الحفاظ على المباني التراثية في المواثيق الدولية (1-2)
نفاجئ بين الحين والحين بهدم مباني تراثية من العصر الحديث تحمل ذاكرة الأمة، سواء كانت جبانات أو منطقة أثرية أو مَعلَم ثقافي تاريخي. ويتعلق الأمر برؤية البعض والمسؤولين عن أهمية ومغزى المباني وأحقيتها في الحفاظ عليها، وهل تندرج تحت مسمى أثر أو مبنى تاريخي ومن يحدد ذلك.
في مصر، تخضع المباني التراثية والأثرية لقانونين: أحدهما يتبع حاليا لوزارة السياحة والآثار، والآخر يتبع لوزارة الثقافة. فالمباني والمواقع الأثرية تخضع لقانون الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته أعوام 2010 و2018 و2020، حيث ينظم القانون اشتراطات تسجيل المباني والمواقع الأثرية، والتي يجب أن يتوافر فيها عدة معايير، بجانب المعيار الأشهر “مرور مائة عام على الأقل على بناء الأثر”. فيجب أن يحمل الأثر قيمة أثرية أو فنية أو أهمية تاريخية.
كما نشيد هنا بدور لجنة حفظ الآثار العربية القديمة، وهي لجنة أُسست سنة 1881، بهدف الحفاظ على الآثار الإسلامية والقبطية في مصر، وظلت تعمل حتى حُلت سنة 1961. وكان منوط بها؛ 1) إجراء اللازم لجرد وحصر الآثار العربية القديمة التي يكون فيها فائدة صناعية أو تاريخية، 2) ملاحظة وصيانة تلك الآثار ورعاية حفظها من التلف، وإخبار نظارة الأوقاف بالتصليحات والمرمّات المقتضى إجراؤها فيها مع إيضاح المهم منها، 3) النظر في الرسومات والتصميمات التي تُعمل عن المرمات اللازمة لهذه الآثار والتصديق عليها وملاحظة إجراء تلك المرمات، 4) إجراء حفظ رسومات جميع الأشغال التي تنتهي بكتبخانة الأوقاف وإعلان النظارة المذكورة عن القطع التي تتخلف عن العمارة ويلزم نقلها للأنتيكخانة لأجل حفظها به.
***
ويختص حاليا قانون التنسيق الحضاري (وزارة الثقافة) 144لسنة 2006، كما تنص المادة الثانية في فقرتها، على أنه يحظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز المرتبطة بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية أو التي تمثل حقبة تاريخية أو التي تعد مزارًا سياحيًا، وذلك مع عدم الإخلال بما يستحق قانونًا من تعويض.
وعلى الرغم من مجهودات جهاز التنسيق الحضاري في تسجيل المباني التراثية طبقا للقانون، فإن إمكانياته التنفيذية والتعارض مع بعض أجهزة الدولة الأخرى وملاك المباني التراثية وغياب التنسيق بين وزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة، خاصة بعد أن كانت شؤون الآثار تتبع وزارة الثقافة، ثم دمج الآثار مع وزارة السياحة، لأن مجال السياحة يختلف في توجهاته عن الجهات المختصة بالآثار والتراث.
كما أن الفصل التعسفي بين الآثار كتراث مادي والثقافة الشعبية المتوارثة من حكم وقيم وممارسات مجتمعية، وإهمال دور المجتمع المدني والأهالي في إدارة التراث بكل أطيافه للصالح العام في إطار التنمية المستدامة بشقها الاقتصادي والمجتمعي والبيئي يؤدي إلى أضرار جسيمة، أهمها محو أو تشويه الذاكرة المجتمعية أو التغافل عن مغزى وأهمية هذه الذاكرة في الحفاظ على التواصل الثقافي عبر الأجيال، وتفهم الأسباب والظروف المجتمعية التي يتشكل من خلالها وعينا بالمسار التاريخي الذي نرى من خلالها أنفسنا والآخرين والمستقبل.
***
يناقش المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS) الإيكوموس الذي ينعقد 13-15 نوفمبر القادم في البرازيل “إعادة النظر في ميثاق فينيسيا- نظرات نقدية وتحديات معاصرة Revisiting the Venice Charter: Critical Perspectives and Contemporary Challenges”.
إيكوموس منظمة عالمية غير حكومية تركز على الحفاظ على مواقع التراث الثقافي وحمايتها. تأسس المجلس في عام 1965، ويعمل على تعزيز تطبيق اتفاقية التراث العالمي وتوفير الخبرة في مجال الحفاظ على التراث. ويلعب المجلس الدولي للآثار والمواقع دورًا مهمًا في تقديم المشورة لليونسكو بشأن ترشيحات قائمة التراث العالمي، ويشارك في برامج ومبادرات مختلفة لحماية التراث الثقافي في جميع أنحاء العالم.
وقد طلب المجلس مني القيام بمداخلة عن نظرة مقارنة للمواثيق الدولية المعنية بالمباني التراثية لإعادة النظر في ميثاق فينيسيا – A cross-cutting approach between conventions، يشارك فيها فرانشيسكو باندريان، المدير السابق لمركز اليونسكو للتراث العالمي. وأبادر بطرح مداخلتي لما تلقيه من ضوء على إشكاليات عديدة، عادة ما تتناولها صفحات التراث والثقافة فى الجرائد المختلفة، وآخرها كان عن إعادة “تأهيل وتطوير منطقة درب اللبانة من جانب صندوق التنمية الحضرية التابع لرئاسة مجلس الوزراء، وما دار من مناقشات حول ما يجري تنفيذه حاليا وما سيتم القيام به مستقبلا، ويشمل تحويل الخرابات إلى وحدات سكنية، وورش للحرفيين وفندق محلي، وساحة للأطعمة أو أسواق للخضروات والفاكهة.
***
وهنا يجب التنويه بأنه قد صدر قرار إنشائه بدلا من صندوق تطوير المناطق العشوائية، وهو يعمل مستقلا عن وزارة الآثار والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وله مجلس إدارة خاص به وبدأ العمل به في ديسمبر 2021. حسب ما جاء في “المصري اليوم” (01-12-2021) أن الصندوق يسعى لإعادة إحياء القاهرة التاريخية، وهدفه الحفاظ على المباني الأثرية وذات القيمة، من خلال الترميم وإعادة استخدامها، وإحياء النسيج العمراني التاريخي للمنطقة، مع حصر الأنشطة غير الملائمة لطبيعة المنطقة التاريخية، وتخصيص أماكن بديلة لها، أو تشجيع أصحابها على تغيير النشاط، إضافة إلى التأهيل والإحياء العمراني وإعادة البناء الانتقائي المتسق مع النسيج العمراني.
وقد تم البدء بالمرحلة العاجلة للمشروع، بإعادة التأهيل العمراني لـ5 مناطق، هي: المنطقة المحيطة بمسجد الحاكم، منطقة باب زويلة، منطقة حارة الروم، المنطقة حول ميدان القلعة، والمنطقة المحيطة بمسجد الحسين. تعرضت د. نايري هامبيكيان، الخبيرة في الترميم المعماري، التي اختيرت من الصندوق لتطوير درب اللبانة، المجاورة للقلعة، إلى إشكالية الأصالة وما يحدث من تغيرات وإضافات أو إزالات في الفترات التاريخية اللاحقة للإنشاء، كما تعرضت لأهمية استطلاع رأي السكان المحليين ومشاركة الشباب في الترميم، ودور “الرعاة” في المطالبة ببناء أكشاك تجارية، وأهمية تعريف الزائر بالحكايات التاريخية عن الأمراء والسلاطين، وخطورة تحويل المناطق التاريخية لمشاريع سياحية على حساب السكان المحليين والزوار المصريين. وتطرح فكرة أن يشارك الأهالي في إدارة الموقع. كما يتضح من مداخلاتها أن الترميم في أزمة لأن من يقومن به من خريجي كليات الآثار يفتقدون التدريب العملي (أخبار الأدب 20 أكتوبر 2024، العدد 1630، ص 11-14).
***
ولحسن الحظ أن هذه الإشكاليات ليست مسألة آراء شخصية، وأن هناك اتفاقيات دولية يمكن الاسترشاد بها في أعمال الترميم، مع مراعاة أن الاهتمام في الماضي كان منصباً على الترميم، ولكن الترميم حاليا لا يتم إلا من خلال معارف مجتمعية وتاريخية لا تهتم فحسب بتاريخ الأمراء والسلاطين، ولكن بالمتغيرات الحياتية من اقتصاد وتجارة وثقافة وفنون ومعتقدات وتحولات تساهم في انتقال المجتمع من مرحلة إلى أخرى. وقد شهدت منطقة درب اللبانة الكثير من هذه المتغيرات والمستحدثات، ومن أهمها في العصر الحديث تجمع الفنانين والمعماريين بها، مما أعطاها طابعا خاصا كمونمارتر القاهرة، بالإضافة إلى العمق التاريخي الذي تمثله من عهد خمارويه (883-895) وابن طولون (868-883) إلى عصر محمد علي والخديوي إسماعيل.
وكان احمد ابن طولون قد بنى عاصمته القطائع من قبة الهواء ومكانها قلعة الجبل، إلى جامع ابن طولون ومن “الرميلة” تحت القلعة إلى مشهد زين العابدين. ويؤدي ميدان الرميلة إلى درب اللبانة. وبعد أحمد ابن طولون جاء ابنه خمارويه الذي جعل الميدان، وهو أقدم ميادين مصر، بستانا زرع فيه الأشجار والنخيل والرياحين وعمل المساقي والفساقي وجعل فيها جداول وزودها بالحيوانات الأليفة والمتوحشة (ميدان الرميلة وما حوله من آثار، محمد الششتاوي، 2024، دار الآفاق العربية، ميدان الرميلة وما حوله، أحمد الشاذلي، مكتبة الآداب).
وأرى أن هذه المعالم التاريخية التي اندثرت في حاجة إلى التذكير به من خلال الحديقة المقترحة وأن تستبدل الأكشاك التجارية بعرض لما كان عليه الميدان من خلال الصور التاريخية والحكايات مع الاستعانة بالواقع الافتراضي والمعزز Virtual and Augmented Reality.
***
وكان تجمع الفنانين في ما كان يعرف سابقا بدار الملاطيلي، الذي أنشأه عمر الملاطيلي وشقيقه إبراهيم في الثامن عشر الميلادي، وعرف فيما بعد بمنزل علي لبيب، والذي شغله المعماري المصري العالمي حسن فتحي منذ الستينيات لمدة ثلاثة عقود، ليقترن البيت باسمه قبل أن يصبح بيت المعمار المصري. اجتذب بيت الفنانين الكثير من الفنانين من المصريين والمستشرقين سواء للإقامة به أو جعله مرسما لأعمالهم، كما اتخذ بعضهم استوديوهات بجوار بيت الفنانين منذ أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، وكان أولهم بيبي مارتان، موسكا نيللي، محمد ناجي، راغب عياد، جمال كامل، رمسيس يونان، لبيب تادرس، محمد ناجي، زكي بولس، سند بسطا، ميلاد فهيم، لويس فوزي، منير كنعان، محمد ضياء الدين، رؤوف عبد المجيد، عبد الغني أبو العينين، شادي عبد السلام، عبد الفتاح الكيال، عبد السلام الشريف.
كما أقام في البيت من رواد السيريالية رمسيس يونان والشاعر إدمون جابيس. وكان يقابل بيت الفنانين بيت “هندية”، وبه مراسم للفنان ممدوح عمار والمعماريين محمد مهيب ونبيل غالي وأحمد ربيع وغيرهم . كما أقام في بيت الفنانين الروائي والصحفي فتحي غانم. ولعلنا لا نغفل هذا البعد الثقافي الهام لهذا الدرب الفريد في إعادة إحياء درب اللبانة حتى يعود قبلة للفنانين ومحبي الفنون، يزخر بالجالريهات و الأنشطة الفنية من ندوات وعروض وورش عمل. علما بأن الفنانين كانوا يقتنون الأثاث ومنتجات الحرف التقليدية من البيوت المملوكية والعثمانية، والتي يمكن أن يضمها متحف محلي. في عام 1942، أقام أحد الفنانين (يوري ميلوسلافسكي) معرضا من هذه المقتنيات في باحة المنزل. كما كانت تقام في ايونات وأحواش البيت حفلات موسيقية، وحلقات ذكر وإنشاد وأمسيات فنية، وتقدم أكلات شرقية (عن علا سيف، منازل قديمة وتيارات عصرية-تجمعات الفنانين في القرن العشرين، الراوي، العدد 8، 2016).
***
كما يتميز درب اللبانة أيضا بـ”تكية البسطامي”التي تعود إلي القرن الـ13، والتي تم ترميمها في 2018. نالت التكية رعاية الملك “الناصر محمد بن قلاوون”، ثم الملك “الظاهر جقمق”، وظلت تخدم هدفها إلى ما يقرب من 90 عاما وتعود تسمية التكية إلى أبو يزيد البسطامِي (188 – 261 هـ)، وهو من أوائل المتصوّفين المسلمين، لُقب بـ«سلطان العارفين» من أهل السنّة والجماعة، وكان صديقا لذي النون المصري.
وهذا التراث الصوفي بالدرب ينبغي أن يكون محل اهتمام خاص كمركز ثقافي للتعرف على تاريخ الحركات الصوفية المصرية، ودور ذو النون المصري والبسطامي في تشكيلها. بالتأكيد يجب أن يحظى هذا التراث الثقافي بأهمية خاصة بالمقارنة بأسواق الخضروات والفاكهة والأكشاك التجارية، والورش الحرفية التي توجد في أماكن أخرى في حي الجمالية وشارع المعز في القاهرة التاريخية. وفي هذا الصدد وفي سياق ما طرحته نايري هامبيكيان، نعود إلى ميثاق البندقية ومتلاه من اتفاقيات دولية. كان ميثاق البندقية في عام 1964 علامة بارزة في الجهود المبذولة لحماية المباني “التاريخية” و”الأثرية”، وهو ما ندرجه في سياق “المباني التراثية” ليشمل أيضا المباني التقليدية الشعبية vernacular، والحفاظ عليها. وكان له دورا فعالا في تنشيط الحوار حول مبادئه، وتتعلق إحدى القضايا الرئيسية بمن ينبغي أن يُعهد إليه بتعريف ما ينطبق عليه مسمى المباني التاريخية أو الأثرية وتحديد اللوائح اللازمة لحمايتها والحفاظ عليها.
***
وقد نوقش هذا في اتفاقية فارو (2005) التي تنص على أن “لكل فرد… الحق في الاستفادة منها والمساهمة في إثرائها“. [المادة 4]. وفي الممارسة العملية، هناك بالفعل أمثلة لأفراد أصبحوا ملتزمين بحماية وإعادة تأهيل وإحياء المباني التاريخية، كما في حالة بيت يكن في الدرب الأحمر، وبعض بيوت قرية حسن فتحي بالقرنة، غرب الأقصر، في حالة تقاعس أو تباطؤ أو إهمال الدولة أو مؤسسات التراث المحلية والعالمية في القيام بذلك أو كاستكمال لدور هذه المؤسسات.
ومن نافلة القول إن الشراكة بين المؤسسات العالمية والمنظمات الدولية والجامعات والجمعيات المهنية والسلطات الوطنية والمجتمعات المحلية والأفراد المعنيين بالأمر، وكل من هو معني بالحفاظ على التراث أمر مرغوب فيه. لذلك، أود أن أؤكد على ضرورة وجود إطار للحوكمة governance يجمع بين جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين في جميع مراحل توثيق وحفظ وحماية وإحياء وتثمين التراث المعماري. ومن وجهة نظري الخاصة، فإن دور المجتمع المدني والمهنيون في مجال التراث والمجتمع المحلي له أهمية قصوى، وخاصة في تثمين وتفسير interpretation and valorization قيم المباني ودلالاتها التاريخية والمجتمعية. ولا ننسى أن هناك دور هام للمثقفين والمفكرين في انتقاء وتعظيم والتعريف بالتراث الذي قد لا يحظى بالاهتمام كما كان الحال في تراث مصر القديمة الذي نبه إليه محمود مختار وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم ونجيب محفوظ.
***
كما أن إحدى القضايا الرئيسية المتعلقة بتعريف التراث الأثري والتاريخي للمباني والمنشآت في ميثاق البندقية تحتاج إلى مراجعة أيضاً. لأن اتفاقية التراث العالمي لعام1972 تعترف فقط بـ”الأنصاب الأثرية ومجموعات المباني والمواقع”monuments, groups of buildings and sites. ومع ذلك، فإن معيار “القيمة العالمية” universal value في تلك الاتفاقية مقيد للغاية ولا يأخذ في الاعتبار الأهمية القومية أو المحلية والنسبية الثقافية، وهو معترف به في وثيقة نارا للأصالة ومع ذلك، فإن التركيز في ميثاق البندقية على البيئة الحضرية أو الريفية وكذلك السياق التاريخي / الثقافي والأعمال “المتواضعة” من الماضي التي لها أهمية ثقافية، وليس فقط الأعمال الفنية “المتميزة” أمر جدير بالثناء.
ويمكن أن يضاف إلى ذلك أهمية المشهد (اللاندسكيب) الثقافي والطبيعي cultural and natural landscape الذي تقع فيه المباني والمواقع، بما يتوافق مع المبادئ التوجيهية التشغيلية لليونسكو لتنفيذ اتفاقية التراث العالمي لعام 1992، والتي اعترفت بشكل كامل بالمناظر الطبيعية الثقافية كمورد ثقافي قيم.
***
وفي مؤتمر آخر عقد في البندقية (2006) تحت رعاية الشبكة الدولية للبناء التقليدي والهندسة المعمارية والتخطيط الحضري (INTBAU). كان الهدف الرئيسي هو توفير إطار نظري من شأنه أن تكون المباني والإضافات المستجدة في انسجام مع محيطها التاريخي. وقد يكون من المفيد في هذا الصدد التأكيد على مفهوم “البيئة المبنية”Built Environment. وغالبًا ما يستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى المباني في سياق محيطها والبنية التحتية العامة والنقل والمساحات المفتوحة، فضلاً عن المزيد من الموضوعات المتعلقة باستخدام الأراضي والبيئة والممارسات الاجتماعية والقيم الثقافية.
ويسلط هذا المفهوم الضوء على أهمية النهج متعدد التخصصات يشمل مجموعة واسعة من التخصصات في إدارة وحفظ البيئة المبنية، بما يتجاوز حدود الهندسة المعمارية والجغرافية والآثار. وتتوافق هذه المفاهيم مع ما جاء في ميثاق إيكوموس لأسس تحليل وترميم وصون التراث المعماري 2003 ICOMOS Charter –Principles for the Analysis, Conservation and Structural Restoration of Architectural Heritage الذي ينادي بإتباع منهج متعدد التخصصات في الحفاظ على التراث المعماري وتعزيزه وصونه وترميمه، كما ينص على أن الاحترام الواجب لجميع الثقافات يتطلب أيضًا أن يتم النظر إلى تراثها المادي في السياق الثقافي/الحضاري الذي ينتمي إليه.
ومن الأسس التي جاءت في هذا الميثاق أن قيمة التراث المعماري لا تكمن في مظهره فحسب، بل أيضًا في سلامة جميع مكوناته كمنتج فريد من نوعه لتكنولوجيا البناء المحددة في عصره. وعلى وجه الخصوص، فإن إزالة الهياكل الداخلية والحفاظ على الواجهات فقط لا يتناسب مع معايير الحفاظ.
اقرأ أيضا:
التراث بين الهوية والعولمة والإصلاح(2)