فيديو وصور| “اليوم العالمي للتراث” في حضرة شارع المعز
تصوير: أميرة محمد
هنا في شارع المعز، وتحت عنوان واحد “مهرجان التراث المصري الأفريقي”، تجمعت أسماء مختلفة لمحافظات مصر كالنوبة، بورسعيد، الإسكندرية، الشرقية، القاهرة.. وغيرها، لتمثل كل منهما تراثها المحلي من خلال حرفيين مهرة، ينتظرون المهرجان من العام للعام ليس فقط لعرض منتجاتهم بل لأنهم جزء من هذه التراث الذي يُحتفي به.
ومن هذا المنطلق نظم متحف النسيج المصري بشارع المعز “مهرجان التراث المصري” الخميس الماضي، في دورته الثالثة بالتعاون مع الإدارة العامة للحفاظ على التراث بمحافظة القاهرة.
من الساعة العاشرة صباحًا، تجمع الحرفيين بجوار بعضهم كل منهم على منضدة مرصوص بها المنتجات اليدوية من صنع أيديهم، والتي تتنوع ما بين منتجات منزلية، ورسومات فرعونية، وإسلامية، وجلدية كتلك التى تصنعها السيدة ابتسام.
السيدة المبتسمة
ابتسام “ست بمية راجل”، رفضت أن تمد يدها إلى أحد بعد وفاة زوجها منذ أكثر من 7 سنوات، لتقرر أن تعتمد على نفسها فى صناعة حرفة توفر لها حياة كريمة لها ولأولادها.
“الشغل اليدوي متعة وبيخلق سعادة وإحساس بالنجاح”، بجوار لافتة النوبة تقف امرأة بسيطة الملبس بشوشة الوجه، تنظر إلى منتجاتها الجلدية التى تشارك بها فى المهرجان بكل حب وفخر لأنها من صنع يدها، لتحدثني ابتسام زين العابدين، أرملة لولد وبنت، عن مجهودها في صنع هذه المنتجات وتقول: أعمل في الحرفة منذ 7 سنوات، ففي البداية كنت أصنع الكروشية لأنني تعلمته من المعهد، ولكن بعد وفاة زوجي التحقت بجمعية “المضيق” النوبية، ومقرها فى عابدين، لتعلمني حرفة صناعة المنتجات من الجلد.
وعن مشاركتها فى المهرجان، تشير زين إلى أنها المرة الأولي التي تشارك فيها بالمعرض، عن طريقة الجمعية وهو الذي ساعدها فى التعرف على حرفيين جدد من محافظات أخرى، بالإضافة إلى ظهور منتجاتها بشكل أكبر.
على السمسمية
“على السمسمية اسمع يا سيدي.. ألحان شجية..من بورسعيدي”، عبده مشالي، لن تسمع منه تراث غنائي بل هو تراث يدوي هواه منذ الصغر، بعد أن اكتشف هواية إعادة تدوير الأشياء إلى أشكال تراثية تتنوع ما بين أدوات بحرية، وموسيقية، وغيرها.
يقول عبده: “أنا فنان شعبي ربنا إداني الموهبة، أطوع في أي حاجة في إيدي خشب أو صفيح أو حديد إلى شكل جمالي”، مشيرًا إلى أنه تخصص في صنع التراث الشعبي البورسعيدي مثل مراكب البحر والصيد، وكل ما يخص البحر والصيادين والرمل.
وقال عن مهرجان التراث المصري، إنها المرة الثانية التي يشارك فيها بالمهرجان الذي يتسع لأكثر من فن ومحافظة، لكنها لوحة تراثية فنية متكاملة.
ورق البردي
فى الركن البعيد الهادئ، يبعد الحج عاطف سليمان، عن كل ما يسبب له إزعاج من صوت سيارات أو أحاديث جانبية، ليجلس مع أصدقائه الذين اختارهم بعناية ودقق في صنعهم، وعمل على اصطحابهم من محافظة الشرقية إلى شارع المعز.
الرسومات على ورق البردي هي الحرفة التي يعمل بها الفنان عاطف سليمان، 58 عامًا، من مركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، منذ أن كان فى سن 22 تقريبًا، ليقضي أكثر من 30 عامًا في هذه الحرفة، والتي تعلمها عن طريق الصدفة قائلًا: القرية التى ولدت بها كان بجوارها قرية تسمى “القرموص” ويوجد بها فنان تشكيلي اسمه أنس مصطفي رحمة الله عليه، قام باقتراح فكرة زراعة ورق البردي، لينشئ بعد ذلك مصنع ويضم فيه شباب القرية والقرى المجاورة، وهنا أصبحت أعمل بالمصنع فترة حتى تعملت الحرفة.
يوضح سليمان عن الحرفة، أنها تمر بمراحل عديدة منها زراعة الورق، ومن ثم طبعه برسومات تتنوع ما بين فرعونية وقبطية وإسلامية، ثم الرسم على الخطوط البارزة ليظهر الشكل المطبوع، ثم تأتي مرحلة الألوان والتى يستخدم فيها ألوان “مائية” نوع إيطالي، مضيفًا أن الرسومات على ورق البردي مأخوذة من كتب خاصة بالتراث في أشكاله الثلاثة، والتى لا يستطع أن يغير من ملامحها ولكن بوسعه أن يبتكر فى الألوان.
480 رسمة فرعونية يقوم بالعمل عليهم، بالإضافة إلى الرسومات الأخرى، ليوضح الفنان أنه من الورق البردي ينتج براويز زينة وهدايا تذكارية وكروت أفراح وغيره، ليؤكد قائلًا: “بعمل كل المقاسات شهادة التقدير، وكروت الفرح، وشغل القبطي والإسلامي كالعشاء الأخير، والرحمة المقدسة، والسيدة العذراء”.
فيما ينوه عاطف، بأنه حاليًا يملك أتيليه خاص به هو محور حياته يعمل به طوال اليوم، بالإضافة إلى محل لعرض منتجاته من ورق البردي، طالبًا من الدولة العمل على إتاحة فرصة لعرض المنتجات من خلال المشاركة فى المعارض وتوفير منافذ بيع.
فيما تذكرت إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار – في تصريحات صحفية – أن الاحتفالية هذا العام تم تخصيصها للتراث الأفريقي بمناسبة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي وإعلان 2019 عام أفريقيا في مصر، مشيرة إلى أن الاحتفالية تتضمن معرضًا للحرف التراثية يتم تنظيمه بشارع المعز، وتشارك به مجموعة من الدول الأفريقية مثل: (إريتريا، والسودان، وجنوب السودان، والمغرب، وتونس، وجزر القمر، ونيجيريا، والكاميرون ومالي)، إلى جانب فلسطين كضيف شرف.
وأضافت صلاح، أنه يشارك من مصر مجموعة من كليات الفنون التطبيقية والفنانين التشكيليين وكبار فناني الحرف التراثية، الذين يمثلون مناطق مختلفة مثل (النوبة، وسيناء، والواحات، وبورسعيد، والقاهرة وغيرها).
بجانب مهرجان التراث المصري الأفريقي، نظم ببيت السحيمي، احتفالية باليوم العالمي للتراث، شملت عدد من الفقرات الفنية لفرقة النيل، من طبل بلدي وتنورة وفرق نوبية.