قصة اختفاء السكر في الأربعينيات.. استخدم الأهالي “الجلّاب” و”الملبّس” لتحلية الشاي
أزمة السكر التي حدثت مؤخرًا، أعادت ذكريات أزمة المماثلة، ضربت البلاد في فترة الحرب العالمية الثانية ما بين عام 1939 و1945، بعد توقف إنتاج مصانع السكر في ذلك الوقت بسبب ظروف الحرب وغارات قوات المحور على مصر.
في ذلك الوقت اضطر الأهالي إلى استخدام بدائل عن السكر، تنوعت ما بين العسل الأسود والجلاب والملبس.
صلاح حافظ، من مواليد 1934، يتذكر أنه حين بدأت الحرب وتعددت الغارات على مصر أغلقت مصانع السكر، ونفد مخزون السكر العادي، الذي كان أقل نقاءً من الحالي، إذ كان لونه يميل إلى اللون البني.
عم صلاح يتابع ضاحكًا: أكثر الأهالي في ذلك الوقت لجأوا إلى استبدال السكر بالعسل الأسود، الذي كان ينتج من عصارات قرية القناوية بنجع حمادي، وكان شائعا في ذلك الوقت تصنيع العسل في المنازل باستخدام عصارات القصب اليدوية.
يتذكر عم صلاح أن الأزمة السكر لم تفرق بين غني وفقير، ففي ذلك الوقت لم يستطع أحد شراء السكر، ولجأوا إلى الجلاب والعسل، بل كان بعضهم يلجأ إلى “الملبس” وهو عبارة عن حبات ذات شكل بلوري شفافة تشبه الزجاج شديدة الحلاوة، وكانت تباع العشرون قطعة منها بمليم، بطبيعة الحال كانت تتوافر هذه الحلويات مع ميسوري الحال، مثل العمد والمشايخ والأعيان، وكانت لا تظهر إلا للضيف الغريب.
كان الناس يتجمعون عند بعضهم بعضًا لشرب الشاي المُحلى بالعسل وأقماع السكر، وكان اسم الجلاب في ذلك الوقت “قمع العسل”، وسعره لا يتعدى مليمين.
بعد إنفراج الأزمة ظهرت أقماع السكر، التي كانت عبارة عن كتلة مخروطية الشكل صلبة، كانت تُكسّر باستخدام الهون النحاس، إلى أن ظهرت قطع السكر المكرر.
معروف عبد الجليل، معلم من مواليد 1936، يتذكر أن جده حكى له عن أزمة السكر أثناء الحرب العالمية الثانية، كان هناك بمصر مصنعين للسكر بنجع حمادي وأرمنت، وكان السكر ينتج خاما في شكل أقماع كبيرة تزن نحو كيلوجرام واحد، وبعد ذلك أصبح يخرج في شكل قوالب ومكعبات.
وفي فترة الستينيات عرف الأهالي السكر الخرز الخام، والسكر الناعم المكرر، وكان ينتجه مصنع الحوامدية، ويقول عبدالجليل، إن السكر في ذلك الوقت كان لونه قاتم لكن درجة حلاوته كانت مرتفعة، وكان يباع بالقرطاس، وزنه ما بين نصف الرطل إلى رطل.
تعليق واحد