«السينما التسجيلية وحفظ الذاكرة».. في ثاني أيام مهرجان الإسماعيلية الدولي

تناولت ندوة «السينما التسجيلية وحفظ الذاكرة» في ثاني أيام مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الـ26، دور السينما في توثيق الأحداث وتسجيل التاريخ البصري للأجيال القادمة. كما استعرض المشاركون أهمية الأرشيفات في الحفاظ على التراث البصري.
شاركت في الندوة الدكتورة هدى الصدة، أستاذة بجامعة القاهرة ورئيسة مؤسسة المرأة والذاكرة، والدكتورة مروة الصحن، مديرة مركز الأنشطة الفرنكوفونية بمكتبة الإسكندرية. بينما أدار الندوة الكاتب والناقد الصحفي محمد شعير، رئيس تحرير موقع «باب مصر».
ندوة السينما التسجيلية
في افتتاحية الندوة، تحدث محمد شعير عن السينما، مشيرا إلى أنها إحدى الوسائل المهمة للحفاظ على الذاكرة. وأضاف أن أول فيلم سينمائي مصري تم إنتاجه في عام 1923 “برسوم يبحث عن وظيفة”، حيث كان “برسوم” يتجول في فترة العشرينيات. من خلال هذا الفيلم، أصبح لدينا وثيقة مهمة جدا للقاهرة، تشمل ملابس الناس، وأشكال الشوارع .
وأشار إلى مبادرة «باب مصر» لتوثيق تراث حديقتي الأورمان والحيوان، والتي تم تنظيمها لطلبة كلية الفنون الجميلة. تم عرض اللوحات الفائزة في مهرجان الإسماعيلية منذ عامين، وتعد هذه اللوحات من الوثائق المهمة لشكل الحديقة قبل إغلاقها.
مشروع “المرأة والذاكرة“
وقالت الدكتورة هدى الصدة -خلال كلمتها- إن مؤسسة المرأة والذاكرة تولي اهتماما كبيرا بتاريخ المرأة. وتحولت من خلال مشروع “المرأة والذاكرة” إلى أرشيف كبير ومتنوع. وأضافت الصدة أنه في أواخر التسعينيات، قاموا بعمل أرشيف يتضمن التاريخ الشفوي للنساء المصريات. مع التركيز على النساء الأوائل في القرن العشرين. مثل أول دفعة تخرجت من جامعة القاهرة، واللاتي عملن طبيبات ومهندسات، ومهن مختلفة في الثلاثينيات والأربعينيات.
وتابعت: لدينا مجموعة متنوعة من اللقاء والمقابلات، تحكي تجاربهن الشخصية والتاريخ الاجتماعي، وتستعرض تفاصيل غير موجودة في التاريخ الرسمي، وآخر مشروعاتهن كان “السينمائيات المصريات”، وهو عبارة عن مقابلات مع سينمائيات مصريات، حيث تم تصوير 18 فيلما وثائقيا عن السينمائيات.
مشروع سينمائيات مصريات
وشهدت الندوة عرض فيلم بعنوان “توثيق تجارب سينمائيات مصريات: أرشيف التاريخ الشفوي للنساء”، حيث تحدثت المخرجة تهاني راشد، عن مشوارها السينمائي.
وقالت آية يوسف، مصورة ومخرجة وإحدى المشاركات في مشروع “السنيمائيات المصريات”: “بالنسبة لي كل مقابلة كانت بمثابة ماستر كلاس بتعلم فيه، فرصة رهيبة للتعرف عن قرب على الناس اللي أثرت فيا وعمرنا ما أتقابلنا، ويمكن كمان مقابلة المخرجة تهاني راشد، من أحلى الحاجات اللي حصلت”. وعبرت عن سعاتها كونها جزءا من المشروع “السينما والذاكرة”، لأنها كانت تخشى كونها قررت أن تكون صانعة أفلام، لكنها من خلال المقابلات اكتشفت أنها ليست الوحيدة، وأن هؤلاء الرواد لا يزال لديهم أحلام يطمحون لتحقيقها.
واستكملت الدكتورة هدى الصدة حديثها عن تطوير المحتوى لحفظ الذاكرة النسائية من خلال حلقات بودكاست ومعارض بناءً على المقابلات التي أجرتها مؤسسة المرأة والذاكرة. وأشارت إلى أن فكرة المعارض كانت وسيلة مهمة لإتاحة المعلومات التاريخية بطريقة جميلة، وأكدت أنه تم تنظيم معرضين: الأول لـ”وداد متري”، التي قدمت وثائق مهمة، وتمت رقمنتها وعرضها على الموقع. أما المعرض الثاني فكان يضم مقتنيات السيدات ووثائق قيمة، مثل عرض الفستان الخاص بالممثلة هند رستم. واختتمت حديثها بأن الحفاظ على الأرشيف يمثل تحدياً كبيراً، ما يستدعي توفير نسخ رقمية متعددة يتم تحديثها باستمرار لضمان استدامة المحتوى.
السينماتك والأرشيف السينمائي
من جانبها، تناولت الدكتورة مروة الصحن، موضوع “السينماتك والأرشيف السينمائي”، مشيرةً إلى أهمية الأرشيف السينمائي في حفظ التراث البصري والسينمائي. ودور السينماتك في دعم الباحثين وصنّاع الأفلام التسجيلية.
وكشفت عن مبادرة لتدريب الطلاب على النقد السينمائي باللغة الفرنسية، حيث يقومون بكتابة مقالات نقدية، ويتم اختيار أفضلهم لحضور مهرجانات سينمائية كجائزة تشجيعية، مثل مهرجان مرسيليا، ومهرجان الأقصر، ومهرجان الإسماعيلية. وأوضحت أن المبادرة توسّعت هذا العام لتشمل طلاباً من سبع محافظات. بهدف تعزيز وعيهم بمجال السينما.
واختتم “شعير” الندوة بالإشارة إلى أن الباحثين يواجهون صعوبات في الوصول إلى الأرشيف من المؤسسات الرسمية. ما يجعل المؤسسات الشعبية والبديلة، مثل بعض المكتبات والمبادرات المستقلة، مصادر مهمة للمعلومات. وأكد أن التقنيات الرقمية الحديثة قد تعاني من فقدان البيانات مع مرور الزمن. مشيرا إلى أهمية وجود وسائل لحفظ الأرشيف من الضياع. خاصة مع التحذيرات من “العمى الإلكتروني”. أي فقدان البيانات الرقمية لفترات معينة بسبب التطور التكنولوجي المستمر.
ورشة صناعة الفيلم الروائي القصير
كما شهدت الفعاليات ورشة صناعة الفيلم الروائي القصير بمحاضرة تمهيدية مكثفة حول كيفية كتابة السيناريو. قدّمها كاتب السيناريو محمود خليل. تناولت المحاضرة أسس اختيار الفكرة المناسبة ومواصفاتها الفنية. إلى جانب استعراض مراحل كتابة السيناريو وفق ترتيب يضمن الوصول إلى عمل محكم ومتقن الصنع. كما قدم خليل للحضور منهجية عملية تساعد على تحويل الأفكار إلى نصوص سينمائية قوية. مع التركيز على البناء الدرامي وتطوير الشخصيات.
يذكر أن المهرجان يقيمه المركز القومي للسينما سنويا. ويُعد مهرجان الإسماعيلية الدولي، الذي انطلقت أولى دوراته عام 1991، واحدًا من أعرق المهرجانات السينمائية في المنطقة. حيث يتميز بتركيزه على الأفلام التسجيلية والقصيرة، مما يجعله منصة بارزة للأعمال ذات الطابع الفني المتميز. وداعمًا رئيسيًا للمواهب الجديدة في مجال السينما.
اقرأ أيضا:
انطلاق مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الـ26