د.جلال عبادة: جليلة القاضي.. علمتنا الكثير

عرفت الأستاذة القديرة جليلة القاضي أولا في عام 1994 “عن بعد” في بداية دراستي للدكتوراه عن المدن العربية التاريخية من خلال نشاطها البحثي في جامعة تور بجنوب فرنسا وقت أن كانت تعمل بأهم معهد متخصص لدراسة العمران في العالم العربي وقتها، ولم تعرف بمتابعتي لأعمالها البحثية. وتشرفت بمعرفتها “شخصيا” ثانيا بعد انتهاء دراستي وعودتي للوطن حينما قامت هي بإدارة مشروع بحثي حول التراث المعماري المشترك للبحر المتوسط بين القاهرة وحلب ISMARMED حيث نظمت مع الصديقة الأستاذة الدكتورة سحر عطية وآخرين مؤتمرا مهما لم يتكرر مثيله عن نفس الموضوع وقدمت فيه بحثين تم قبولهم بقبول حسن اختارت إحداهما (عن ذاكرة الشوارع التاريخية) للنشر في كتاب خاص صدر عن مكتبة الإسكندرية.
***
وتوطدت معرفتنا في مناسبات مختلفة خاصة، وخصوصا عند تأسيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري الذي شاركت أنا في تأسيسه لمدة ثلاث سنوات من (2002-2005) ولم تبخل هي بالنصيحة والرأي السديد. وتابعت دراساتها البارزة مثل “جبانة القاهرة التاريخية” و”التحضر العشوائي” ودراستها المهمة عن “تحولات المركز في القاهرة” وأبحاث متعددة عن التراث المعاصر في القاهرة وفي العالم العربي… تعلمت منها الكثير من الدروس… واستمر تواصلنا وتبادل الأخبار بعد أن أقمت بالخارج لسنوات طويلة إلى أن استقريت بالوطن وجمعتنا صداقة ممتعة لأعزاء كثيرين مثل أستاذتي العزيزة دكتورة سوسن نوير شفاها الله وعافاها.. وأستاذي وصديق الغالي طارق نجا رحمة الله عليه وأستاذنا الدكتور نزار الصياد، وصديق العمر طارق المري وغيرهم كثيرين، وتداخلنا مع أصدقاء عديدين في بعض أنشطة ومبادرات التراث المعماري المصري، وخصوصا في هموم كارثة هدم الجبانات التراثية، وإزالة أجزاء كبيرة وغالية من تراث العمارة الجنائزية المصرية التي استمرت شامخة لقرون طويلة حتى وقتنا الحالي.
***
لم يقتصر تعلمي وتعلم الكثيرين من “جليلة” أهمية أصالة وأمانة البحث والأسس العلمية، ومدى أهمية الدراسة والمعرفة الجادة في توعية المجتمع وفائدته.. وإنما تعلمت وما زلنا نتعلم منها الكثير في الاجتهاد والتفاني والإخلاص في العمل، مع إعجابي المستمر لما تتصف به من الشجاعة والجرأة والقوة في إبداء الرأي الحر، وما دام صادقا وأمينا واعيا بقيمته وأهميته ومهما كان مخالفا للسائد.
كل سنة وأنتٍ بكل خير عزيزتي جليلة.. عمر مديد وعام جديد من الرضا والصحة والعافية.
اقرأ أيضا:
ملف| «جليلة القاضي».. 75 عاما في مواجهة القبح
جليلة القاضي: المتمردة الساخرة
أمنية عبدالبر تكتب: جليلة، أستاذتي وصديقتي
د.داليا الشرقاوي تكتب: علمتني الجرأة في التجوال