صور| “اعرف الله وكن حيث شئت”.. قصة الشيخ الشاذلي
كتب وتصوير – أبوالحسن عبدالستار
رغم مشقة السفر والمعاناة التي يتكبدونها، ما زال الآلاف يحرصون على زيارة ضريح الشيخ أبو الحسن الشاذلي، بجبل حميثرة بمدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر.
رحلة شاقة يقطعها الزوار إلى مكان الضريح بصحراء عيذاب جنوب شرق أسوان بنحو 200 كم ويبعد 150 كيلو مترا عن مدينة مرسى علم، أضف إليهم ظروف الإقامة الصعبة في منطقة صحراوية تفتقد إلى الخدمات الضرورية، ويقطنها نحو 5 آلاف من قبائل العبابدة التي تمتهن الرعي وهم القائمون على استضافة الزوار.
نسب القطب الصوفي
يقول الشيخ مصطفى أمين، إمام بالأوقاف، إن نسب القطب الصوفي الجليل سيدي أبو الحسن الشاذلي، ينتهى إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، وله نسب آخر من جهة أمه إلى سيدنا الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فهو شريف النسبين وواصل النسبتين.
ويضيف أمين، ولد الشيخ أبي الحسن الشاذلي في قرية تسمى “غمارة” وهي أقصى بلاد المغرب عام 593 من الهجرة، وتعلم بين أبوين كريمين علوم الشرع، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكر، وأتقن جميع العلوم الشرعية، ثم تتلمذ على يد شيخه الأكبر القطب عبدالسلام بن مشيش، ثم انتقل من بلاد المغرب إلى تونس، ثم عاد إلى المغرب وخرج إلى مصر ونزل في الإسكندرية، والتي كان بها سيدي أبي الفتح الواسطي تلميذ سيدي أحمد الرفاعي، ثم توفي الشيخ الواسطي في اليوم الثامن من مجيء الشيخ الشاذلي، فسأل تلاميذ الواسطي الشيخ الشاذلي، وقالوا له: “لقد توفى شيخنا”، فقال الشاذلي لهم: “إن الطاقية لا تسع رأسين” علامة على أن الوقت وقته والزمن زمنه وأن الدولة دولته وهذه سنة الله سبحانه وتعالى في الخلق أنه يأتي بقوم ويذهب بآخرين.
تابع الإمام: للشيخ الشاذلي مواقف عديدة فهو الذي وقف ضد الصليبين وجاهد بالقول وبالسيف وبالمال وبروحه وبعقله وحياته وكيانه في سبيل الله سبحانه وتعالى وكان سخي تقي كريم يعطي الفقراء.
ومن أقواله أنه قال: “اعرف الله وكن حيث شئت” وله من الأقوال “لو أن الأمة الإسلامية أخذت بها لأصبحنا في قمم الجبال من التقدم والرقي”، وقال رضى الله عنه :”حرام عليك أن تتصل بالمحبوب ويبقى لك في العالم مصحوب”، وشهد له العامة والخاصة بالولاية الكبرى، حتى قال هو عن نفسه وذلك من باب فأما بنعمة ربك فحدث: “لو غاب عني رسول الله طرفة عين ما عددت نفسي من الموحدين”.
وفاة القطب
يذكر إمام الأوقاف، أنه لما حانت وفاة القطب الجليل قال لتلميذه الشيخ أبي العباس المرسي “خذ معك فأسا وحنوطا وسوف نتجه إلى بلاد الحجاز”، وكان معهما سيدي ماضي أبو العزائم ولم يعط المرسى المغزى من هذا الطلب، فقال له: لما يا سيدي؟ فقال له: “في حميثرة سوف ترى”، وفي طريقه إلى بيت الله الحرام حانت الساعة وظل الشاذلي يوما وليلة على جبل حميثرة، ثم توفاه الله في هذه الأرض الطيبة المباركة لأنه سأل الله أن يقبضه في أرض لم يعصى الله فيها، واستجاب الله له وتوفي عام 656 من الهجرة النبوية وبني له هذا الضريح.
رحلة الذهاب
يؤكد إبراهيم برعي، أحد المريدين، أنه يحرص كل عام على زيارة ضريح الشيخ أبي الحسن الشاذلي فهو المكان الوحيد الذي يشعر فيه بالصفاء والنقاء الروحي.
ويوضح أن طقوس الرحلة إلى جبل حميثرة لها ترتيبات خاصة، أولها في وسيلة المواصلات التي لابد أن تكون سيارة نقل ضخمة تتناسب مع طول المسافة ووعرة المنطقة الجبلية وتجهز بكل وسائل الإعاشة من مياه شرب، وطعام، وأغطية، ووسائل ترفيه، تعين عدد الأسر التي تتشارك في تحمل كلفة الرحلة وأعبائها المادية، ونبدأ في التجهيز للرحلة قبلها بنحو شهرين، حيث نقوم بتجميع المبلغ المطلوب للسفر والإقامة والطعام والشراب، ثم نسافر إلى سيدي أبي الحسن الشاذلي، حيث يستغرق السفر نحو 6 ساعات من الأقصر.
يضيف برعي، عندما نصل نقوم باستئجار مكان للإقامة، وهناك توجد العديد من الساحات الكبيرة التي يتم استئجارها للزوار وهي مجهزة بكافة الاحتياجات التي نحتاجها للمعيشة، ونحضر معنا مياه تكفي لنحو 50 فردا لمدة أربعة أيام وطعام بشكل كافي.
وبعد الوصول نستريح قليلا ثم نذهب للمسجد والضريح ونزور ونتبرك بصاحب المقام ثم نقوم بالمديح والصلاة على النبي يوميا.
يذكر برعي أن طبيعة المكان الساحرة والجو المعتدل فضلا عن الصفاء والنقاء والهدوء، كلها أسباب تجعلك تنسى كل المشقة التي تكلفتها للذهاب إلى هذا المكان، يكفي فقط أن تعتلي جبل حميثرة وتنظر للطبيعة الجميلة الساحرة عندها ستنسى كل همومك وأحزانك.
تعليق واحد