صور| رحلة فنان تشكيلي مصري فشل في مصر ونجح بأمريكا
هذه حكاية متكررة. وفى مجالات عديدة، يفشل الشخص في مصر، ثم يسافر إلى أى مكان آخر ليحقق نجاحا مستحقا، ولم يكن متوقعا. الفنان المصري المقيم في أمريكا مدحت دميان.. هو صاحب هذه الحكاية هذه المرة.
فن بالفطرة
ولد الفنان التشكيلي مدحت دميان بمحافظة الإسكندرية، نشأ ودرس في أحيائها، وكان الرسم هو الهواية التي لم تفارق ذهنه خلال كل المراحل التعليمية، وبعد الانتهاء من امتحانات الثانوية العامة قرر تحويل الحلم إلى حقيقة من خلال الدراسة بكلية الفنون الجميلة.
الصدمة الأولى في حياته كانت رسوبه في اختبار القدرات للالتحاق بالكلية، “رغم إني كنت راسم بمنتهى الدقة والجمال” كما قال لـ «باب مصر»، وقرر إعادة الدراسة بالصف الثالث الثانوي أملا في الالتحاق مجددا باختبار كلية الفنون الجميلة.
الصدمة الثانية كانت رسوبه في الامتحان نفسه للعام التالي، الأمر الذي تسبب في صدمة نفسية وإحباط مستمر لازمه لعدة سنوات نظرا لاعتقاده أن ابتعاده عن الدراسة الأكاديمية لن يجعله فنانا محترفا. فالتحق بكلية التجارة، ورغم تخرجه من هذه الكلية إلا أنه لم يقرر العمل في هذا المجال.حب الألوان والرسم، وتحويل الأفكار إلى لوحات مرئية، حلم لم يفارق الفنان صاحب الـ43 عاما، لهذا قرر العمل في أي مجال متعلق بالرسم والألوان، وعمل في مجال رسم الجداريات، وتلوين الحوائط، وأعمال الديكور المنزلي، وحرص خلال هذه الفترة على تطوير مهاراته باستمرار.
الدراسة بالولايات المتحدة
حلم دراسة الفن الذي لم يتحقق في مصر، تحقق في مكان آخر، وبعد أكثر من 3 عقود بعروس البحر المتوسط، هاجر للحياة بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 2013، برفقة أسرته، لدراسة الفن بطريقة احترافية، مراهنا على تحقيق ذاته وطموحه.
لم تسر الحياة كما تمناها في نيويورك، وواجه صعابا كثيرة أبرزها صعوبة إثبات الذات حتى جاءت الفرصة وتقدم للدراسة في إحدى أكاديميات الفنون تسمى “School of visual arts” بمدينة مانهاتن بولاية نيويورك، وتعد واحدة من أعرق أكاديميات الفنون بالولايات المتحدة. يقول: “من حسن حظي لم يطلب مني امتحان قدرات، ولاقيت ترحابا واهتمام كبير بموهبتي”، واستمر بالدراسة حتى احترف رسم البورتريه والجداريات، ثم اتجه لهدف أسمى وهو نشر الفن المصري بأمريكا.
رسم المشاهير
حب الوطن لم يفارقه في الغربة، بين الحين والآخر يرسم لوحة بورتريه متقنة لأحد المشاهير المصريين، ومنهم الفنان محمد صبحي، وأيضا اللاعب المصري العالمي محمد صلاح بعد تتويجه ببطولة دوري أبطال أوروبا مع نادي ليفربول الإنجليزي ويقول : “حاولت إرسالها له لكن فشلت كل الطرق، وما زالت معي”، وكذلك لوحة أخرى للفنانة ياسمين صبري بعد زواجها ونالت إعجابها من خلال إعادة نشرها عبر حسابها بمواقع التواصل الاجتماعي.
لوحات مصرية بالكنائس
أصبح مدحت دميان سفير للفن المصري بالخارج بمجهوده الذاتي، بعدما اتجه من رسم بورتريه الأشخاص، للأيقونات القبطية المصرية ونشرها بالأكاديمية الأمريكية العريقة، “هسيب بصمتي هناك”، وبعد إنهاء دراسته قام برسم العديد من اللوحات الدينية بالكنائس الأمريكية.
حرص دميان على استقبال البابا تواضروس الثاني بهدية تليق به، بمناسبة زيارته الأولى لولاية نيويورك في سبتمبر عام 2018، ورسم له بورتريه شخصيا، وقدمه في حفل الترحيب ألذي أقيم من قبل أبناء الجالية المصرية بنيويورك.
استغرق رسم لوحة البابا شهرا كاملا وقدمها له خلال حفل الترحيب، الذي حضره مدحت برفقة أبناءه جورج ورافايل، ونالت إعجاب البابا واصطحبها معه إلى القاهرة، وقال عند رؤيتها: “دي أحسن من الأصل” كما قال مدحت دميان لـ «باب مصر».
الأيقونات القبطية
تختلف اللوحات الدينية القبطية في مصر عن غيرها، ويقول مدحت دميان إن اللوحات الدينية المتعارف عليها في مصر نوعان، الأول هو الفن القبطي وهو نوع من الفنون المصرية الأصيلة له طابع خاص بمصر لأنه مستوحى من الفن الفرعوني، ويهتم بالرمز في الرسم أكثر من الجمال الشكلي.
تعلم دميان هذا الفن في مصر حتى أتقنه على يد الفنان الكبير رؤوف رزق الله المتخصص في رسم هذا النوع، ومن مميزاته التطعيم بورق الذهب مما يعطي جمال وقيمة للأيقونة أو الجدارية القبطية.
أما النوع الثاني فهو الفن الطبيعي وتظهر فيه الشخصيات بشكل طبيعي قريب من البورتريه الشخصي، ويطلق عليه «الفن الإيطالي»، وأتقنه مدحت بعد دراسته لفن البورتريه في نيويورك، وكل نوع له الطريقة والألوان الخاصة به.
وتستغرق اللوحة الواحدة ذات المقاس المتوسط من 3 إلى أربعة أسابيع، أما الجداريات الكبيرة فتستغرق شهور على حسب الحجم والتفاصيل، وعادة لا يرسم من خياله، حيث يستعين بطريقتين إما رسم بورتريه لشخصية من صورة حقيقية له او عمل تصميم على الكمبيوتر أولا ثم يقوم برسمه.
أما رسم اللوحات الدينية القبطية على الأسقف يتم بإحدى الطريقتين، الأولى رسم الشخصيات على القماش المخصص للرسم في المرسم، ثم يتم لصقها بمواد خاصة على السقف وهي الطريقة الأسهل، أما الطريقة الثانية وهي الأصعب، تعتمد على الرسم الكامل على السقف من خلال «السقالات» وتستغرق وقت ومجهود كبير، ويقول مدحت أنه يتم استخدامها في حالة المساحات الكبيرة للأسقف والتي لا تناسبها فكرة الرسم على القماش لكبر مساحتها.