قبل ألف عام.. مظاهر “عيد الحلل” في قنا

تصوير: مريم الرميحي

ساعات قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، الذي يعرف بـ”عيد الحلل” ويأتي تتويجًا للمسلمين بعد صوم شهر رمضان المعظم، ولعل لا يعرف الكثيرين أن مصر اشتهرت بخصوصية مظاهر احتفالاتها بشهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك، والذي يعتبره الكثيرون جائزة الصائمين، منذ مئات السنين.

قبل أكثر من ألف و50 عامًا، وفي العصر الفاطمي الممتد من عام 358-567هـ، و968-1171م في مصر، وتحديدًا في إقليم قنا، عرف عيد الفطر المبارك بعيد “الحلل” وذلك لتوزيع الكسوات على جميع موظفي الدولة كبيرهم وصغيرهم به، كما عرف أيضًا بالموسم الكبير، وذلك وفق ما ذكرت الدكتورة نورا عبدالعظيم في كتابها “تاريخ قنا في العصر الفاطمي”، وأيضا عن الدكنور عبدالمنعم سلطان في كتابه “الحياة الاجتماعية في العصر الفاطمي”، دراسة تاريخية وثائقية.

الاحتفالات بعيد الفطر أو "عيد الحلل"- تصوير: مريم الرميحي
الاحتفالات بعيد الفطر- تصوير: مريم الرميحي

 الاحتفالات بـ”عيد الحلل” في العصر الفاطمي بقنا

حرص إقليم قنا على الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى كسائر المصريين. فعيد الفطر والأضحى كما هو شأن المسلمين في سائر الأقطار الإسلامية في مقدمة الأعياد التي يحتفل بها أهالي قنا. فهما أهم أعياد المسلمين كما أقرت الشريعة الإسلامية وجاءت بها السنة. فعيد الفطر يأتي في أول شهر شوال من السنة الهجرية، بعد صيام شهر رمضان.

يأخذ عيد “الحلل” حينها مظهرًا اجتماعيًا خاصًا بين أهالي الإقليم. حيث جرت العادة أن بعض الناس في ليلة العيد يسهرون حتى الصباح، لتجهيز ملابسهم الجديدة. على حين يسهر آخرون من الأتقياء في الاستماع إلى القرآن الكريم والأذكار. ومع طلوع النهار يرتدوا أزهى ثيابهم، ويخرجوا لصلاة العيد في المساجد الجامعة في مواكب كبيرة، وهم يهللون ويكبرون “الله أكبر كبيرة.. والحمد لله كثيرا” حتى يصلوا للمسجد.

كما تضيف الدكتورة نورا في كتابها، أنه من أهم مظاهر الاحتفال بالعيدين أن الفلاح كان لا يذهب إلى حقله، بل يظل في القرية ليشارك أهله أفراحهم وكانت القرى تتزين نهارًا بالزينات المختلفة وتضاء ليلا بالأضواء، كما أن الناس كانوا يستمتعون بالندوات العلمية، وحلقات الذكر التى كانت تقام ليلا في مثل هذه المناسبات، كذلك كانت النساء تتزين بزينة زائدة.

الاحتفالات بعيد الفطر- تصوير: مريم الرميحي
الأطفال في العيد

تطور الاحتفالات بعيد الفطر 

تتبادل البيوت التهنئة بالعيد كما يتبادل أطباق الكعك، الذي كان تجهيزه يتم خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان. ولكن يبدو الآن أن بعض الناس صاروا يفضلون شراء الكعك جاهزًا. وتكون الوجبة الأولى لغالبية الناس من السمك المملح المشقوق أو المقلي.

ومن عادة الناس شراء الحلوى و”التمر” والفول السوداني، ويقدمونها هدية لأقاربهم وأصهارهم. ولاسيما إذا كانت المصاهرة جديدة أو إذا لم يكن العريس دخل بعروسه بعد. وفق الدكتور سعد محمد حسن الملط في أعياد مصر بين الماضي والحاضر.

وفي أيام العيد يخرج الناس لزيارة القبور، ويجتمعون في القرافة الجبانة” وهي من أشهر الأماكن للقاء الأهل والأقارب. وهناك يقرأ القرآن الكريم، أما الآن بعض الناس يتوجهون إلى شاطئ النيل، أو يستأجرون القوارب التي يتنزهون بها فوق سطح النهر، وهم يلهون ويطربون ومعهم نساؤهم وأطفالهم.

وأكد الدكتور سعد، أن هذه مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك منذ دخول الإسلام مصر. ومازلنا نحتفل به إلى يومنا هذا بنفس المظاهر والمراسم.

مشاركة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر