فيديو وصور| يصل عمرها لـ100 عام.. “الزيتون” شجرة مباركة منذ القدم في الفيوم
كانت الفيوم وما زالت “حديقة مصر”، كما قال عنها جمال حمدان، فهي مدينة كبيرة ذات بساتين وأشجار وفواكه وغلات، كما وصفها الإدريسي، وتعد من المحافظات التي اشتهرت بزراعة الزيتون منذ آلاف السنين، تلك الشجرة المعمرة، التي عرف أهالي الفيوم زراعتها مبكرًا، وتتميز بأنها دائمة الخضرة، وذات فوائد اقتصادية وبيئية، إضافة إلى أن الزيتون ثمرة غذاء كامل، وقد ورد ذكر شجرة الزيتون في الديانات الإبراهيمية الثلاثة، لذا تحظى تلك الشجرة بقدسية خاصة في تلك الديانات.
تطور زراعة الزيتون في الفيوم
اهتم العديد من الملوك الفراعنة، وتحديدًا منذ العصر الحجري الحديث في مصر الوسطى بزراعة الزيتون، ومن بين هؤلاء الملوك رمسيس الثاني، وتعد الحضارة الفرعونية من أولى الحضارات التي استخدمت آلات شبه ميكانيكية لاستخراج زيت الزيتون، ثم توسعت زراعة الزيتون كثيرًا في عصر البطالمة، وأصدر بطليموس الثاني قانونًا ينظم عملية زراعة الزيتون لاستخراج الزيت منه، وكان هناك موظفين بالإدارة المحلية يقومون بالإشراف على تلك العملية، وتعتبر معاصر الزيتون التي اكتشفت بمدينة كرانيس الرومانية في منطقة كوم أوشيم بالفيوم، دليلا قويا على تطور زراعة الزيتون في الفيوم.
أتي العرب من الجزيرة العربية فوجدوا مدن مصر عامرة بالخيرات، وكان إقليم الفيوم، حديقة غناء بها كل أنواع الفاكهة والأشجار المثمرة وخاصة الزيتون، فأولوا هذا المحصول الكثير من الاهتمام، كما اهتم المماليك بالجسور والخلجان والترع وزراعة المحاصيل المتنوعة، وفي عام 1805 وبعد تولي محمد على الحكم قام باستيراد أصناف جديدة من الزيتون تمت زراعتها في الفيوم، كما استقدم محمد على بعض الماهرين في زراعة الزيتون في أوروبا لتعليم البعض من أهالي الفيوم الطرق الصحيحة لاستخلاص زيت الزيتون.
إحصائيات هامة
في دراسة بعنوان “دراسة اقتصادية لتصنيع وتسويق الزيتون في محافظة الفيوم” تقول الدكتورة هدى عبدالحليم مشرف، تعتبر الفيوم إحدى المحافظات ذات الطبيعة الفريدة في مصر، حيث تعتبر واحة كبيرة، ولها شهرة تاريخية عريقة في الخضر والفاكهة على الأخص، وتضيف أن محافظة الفيوم تحتل المرتبة الثانية بعد محافظة الجيزة من حيث إجمالي مساحة محاصيل الفاكهة المزروعة في الوجه القبلي، وتتصدر شجرة الزيتون الصدارة من حيث الأهمية النسبية الزراعية فقد بلغت المساحة المزروعة بالزيتون ١٥٣٨٥ فدانا، تمثل 48.6% من إجمالي المساحة المزروعة بالفاكهة في المحافظة، وتحتل الفيوم المكانة الثالثة على مستوى محافظات مصر من حيث المساحة المزروعة بالزيتون حيث تمثل ١٤% من إجمالي المساحة المزروعة بالزيتون في مصر.
وتردف مشرف، أن حوالي 30% من هذه المساحة زرعت داخل الزمام أي في القرى والأراضي الزراعية الداخلية للمحافظة، بينما الـ70% الباقية من المساحة زرعت خارج الزمام في أراضي الاستصلاح الزراعي الجديدة، حيث إن شجرة الزيتون من أنسب أنواع الفاكهة التي يمكن زراعتها في أراضي الاستصلاح الجديدة، التي تتحمل ارتفاع نسبة الأملاح والجفاف.
وتشرح مشرف في دراستها، أن إنتاج الزيتون في الفيوم يأتي بنسبة تشكل نحو 12.9% من متوسط إجمالي إنتاج الجمهورية، وذلك كمتوسط للفترة من (2008- 2013)، وعلى الرغم من الزيادة فى الكمية المنتجة من الزيتون، إلا أن نسبة محدودة للغاية من تلك الكميات يتم توجيهها لتصنيع الزيت (حوالى 10% فقط)، في حين يتم توجيه الكمية الباقية إلى عملية التخليل.
اتجهنا للزراعة في الصحراء
يتوافق رأي معوض مع الإحصائيات السابق ذكرها، فيقول، إن زراعة أشجار الزيتون في الأراضي القديمة داخل الفيوم قل بصورة ملحوظة، ويرجع السبب إلى مهاجمة الآفات والإصابات وعدم إتباع الطرق والإرشادات الزراعية أثناء الزراعة وبعد نمو الأشجار.
ويشير معوض، إلى أن تفتيت الحيازات الزراعية ساهم بشكل كبير في عدم وجود مساحات كبيرة من محصول معين، وهذا ساهم في عدم وجود مساحات كبيرة مزوعة بأشجارالزيتون، ولأن الزيتون شجرة ذات عائد اقتصادي جيد، اتجه العديد من فلاحي الفيوم والمستثمرين في المجال الزراعي في السنوات الأخيرة إلى الخروج من الحيز الضيق إلى الجبال الصحراء التي تم استصلاحها، وتمت زراعة الزيتون في تلك الأراضي التي تقع خارج زمام الرقعة الزراعية التقليدية للفيوم، إضافة إلى أن الإنتاجية تكون أعلى لانعدام وجود الآفات أو الإصابات.
الزيتون شجرة معمرة
عبدالعال أحمد عبدالعال، مزارع ومتخصص في تطعيم شجر الموالح – التطعيم عبارة عن تغيير الصنف الذي تنتجه الشجرة -، يقول: “أعمل في الزراعة وأعمال الفلاحة من صغري، والآن أنا متخصص في تطعيم الأشجار”، وتعلمت التطعيم منذ سنوات على أيدي مهندسي الزراعة فقد كان شيء جديد أن تطرح شجرة ثمار مختلفة، فهناك تطعيم لشجر المشمش على سبيل المثال فينتج خوخ أو برقوق، أما الزيتون فيتم إدخال أصناف متنوعة على الشجر الأساسي، حيث يمكن من خلال شجرة زيتون واحدة أن تنتج أكثر من صنف مختلف للزيتون غير نوعها الأساسي، فهناك أصناف تتماشى مع التربة والجو الصحراوي أكثر من غيرها.
ويضيف عبدالعال، أن شجر الزيتون في الأرض القديمة داخل القرى يمكن أن يصل عمر الشجرة إلى 100 سنة، أما عمر شجر الزيتون في الأرض الجديدة أو أرض الجبل فلا تستمر سوى ما يقرب من 20 عاما فقط.
ويكمل عبدالعال، من أهم أصناف الزيتون التي توجد منذ القدم في الفيوم “التفاحي والعجيزي والقبرصي والبلدي الفيومي”، ويعد النوع العجيزى من أفضل الأنواع التي يتم زراعتها لتحمله العطش، والآن تم إدخال أصناف جديدة مثل الكلاماتا.