لأول مرة السيرة الهلالية أون لاين.. كيف حارب الفن الشعبي كورونا؟
هل تسببت جائحة “كورونا” في التأثير على انتشار التراث الشعبي في صعيد مصر؟، ربما كانت الإجابة نعم.
ولكن هل منع الفيروس أهالي الصعيد من الاستماع والاستمتاع بمشاهدة وممارسة هوايتهم المفضلة من المدائح والتراث والفنون الشعبية؟، اللافت والمثير أن الإجابة هنا ستكون لا، كيف حدث ذلك وماذا فعل بعض شعراء السيرة للوصول لمحبيهم في ظل الإجراءات الاحترازية التي فرضتها الدولة.
سيرة أون لاين
لجأ العديد من الفنانين والمداحين وشعراء السيرة الهلالية إلى تسجيل الحفلات من المنزل وبثها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والبث المرئي والمسموع، هكذا فعل الفنان الشعبي الريس القط عبدالله، ابن قرية المراشدة التابعة لمحافظة قنا.
يقول القط، إن عدم خرق حظر التجوال والعمل على عدم الاختلاط دفعه إلى أن يقوم برفع حفلات من المواويل الشعبية التي سجلها في حفلات قبل انتشار الفيروس في القرى والنجوع ولاقت نجاحًا كبيرًا على اليوتيوب، مشيرًا إلى أن هذا الأمر وجد ترحيبًا كبيرًا بين رواد الشبكات العنكبوتية وحقق نسب مشاهدات مرتفعة، جعلته يؤكد على استمرار بث الحفلات للجماهير حتى بعد انتهاء حالة حظر التجوال.
على نفس المنوال سار غالبية شعراء السيرة الهلالية الذين تعدت نسب مشاهدات فيديوهاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الآلاف، معوضين بذلك بث الحفلات الحية التي كانت تقام في الأفراح، هكذا فعل الشاعر عزت نصر الدين، الذي سجل فيديو عن الوباء العالمي استهله بكلمات: “إحنا الشعب المصري، إحنا الفراعين، اسألوا الحضارة من آلاف السنين، هنعدي وندوس ونقضي على الفيروس، خليك في بيتك، سيبك من الفلوس، الموضوع ده جد بلاش من التهريج، هندوس على كورونا مدام الإيد في الإيد”، محققًا نسب مشاهدات كبيرة.
يكفينا شر كورونا
“أنا جاي فرحان بغني وانتوا هتفكرونا، وعندي الفقير زي غني، ويكفينا شر الكورونا، وتعبنا والنفس طمت ضاقت علينا الخلايق، وغرقنا في بحر طمت، من أفعال الخلايق”، بهذا المربع داعب شاعر السيرة الهلالية، محمد عزت نصر الدين، جمهوره أثناء إحياء حفل زفاف أقيم بمحافظة قنا – قبل فرض حظر التجوال- بعدة أيام.
ووجه نصر الدين من خلال “باب مصر” رسالة إلى الأهالي، بضرورة توخي الحرص وإتباع التدابير اللازمة لحصر الفيروس من خلال المكوث في المنزل وتجنب الاختلاط والأماكن المزدحمة، مشيرًا إلى أنه سيقوم تباعًا ببث فيديوهات السيرة الهلالية والفن الشعبي عبر صفحته الرسمية على فيسبوك ويوتيوب كمساهمة في التسلية عن الجمهور خلال فترة حظر التجوال.
شاهد الفيديو من هنا
مدائح
اختلف الأمر نسبيًا في حفلات المدائح النبوية والابتهالات لكونها شريك رئيسي في مظاهر الاحتفال بموالد الأولياء والصالحين، التي تنشط غالبيتها في جنوب مصر، بسبب تعليق جميع الاحتفالات التي كانت تقام خلال هذه الفترة، مثل مولدي القطب القنائي سيدي عبدالرحيم، والعارف بالله الشيخ أبوالحجاج الأقصري، والتي كان يقصدها ملايين الزوار من شتى بقاع الجمهورية وخارجها، للحد من تفشي “كوفيد 19″.
فوجدنا أن الشيخ أمين الدشناوي، الملقب بـ”ريحانة المداحين” لجأ إلى الدعاء والابتهال لله والأولياء الصالحين في إحدى حفلاته، وهي التي تم تسجيلها قبل فرض حالة حظر التجوال خلال الاحتفال بمولد سيدي أبو عمرة بمدينة جرجا في سوهاج.
وأنشد ريحانة المداحين خلال الحفل الذي يتم تداوله بشكل واسع على المنتديات وصفحات التواصل الاجتماعي ومواقع اليوتيوب : “يا عوازل عللونا هما الأطباء من أي كورونا، ويقصد -الأولياء الصالحين- قوم من أتاهم يشكو الكروب، أو من جاء يشكو من ضيق القلوب، إن سألوا يجابوا غفران الذنوب، ربي قد يجيبهم من قبل السؤال، أتينا رحابك يا شيخ الرجال، بساحتك في جرجا شدينا الرحال”.
شاهد الفيديو من هنا
الكروان محبوس
بينما اكتفت الصفحة الرسمية للشيخ ياسين التهامي، الملقب بـ”كروان المداحين”برفع برومو قصير على موقع “يوتيوب” التقطت مشاهده من عدة حفلات بموالد الأولياء والحفلات الخارجية، وهو الفيديو الذي تم رفعه أواخر ديسمبر الماضي، قبل أيام من إعلان اكتشاف فيروس “كورونا المستجد”، واحتجب كروان الصعيد عن الظهور بين جماهيره من المتصوفة وضيوف موالد الأولياء وهو الأمر الذي ربما يحدث للمرة الأولى مع ابن التهامي.
قصد محبي الاستماع لـ”كروان الصعيد” صفحة ابن قرية الحواتكة بمنفلوط إلى صفحته للاستماع وتحميل فيديوهات المداح التي سجلت نسب مشاهدات مرتفعة، تسلية لهم لحين الانتظار لعودة مشاهدة والاستماع للمداح بشكل مباشر في الحفلات الخارجية عقب إعلان انتهاء حالة الحظر والسيطرة على الفيروس.
المزمار يصمت
يرى الحاج محمد عبداللاه القوصي، عازف مزمار، أن مهنتهم من أكثر المهن تأثرًا بسبب توقف النشاط تمامًا عقب تعليق الاحتفالات بموالد الأولياء والحفلات والمناسبات المختلفة التي كانت تستدعي حضورنا لإحيائها.
لا يعرف الريس قوصي شيئًا عن الانترنت، هكذا قال ذلك مجيبًا على سؤال لماذا لم ترفع فيديوهات خاصة بكم على المواقع، مضيفًا: “أكل عيشنا في المولد والترحال من بلد للتانية، ومداعبة المزمار الذي يطرب على صوته الفارس فيجبر الحصان الذي يمتطي سرجه على الانصياع لكل حركاته وهمساته، ويجعل الفارس يحتضن منافسه في ود وأخوه حتى بعد الانتصار عليه في حلقة التحطيب.
اقرأ أيضًا
السيرة الهلالية في زمن “الكورونا”.. مواويل “القط” أون لاين و”عنتر” يطبق مقولة أبوزيد
قبل أيام من انتشار الجائحة.. تعرف على “فيديو الدشناوي” ضد كورونا
13 تعليقات