مونيكا حنا تكتب: «جليلة».. مثلي الأعلى

أعتبر نفسي -دائما- من المحظوظين لأنني تعرفت على الدكتورة جليلة القاضي، فهي بالنسبة إليَّ مثل أعلى في مجال الحفاظ على الآثار والتراث المصري. وهي ليست مجرد أستاذة جامعية، ولكنها دائمًا تدافع عن التراث والآثار المصرية دون أية مواربة، وعادة ما تكون خطواتها الجريئة في الدفاع عن تراثنا بدافع الغيرة، مهما كلفها ذلك من مشكلات قد تتعرض لها. أتذكر أنني حضرت لها العديد من المحاضرات حول أهمية الحفاظ على الجبانات. ولكنني عرفتها في كثير من المواقف الإنسانية والشخصية. فهي تدافع دائمًا عن كل من يعملون معها في مجال حفظ وتوثيق تراث مصر.
لكن على الجانب الآخر، فهناك جانب لا يعرفه الكثيرون عن جليلة، وهو خفة دمها. فهي تمتاز بحس الدعابة دائمًا، حتى في أصعب الأوقات. لذلك، أحاول دائمًا أن ألتقط منها مثل هذه الصفات، لأنها عادة ما تبحث عن الضوء مهما بدت العتمة من حولنا. فقد علمتني من خلال طريقة تعاملها مع الحياة فهي تأخذ الأمور ببساطة. لذلك، ومع مرور الوقت، عرفت أن علينا أن نضحك ونبتسم دائمًا، مهما كشفت لنا الحياة عن وجهها السيء.
***
وصحيح أيضًا أن تخصصي بعيدًا عنها، ولكنني أحببت التراث الإسلامي من خلال قراءتي لكتاباتها. أتذكر أنني قرأت لها كتاب «عمارة الموتى: مقبرة القاهرة في العصور الوسطى»، وهو كتاب موسوعي، عبارة عن مسح شامل ومذهل بصريًا لمقبرة القاهرة الكبرى في العصور الوسطى. إذ يغطي جميع مناطق الجبانة، سواء المباني الحجرية الفخمة بقبابها ومآذنها المزخرفة، وصولًا إلى أبسط الهياكل الخشبية. كما يوثق إعادة الاستخدام الحديث للمقبرة من قبل العائلات التي أنشأت مساحة للمعيشة بين القبور وعمارة الموتى.
وينقسم الكتاب إلى قسمين. إذ يقدم القسم الأول لمحة عامة عن تاريخ وعمارة الجبانة. أما القسم الثاني فهو مسح تفصيلي للمناطق المختلفة في المقبرة. الكتاب غني بالصور والخرائط والمخططات، وهو مرجع أساسي لأي شخص مهتم بتاريخ وعمارة القاهرة.
وهنا أريد أن أبعث لها برسالة وأقول لها بمناسبة عيد ميلادها الـ75: «كل سنة وانتِ طيبة يا دكتورة جليلة، وكل سنة وأنتِ دايمًا شادة على إيدينا علشان منفرطش في تراثنا».
اقرأ أيضا:
ملف| «جليلة القاضي».. 75 عاما في مواجهة القبح
جليلة القاضي: المتمردة الساخرة
أمنية عبدالبر تكتب: جليلة، أستاذتي وصديقتي
د.داليا الشرقاوي تكتب: علمتني الجرأة في التجوال