ذكريات قديمة عن الاحتفال بـ”المولد” في قوص
كتب- أحمد حسن مراد، أسماء الشرقاوي
هل الشذى والعطر
في كل وقت يفوح
نورك يا طه البدر
فينا يرد الروح
في ذكرى مولد النبي كانت قوص تحتضن المشايخ والعلماء والقراء، لإحياء ليال إيمانية، إلى جانب لاعبي التحطيب والمرماح.
رشاد عباس حسن، على المعاش، يذكر أن مدينة قوص كانت من أكثر المدن اهتماما بالمولد النبوي، فكان يحيي ليلة المولد كبار المقرئين مثل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمد صديق المنشاوي، في بداياتهما، بعدهما كانت قوص تستضيف الشيخ محمود صديق المنشاوي والشيخ الكلحي، الذي كان ينشد البردة والتواشيح، بالإضافة إلى قراء قوص المشايخ عبد الوهاب محمد، ومحمد الخواجة، ومحمد سليمان، تلامذة القارئ الكبير الشيخ كمال أنيس.
كانت ليالي المولد تحفَل بالمنشدين والمطربين الشعبيين، ويضيف حسن: أذكر أنني التقيت بالمنشد، أحمد البرين وعرضت عليه أبيات من قصيدة لي “موكب النور”، وفوجئت به ينشدها في نفس الليلة، على لحن “قمر له ليالي” الذي ألفت عليه الأمسية.
الاحتفال في المساجد
يتابع حسن: في ليلة 12 ربيع الأول من كل عام، يجتمع المصلون بالمسجد بعد صلاة العشاء حول الشيخ الجالس أرضًا، وأمامه كرسي خشب موضوع عليه كتاب عن المولد الشريف، يقرأ الشيخ فصلًا من الكتاب ويختتم بقوله “اللهم عطر قبره بالعطر والتحية واغفر لنا ذنوبنا والآثام”، ويرد الحاضرون: اللهم صل وسلم وبارك عليه، ثم توزع الحلويات والمخبوزات.
خارج المسجد
خارج المسجد تنتشر الزينات وتقام السرادقات في الأحياء والميادين مثل ميدان الجامع العمري والطواب.
يقول حسن حظيت بمعاصرة تلك الأيام الجميلة، فكنت أقف علي كرسي أمام دكة الشيخ صديق المنشاوي، وأقرأ بعض الأحاديث النبوية، ثم الإنشاد الذي كان يكتبه لي عمي، محمد حسن، وكانت هذه الاحتفالات تقام حتي مطلع الفجر.
الاحتفال في المنازل
في البيوت كانت تجهز أطباق الأرز باللبن والمهلبية وتوزع صباح يوم المولد ابتهاجا واحتفالا، وكنا نشتري الحلوى كالعروسة والحصان والحلوى الهريسة، التي كانت صناعة محلية.
التحطيب والمرماح
لعبة العصا أو التحطيب من الفنون الشهيرة التي كانت تقدم في مناسبات عديدة في موالد الأولياء والأعياد الدينية والأفراح وتتألق في المولد النبوي، فكانت تعد دكة يجلس عليها “الزمارون”، الذين يعزفون بلا توقف طيلة “الحلقة”.
المرماح يعتمد على تقديم مهارات قيادة الخيول والحركات المعجزة مثل ركوب الحصان أثناء عدوه، أو الوقوف فوق الحصان وهو يجري وترقيصه على نغمات المزمار.
كما كان المولد يحفل بعرض “التياتر”، وهو عرض فني من الأغاني والمنولوجات والمهارات، تؤديها الفرق التي تأتي خصيصا للمولد في قوص، لكن كل هذه المظاهر الاحتفالية اختفت في قوص ولم يعد غير حلوى المولد أو احتفال قرآني تقيمه بعض الأسر.
قديمًا كان الأهالي يجهزون أحد الجمال، ويضعون “هودج” كبير عليه، ليجوب الشوارع، وحوله الأطفال.
كما كان من مظاهر الاحتفال بالمولد أيضًا الزيارات الأسرية، وخاصة للسيدات المتزوجات حديثًا، فلا بد من إهدائها حلوى المولد.
تعليق واحد