في ذكرى الأبنودي.. رفاق يفتحون صندوق ذكرياتهم مع الأسطى حراجي القط
“قول يا عم جابر”، جملة ارتبط بها عشاق السيرة الهلالية من المحيط إلى الخليج، تعقبها ربابة وصوت الشاعر جابر أبوحسين.
غيّب الموت الشاعر، إلا أن إسهاماته في التراث الشعبي ظلت باقية لتشهد على استمرار رسائل الأسطى حراجي القط لزوجته، وهتاف الثوار بقصائدة، ودندنة أبناء الجنوب في السهراية.. “باب مصر” يفتح على شعراء ومثقفون قنائيون عاصروا الشاعر الجنوبي الراحل عبدالرحمن الأبنودي، في ذكرى رحيل الخال.
رفاق
يقول الشاعر محمد أبوالعبادي، إن الأبنودي كان حالة متفردة بين شعراء جيله ومن سبقوه لأنه كان متحدثًا بلسان حالهم مترجمًا مشاكلهم وهمومهم وأفراحهم في شكل صور شعرية بديعة.
وأشار أبوالعبادي إلى أنه كان أحد المحظوظين بمقابلة الأبنودي في أكثر من مناسبة كانت إحداها في مسرح قطر الوطني ونادي الجسرة الثقافي بدولة قطر، وأثناء تجمع أبناء الجالية المصرية لنتعرف على بعضنا عن قرب.
وتابع: ذهبت أنا وبعض الأصدقاء للقاء الخال، جلس معي واستمع مني إلى بعض الأبيات وهالني تواضعه الجم وأدبه المفرط، ولم أصدق نفسي وهو يشيد بي ويقدمني للجمهور وهو يقول “النهاردة هقدم لك شاعر متميز شبهنا”، وشجعني كثيرًا.
وكشف أحمد مهنا، زميل الأبنودي في المرحلة الثانوية، أن الراحل كان يمتاز بالحيوية والنشاط للدرجة التي جعلته يقود أول مظاهرة ضد العدوان الثلاثي في المدرسة الثانوية، التي أنشئت في قنا عام 1927، مضيفا أن زميله الراحل قدم استقالته من عمله ككاتب في محكمة قنا الابتدائية بعد رفضه الذهاب لحضور جلسة في محكمة دشنا الجزئية، حيث إنه لم تعجبه الوظيفة وقدم استقالته التي كتبها في 16 صفحة ومعظمها بالشعر.
تفاصيل
ويشير الشاعر عبدالفتاح عبدالشافي، إلى تفاصيل أخر أمسية شعرية جمعته بالخال، وكانت في فندق شيراتون الدوحة، وبعد تناولنا طعام العشاء وبدأ الأمسية طلب الجمهور من الخال قصيدة “يامنه” وبالفعل قام الخال بإلقائها على مسامعنا، وبعدها قال والدموع تملأ مقلتيه: “لعلمكم أنا كنت مقصر في حق عمتي يامنه”، لم ينتابه الخجل وكان شجاعا حتى في التعبير عن تقصيره.
ويلفت عبدالشافي إلى أن الشاعر أثر على فكر وعقل وسلوك أهالي الصعيد على وجه التحديد، حتى أن المعايير الثقافية عند أبطال السيرة الهلالية تتشابه وتتوافق إلى حد التطابق مع عادات الأهالي في الصعيد.
ويرى الحاج عدلي أبوالحمد، صاحب متجر شرائط كاسيت، أن الأبنودي وإن كان قد رحل عن عالمنا، لكن كلماته ستظل حاضرة في أذهان الأهالي الذين مازالوا يحتفظون بشريط الكاسيت، رغم تطور العصر وظهور الأقراص الصلبة التي تحمل الملفات الصوتية والمرئية، إلا أن المئات مازالوا يحتفظون بشرائط السيرة الهلالية حبا في الشاعر الجنوبي الطيب.
ويعتقد أبوالحمد، أن الأبنودي استطاع أن يشكل “دويتو” رائع مع الشاعر الكبير العم جابر، استطاع من خلاله أن يحافظ على تراث السيرة الهلالية التي قدمها الشاعر من خلال 52 شريط كاسيت بالإذاعة.
ولفت إلى أن هناك عشرات القصص النادرة التي لم تر النور وظلت حبيسة داخل بكرات شرائط الأمير القديمة التي كانت تسجل عليها الحفلات النادرة، والتي لم يسعف الوقت الأبنودي في تدوينها ضمن تراث السيرة مثل، قصص الوحش برطوم، ومجاجة، ومخيمر، وغزالة زيدان، وغيرها من الحفلات النادرة.
خطابات
يؤكد الحاج جمال نصاري، أحد أصدقاء الأبنودي المقربين بقرية أبنود، أن الخطابات التي كان يرسلها الأبنودي له صمم على أن يتسلمها قبيل موته لتبقي بعض أشيائه الثمينة لدى صديقه الذي يحتفظ بالكثير من أسراره، والتي جعلت الأبنودي ذاته يقول له في أحد خطاباته “أنت يا جمال نعمة الله لي”.
ويضيف صديق الشاعر أن القصائد التي كتبها الأبنودي بخط يده بعضها لم ينشر، لافتا إلى أن هناك قصائدًا كان يرسلها له من الإسماعيلية بالبريد ليقوم هو بإبداء الرأي فيها، مشيرا إلى أن الأبنودي كان يمتاز بالحيوية والنشاط ما جعله لا يكف عن اكتشاف الكثير من الشخصيات ويقوم بالكتابة عنهم بحس إنساني وشاعري راقٍ.
2 تعليقات