بيت التراث.. فرصة جديدة لـ«لململة» التراث المصري المهدر
خلال احتفالية كبيرة بمناسبة مرور 20 عامًا على توقيع مصر لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي مع منظمة اليونسكو، افتتحت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، ونوريا سانز، المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو بالقاهرة، «بيت التراث» بمركز الحرف التقليدية بالفسطاط. حيث من المقرر أن يجمع بداخله الأرشيف الوطني للتراث الثقافي غير المادي.
انطلقت فعاليات الاحتفال بتدشين «بيت التراث» بمناسبة افتتاحه رسميًا. حيث أقيم معرضًا للفنانة الراحلة إكرام عمار بعنوان «رحلة العائلة المقدسة» وتم عرض مجموعة من أهم الأعمال التشكيلية التي قامت بها الفنانة الراحلة، والتي توثق مراحل متعددة من رحلة العائلة المقدسة. يعد المعرض فرصة مميزة للجمهور لاستكشاف وتقدير إبداعات الفنانة الراحلة وتفسيرها للتطورات التي مرّت بها العائلة المقدسة عبر العصور.
منتجات الحرف التراثية
وبجانب معرض «رحلة العائلة المقدسة» تم تخصيص معرضًا آخر للخط العربي وهو مستمد من نتاج مدرسة الفنان خضير البورسعيدي لفنون الخط العربي والزخرفة. حيث تضمن المعرض تشكيلة متنوعة من الأعمال الفنية التي تبرز جمالية الخط العربي وفنه. كما تم استعراض منتجات الحرف التراثية ومنها مبادرة «صنايعية مصر» من خلال عرض تشكيلة متنوعة من الحرف التقليدية المصرية، مثل النسيج والخياطة والخزف والنحت والمعادن.
تراث حي
وفي كلمتها أكدت نوريا سانز، المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو، أن افتتاح بيت التراث المصري هو لحظة تاريخية. حيث أشارت إلى أن التراث الحي يوفر معنى في الحياة اليومية للمجتمعات، وأنه يعزز الشعور بالهوية والاستمرارية والانتماء الذي يربط المجتمعات معًا ويساهم في رفاهيتها.
وأضافت: قبل 20 عامًا، لم يكن مفهوم التراث الحي وأهمية صونه جزءًا من السياسات الثقافية الوطنية في جميع أنحاء العالم. إذ تم توجيه اهتمام السياسة إلى التراث المادي المنقول أو العمراني. وكان الحفظ يتركز بشكل حصري تقريبًا على المعالم التاريخية أو المواقع أو الأشياء أو التراث المادي. إلى أن قدم اعتماد اتفاقية التراث الثقافي غير المادي في عام 2003 تحولًا كبيرًا في النهج متعدد الطبقات للتفكير والممارسة التراثية. وهو الأمر الذي تهدف إليه اتفاقية التراث الثقافي غير المادي حيث تسعى لحماية التراث الحي، وتعزيز أهمية صونه، واحترامه.
صون التراث
الدكتورة الدكتورة نهلة إمام، مستشار وزيرة الثقافة لشؤون التراث غير المادي ورئيس مجلس أمناء «بيت التراث» تحدثت لـ”باب مصر”. وقالت: “بيت التراث سيكون بمثابة مكنز للأرشيف الوطني غير المادي. فنحن نأمل أن تستفيد منه كافة القطاعات المختلفة. كما أنه سيحدث تعاون بيننا وبين المحافظات المختلفة لتسجيل التراث بداخلها وحفظه. والأهم من ذلك أننا سنتيح ما نمتلكه للباحثين المهتمين. كما سنسعى من خلاله لإقامة الفعاليات المستمرة سواء المحلية منها أو الدولية بهدف تعريف الجمهور المصري بتراث هذه الثقافات. وتعريفهم بالأزياء الشعبية والأطعمة الخاصة، التي تعكس تنوع التراث الثقافي غير المادي داخل مصر”.
لملمة الأرشيف الوطني
وأضافت إمام: كان من الضروري أن نلملم الأرشيف الوطني المتناثر من خلال جهة واحدة، لأن ذلك يتناسب مع مكانتنا وهويتنا. فبيت التراث ظل لسنوات حلمًا بالنسبة لكثير من المصريين، خاصة الباحثين والفنانين، لأنه سيمكننا من توثيق تراثنا مثل الأغاني، والأمثال الشعبية، والعادات والتقاليد، والرقصات، والأطعمة، والزى الشعبي، داخل مكان واحد.
وعن دور مجلس أمناء بيت التراث أوضحت أن دوره الأساسي وضع إستراتيجية عمل. بالإضافة لدوره المعني بتنفيذ إجراءات صون التراث، والتي تتضمن التوثيق، والترويج للتراث، وإعادة إحياؤه.
يقول الدكتور طارق صالح، عضو مجلس أمناء بيت التراث وعميد كلية الفنون والتصميم بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب: “هذه الخطوة انتظرنا أن تكتمل منذ سنوات. افتتاح البيت جاء نتيجة لمحاولات كثيرة سابقة حاولنا دومًا أن ترى النور، فعملية جمع التراث غير المادي في مكان واحد، رغم بساطتها كطرح. إلا أنها كانت تواجه بكثير من العقبات المستمرة، لكننا نجحنا في النهاية من تحقيق الأمر. فأغلب المحاولات السابقة لم تكن منسقة أبدًا بل كانت محاولات فردية إلى حد كبير”.
خطوة استباقية
يؤكد صالح أن دور مجلس أمناء بيت التراث هو وضع إستراتيجية كاملة للحفاظ على التراث غير المادي. ويقول: “نريد أن نقف أمام الدول التي تتخذ خطوات استباقية لتسجيل تراث نمتلكه بالفعل؛ وبالتالي فهذه الخطوات الاستباقية التي كانت تتخذ من بعض الدول كانت تمنعنا من تسجيل تراثنا الثقافي غير المادي في المحافل الدولية”.
ويضيف: البيت يهدف أيضًا لوضع إطار وخطة لإستراتيجية إدارة التراث الثقافي، نظرًا لتنوعه الشديد. وهذا الأمر يتطلب جهد كبير من جميع المؤسسات والمتخصصين، فالمجموعة المختارة في مجلس الأمناء هم أفضل من يمثلوا تراثهم غير المادي. وعلى الرغم من صدور القرار منذ ما يقرب عشرة أيام إلا أن هناك رغبة حقيقة لإنجاح المشروع بشكل كامل، وإزالة كافة العقبات.
إستراتيجية عامة
وعن مدى استفادة بيت التراث من الجهات المستقلة المعنية بجمع وتوثيق التراث أوضح طارق، أن البيت مفتوح لكافة المتخصصين في التراث، لكن الأمر سيتم تنظيمه ووضع أطر محددة له. فنحن نحتاج لجميع الشركاء، بل ونسعى لمساعدتهم لإنجاز المطلوب.
واختتم حديثه: “ما يهمنا خلال الفترة الحالية هو وضع الإستراتيجية العامة للعمل. وهذه الإستراتيجية من المفترض أن يتم التصديق عليها من جانب وزيرة الثقافة. لذلك اعتقد أنها ستدعم لحد كبير رؤيتنا، كي نصل في نهاية الأمر لصيغة مرضية للجميع. من خلال وضع إطار قانوني للتعامل مع بيت التراث”.
للاشتراك في خدمة باب مصر البريدية اضغط على الرابط التالي:
اقرأ أيضا:
بتمويل من اليونسكو.. إطلاق مشروع حصر الحرف التراثية بالقاهرة التاريخية