحف كهف روميل، فيقول مديره إنه عبارة عن كهف فى باطن الجبل يرجع للعصر اليوناني والرومانى، وتحديدا في عهد بطليموس الأول، وعندما بدأ بحكم مصر بدأ بإنشاء نقاط على طول الساحل الغربى لإمداد السفن وتسمى “جيتس”، وبعدها أصبحت نقطة لتجميع الغلال، ومنها إلى ملاذ للعديد من الرهبان والنساك المسيحيين في العهد البيزنطي، حتى الاعتراف بالمسيحية كديانة رسمية، وكانت تلك النتؤات في الجبال تسمى “القلاية”.
أما في العصر الحديث فكانت مطروح البوابة التي دخل منها الألمان بقيادة “فيلد مارشيال أروين جونس روميل”، خلال الحرب العالمية الثانية في نهاية عام 1941، الذي خاض العديد من المعارك، منها معركة “الكابيتون” التي كانت أول معركة بحرية لروميل، ثم حدثت معركة العلمين التي كانت الفاصلة وانسحب منها روميل وارتد إلى ليبيا ومنها إلى تونس ومنها إلى ألمانيا.
ويتابع “بدأت فكرة إنشاء متحف روميل عام 1977 لتحويل الكهف إلى مزار سياحى، وقام ابن روميل مانفليد بإهدائنا بعض المقتنيات الشخصية الخاصة بوالده مثل البالطو وبعض الصور الفوتوغرافية وصور الأشعة والخرائط الماستر، بالإضافة إلى بعض مخلفات الحرب من الدانات و الخوذ”.
دواع أمنية
ويضيف الشرقاوي أنه تم ضم المتحف إلى المجلس الأعلى للآثار على أساس تطويره بشكل شامل، ولكن أغلق نظرا لظروف البلد ولدواع أمنية بناء على توصيات من الدفاع المدني والحريق، لحين الانتهاء من أعمال الترميم والتطوير، وهذا في عام 2009.
وفي سياق متصل، تحتوي مكتبة مصر العامة بمدينة مرسي مطروح على متحف تراثي بمساحة 14* 6.5 متر ملحق به جزء “جاليري” مساحته 3.5 متر* 1.80 سم.
وتقول سحر صابر، مديرة عام المكتبة، إن المتحف عبارة عن متحف تراث عن مطروح وسيوة، ويضم ملابس بدوية وملابس للفلاح وخيمة وأدوات زراعية وإكسسورات العروس وبعض الأواني المستخدمة في المأكولات، بالإضافة إلى جزء من تصميم البيت السيوي، كما يحتوى على جاليري رسومات ولوحات من داخل المحافظة.
وتضيف أنه يحوي أيضا على بعض المقتنيات من التراث السيوى مثل الكالوش والمارجونة وبعض صناعات الخوص.
أهمية المتحف
وتتابع “المتحف يُعرف زائري ومرتادي المكتبة على تراث مطروح وسيوة على وجه الخصوص، ويوضح كيفية الصناعات اليدوية التي تقوم بها المرأة البدوية، وتفننها في استخدام بواقي الخامات من البيئة المحيطة بها واستغلالها فى صنع الخيمة”، موضحة أن الخيمة أبهرت كل مرتادي المكتبة من خارج المحافظة.
وتؤكد مديرة المكتبة أن المشغولات اليدوية مازالت تنال إعجاب العديد من الزائرين، وهي تحافظ على التراث والهوية البدوية، وتؤكد أن المرأة البدوية لا يستهان بقدرتها، كما تنادي بضرورة قيام الفتيات البدويات بالتردد على المكتبة لأن هناك أماكن متاحة ومخصصة لهن فقط.