“اشرب هنيئًا صحة وعوافي”.. ماذا تعرف عن “سبيل الأمير” بنجع حمادي؟
على بعد خطوات من كورنيش النيل بمدينة نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، في منتصف الضلع الجنوبي لسور المجموعة المعمارية للأمير يوسف كمال، يقع “سبيل البرنس” الأثري، الذي أنشأه الأمير الراحل، كمنشأة خيرية، لسقي المارة.
السبيل الرخامي الأنيق، يقع في منتصف الضلع الجنوبي لسور المجموعة المعمارية للأمير يوسف كمال بنجع حمادي بتكوينه الفريد من الرخام الأبيض النفيس ورخام “السربنتين” الأخضر .
وصف السبيل الرخامي
يتكون “السبيل” الأثري، المسجل ضمن الآثار الإسلامية والقبطية، بمنطقة آثار نجع حمادي من قاعدة مربعة تكسوها ألواح الرخام الأبيض “الكرارة”، ويبلغ طول ضلع القاعدة 1.30م، وارتفاعها 60 سم، من مستوى الأرض، وترتفع القاعدة بعد ذلك بمقدار 22 سم، ويتوسطها من أعلى حوض “التسبيل” وهو حوض دائري .
أما القسم الأوسط من “السبيل” فيتكون من أربعة أعمدة أسطوانية من الرخام الأخضر “السربنتين”، بكل عمود منهما قاعدة مربعة من الرخام الأبيض، يتوسط كل ضلع منها “منطقة” من الرخام الأخضر، ذات حواف داخلية “مفصصة”.
والأركان العلوية لهذه القاعدة “مشطوفة”، يليها قاعدة “كأسية” الشكل من الرخام الأبيض، يعلوها “بدن” العمود، وهو أسطواني مسلوب من أعلى، مصنوع من الرخام الأخضر “السربنتين”، ويعلو “بدن” العمود تاج رخامي أبيض، من أربعة أوراق نباتية تشبه أوراق “الاكانتس”.
لماذا أنشئ “السبيل”؟
يروي عاطف قناوي، مفتش الآثار، مسؤول الوعي الأثري بمنطقة الآثار الإسلامية والقبطية بنجع حمادي، أن “سبيل البرنس” الأثري، نفذه الأمير الراحل، ضمن مشتملات مجموعته المعمارية، التى تضم قصر “الحرمليك” ومبنى “السلامليك” و”قاعة الطعام” و”مبنى ناظر الدائرة اليوسيفية” و”ضريح الشيخ عمران” والتى كان يتخذها مشتى له.
ويضيف أن الاهتمام ببناء “الأسبلة” عادة قديمة عند كل الملوك والأمراء منذ القدم، للتنافس في أفعال الخير وأخذ الثواب، وتيسير الحصول على “مياه الشرب”.
وبدوره أنشأ الأمير يوسف كمال، هذا السبيل، حتى أنه كان يملؤه بالماء المحلى بالسكر والعصائر في شهر رمضان.
رأس أسد مسروقة
ويحكي قناوي أن السبيل اليوسفي بنجع حمادي كان يحتوي على “رأس أسد” معدنية، تعمل كميذاب يخرج منه الماء، لكن ضعفاء النفوس سرقوها فى تسعينيات القرن الماضي.
قناوي يشير إلى أن كلمة “سبيل” تعنى أنها أُوقفت في سبيل الله للخير، من أجل توفير مياه الشرب للناس طوال العام.
تاريخ الأسبلة
ويذكر مفتش الآثار الإسلامية والقبطية، أن أول بناء للأسبلة كان في العصر المملوكي، في مطلع القرن السادس الهجري، وكان معظمها ينشأ امن قبل الأمراء والسلاطين وذويهم، باعتبارها أحد أوجه تحصيل الأجر والثواب، ثم انتقلت بعد ذلك إلى أغنياء المجتمع وصفوته.
ويوضح مسؤول الوعي الأثري أن كل سبيل يتميز بعمارتة الهندسية التي تعود إلى العصر الذى شيد فيه، بما يحيوية من أنماط هندسية مختلفة عن غيره.
ويلفت إلى أن واجهات “الأسبلة” كانت تزينها الآيات القرآنية، الدالة على الماء والشراب، مثل قوله تعالى “وسقاهم ربهم شرابًا طهورا”، وقوله “وجعلنا من الماء كل شيء حي”، بالإضافة إلى الأبيات الشعرية مثل “ياوارد الماء الزلال الصافي اشرب هنيئا صحة وعوافي”.
ويتابع: كان منشئ “السبيل” يشترط في الشخص المنوط به رعايته وتنظيفه، أن يكون رجلا نظيف الثياب، قوي البدن، بشوش الوجه، يعامل الناس بالحسنى، وكان يطلق عليه انذاك ” المزملاتي”، مشيرًا إلى أن دور السبيل كان يمتد قديمًا إلى التعليم، إذ كانت تلحق به “الكتاتيب”.
تعليق واحد