«أصوات عربية في صناعة الأفلام».. ندوة في مهرجان الإسماعيلية الدولي

شهد اليوم الثالث من الدورة الـ26 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة عدة فعاليات، منها ندوة بعنوان «الأفلام بعيدًا عن نشرات الأخبار»، تناولت كيفية نقل الصورة التسجيلية بعيدًا عن الإطار الإخباري التقليدي. شاركت في الندوة، عندليب عدوان، إعلامية وناشطة حقوقية من فلسطين، وإيليان الراهب، مخرجة لبنانية. بينما أدار النقاش الكاتب الصحفي والناقد الفني زين العابدين خيري.

في البداية تحدث زين العابدين عن أهمية الأفلام التسجيلية في توثيق الأحداث الإنسانية بعيدًا عن التغطية الإخبارية السريعة، مشيرًا إلى أن السينمائي الذي يعيش تحت القصف قد يتساءل عن دوره خارج نقل الأخبار، ليجد لنفسه دورًا أعمق وأكثر ارتباطًا بالواقع والإنسان.

الصوت الفلسطيني 

عبرت عندليب عدوان عن امتنانها لمشاركة الصوت الفلسطيني في مهرجان الإسماعيلية، وقالت: “أنا معجبة بعنوان الندوة لأن هذا النمط من الأفلام نقوم بالعمل عليه في مركز شؤون المرأة. ولكن بمسمى مختلف عن مسمى الندوة”. مضيفة أن المركز ينتج الإعلام بأشكال مختلفة من الإذاعة والبودكاست والبرامج الحوارية. ولكن الأفلام التي ننتجها تركز على حياة الناس بعيدا عما نراه في غرف الأخبار. ومنذ عام 2007، ننتج أفلاما، ولكن الأفلام التي حققت نجاحا هي الأفلام التي وثقت الحروب أو ما بعد الحرب. وهناك أنواع أخرى مثل قضايا البطالة والعنف ضد المرأة، ولكن التناول الفني كان متوسطا.

وأشارت إلى أن التحديات التي تواجه صناعة الأفلام كبيرة، خاصة تلك التي تتعامل مع السلطة، كبيرة ومبتكرة، موضحة أن الحرب خلفت تحديات كبيرة، وأن هناك صعوبة في العمل، خاصة في السنوات الماضية وحتى الآن. وأوضحت عدوان أنه خلال عملها في مركز شؤون المرأة، لاحظت أن الإعلام كان يتعامل مع الضحايا كأرقام دون التعمق في تفاصيل حياتهم وأحلامهم، مشيرة إلى أن التغطية الإعلامية كانت تركز على أخبار السياسيين فقط، ما دفعهم إلى إنشاء مؤسسة شؤون المرأة عام 2006 لتوثيق قضايا النساء، لكنها واجهت تحديات سياسية ورقابية بعد الأحداث السياسية في غزة.

وتقول: “السينما في فلسطين كانت تواجه صعوبات شديدة، خاصة بعد الأحداث الأخيرة. حيث تعرض المشاركون في صناعة الأفلام إلى التهجير والنزوح عن منازلهم”. وتابعت: المؤسسة وثّقت 30 فيلمًا وثائقيًا عن معاناة الصحفيين الفلسطينيين، لكن بعض القصص لم تُنشر بسبب القيود السياسية في غزة. كما تحدثت عن التحديات التي تواجه صناع الأفلام الوثائقية. سواء من الاحتلال الإسرائيلي أو من الداخل الفلسطيني. لافتة إلى أن بعض القضايا مثل الاعتداءات الجنسية داخل الأسر واجهت منعًا رقابيًا حال دون عرضها.

الصوت اللبناني  

وتحدثت إيليان الراهب خلال كلمتها عن تجربتها في تصوير معاناة الشعوب في لبنان وفلسطين، مؤكدة أن الإعلام اعتاد تقديم الشعوب المتضررة كضحايا فقط، دون التعمق في حقيقة الأحداث.

وأضافت أن تنوع مصادر تمويل الأفلام يساعد على الاستقلالية، مما يتيح للمخرجين تقديم رؤيتهم بحرية أكبر. كما شددت على أهمية تجسيد الهوية في الأفلام التسجيلية، مشيرة إلى أن فيلمها عن “محمد الدرة” يعد من أبرز الأعمال التي وثّقت الهوية الفلسطينية، داعية إلى إتاحة الفرصة لجميع الأفلام دون قيود رقابية.

وفي نهاية الندوة أكد زين العابدين خيري أن هناك مغالطة شائعة بأن ما يُعرض في الإعلام المرئي هو وثائقي بحكم طبيعته. مشيرًا إلى أن كل عمل إعلامي يحمل بصمة صانعه، ويختلف تأثيره وفق رؤية المخرج والمحرر. كما شدد على الدور الذي تلعبه المهرجانات السينمائية، مثل مهرجان الإسماعيلية ومهرجان الإسكندرية، في دعم الأفلام الوثائقية ومنحها مساحة أكبر للوصول إلى الجمهور. مما يساهم في تقديم رؤى بديلة عن السرد الإخباري التقليدي، وإبراز القصص الإنسانية من منظور أعمق وأكثر تأثيرًا.

الصوت المغربي

كما تحدث المخرج المغربي هشام فلاح في محاضرة عن دوره كمدير فني لمهرجان سلا الدولي لسينما المرأة. بالإضافة إلى إدارته لمهرجان أكادير الدولي للفيلم الوثائقي “فيدا دوك”.

ويعد “فلاح” من الأسماء البارزة في المشهد السينمائي المغربي، فهو مخرج ومصور درس في مدرسة “لوي لوميير” في باريس. وقد كتب وأخرج فيلمين قصيرين هما “الانتباه” و”بلكون أتلانتيكو”، كما أنجز ثلاثين فيلمًا وثائقيًا، معظمها لمحطات تلفزيونية فرنسية.

وعرض خلال المحاضرة فيلمًا بعنوان “في رأس اللص”، وهو أحد المشاريع التي قدمها الطلاب المشاركون في إحدى الورش التي يشرف عليها. حيث يعكس الفيلم الحياة اليومية لأحد الأفراد في المجتمع المغربي. إلى جانب مجموعة من المشاريع الأخرى التي أنجزها طلبة ورشته. وتأتي مشاركته ضمن برنامج مخصص لتكريم رواد السينما التسجيلية في العالم. حيث قدم رؤيته وتجربته الفنية إلى جانب أسماء بارزة مثل المخرج الأمريكي روس كوفمان والمخرج الكاميروني جان ماري تينو.

يذكر أن المهرجان يقيمه المركز القومي للسينما سنوياً، ويُعد مهرجان الإسماعيلية الدولي، الذي انطلقت أولى دوراته عام 1991، واحدًا من أعرق المهرجانات السينمائية في المنطقة. حيث يتميز بتركيزه على الأفلام التسجيلية والقصيرة، مما يجعله منصة بارزة للأعمال ذات الطابع الفني المتميز، وداعمًا رئيسيًا للمواهب الجديدة في مجال السينما.

اقرأ أيضا:

«السينما التسجيلية وحفظ الذاكرة».. في ثاني أيام مهرجان الإسماعيلية الدولي

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر